24-07-2019 01:49 AM
سرايا - لا يمكن "إنكار” أن مواقع التواصل الاجتماعي تتسبب بطريقة وأخرى بازدياد حالات الطلاق، لأسباب عديدة، إذ أن الكثير من الأشخاص لا يتوانون عن نشر تفاصيل خاصة عن حياتهم على هذه المواقع، لأخذ آراء الأصدقاء. ليس ذلك فقط، إنما تصيب العديد من النساء مشاعر غير لا إرادية أحيانا وهن يراقبن حياة غيرهن على هذه المنصات، معتقدات أنها "حياة وردية” لا تشبه تلك التي يعشن فيها مع أزواجهن، ما يؤدي إلى السعي وراء الطلاق، لغياب القناعة بحياتهن الحالية.
"البخل” كان السبب الذي دفع الثلاثينية ليلى لطلب الطلاق، معتقدة أن ذلك القرار سيمنحها كل ما فقدته وما لم تحصل عليه خلال زواجها، وفق قولها.
باشرت ليلى في رفع دعوى الطلاق بعد حديث مطول مع إحدى صديقاتها على "فيسبوك” إذ قامت أيضا بمشاركة أصدقائها بمنشور يحكي عن حياتها الجديدة بعد حصولها على الطلاق وكـأنها ولدت من جديد.
سيارة جديدة وسفر وعمل.. تروي ليلى تفاصيل حياة صديقتها بعد حصولها على الطلاق بعد زواج دام عشر سنوات، ومشاركتها لصور عديدة تعكس جمال حياتها الحالية، لذلك قررت أن ترسم حياتها الجديدة لتشبهها، متناسية العادات والتقاليد المختلفة بينهما والحالة الاجتماعية المختلفة لأسرة صديقتها.
بعد عدة جلسات ومحاولات محامي العائلة إقناعها أن سبب الانفصال يمكن معالجته وأنه لا يمكن إسقاط تجارب الآخرين على حياتها، لذلك قررت التراجع عن طلب الطلاق بعد أن فكرت مطولا، مقررة أن تعطيه فرصة أخرى.
ويعتقد كثير من النساء والرجال أن قصص النجاح يمكن أن تحقق بمرحلة ما بعد الطلاق، إذ أن البعض وجد أن الزواج عقبة كبيرة في الحياة والطلاق هو الخلاص والسبيل الوحيد لتحقيق الطموح والأحلام، متجاهلين ما يمكن أن يتسبب به من آثار اجتماعية ونفسية مدمرة على أسرهم وفق خبراء.
"معظم صديقاتي اللواتي حصلن على الدكتوراه مؤخرا مطلقات”.. بهذه الكلمات بدأت الثلاثينية سهام أحمد تبريرها أخذ هذا القرار، سيما وأنها تجد الزواج سببا في عدم قدرتها على تحقيق أحلامها والوصول إلى طموحاتها التي كانت تتمنى أن تحققها قبل الزواج.
"البيت والزوج تسرق كل حياتك وتبقى حياة المرأة في النهاية مسلوبة للبيت والاطفال والرجل”، معتقدة أن قرار طلاقها صائبا حيث أصبح لديها الكثير من الوقت لنفسها، لأحلامها وطموحاتها وحتى بناء مستقبلها.
ويتعمد البعض إغراق مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار وتفاصيل ربما تكون وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، لوصف "الحياة الوردية” مع الشريك واللحظات التي تجمعهما، وفق الأربعيني خالد الحياري، معبرا عن استيائه من المبالغات التي يكتبها بعض الأصدقاء لديه على منصات التواصل.
يضيف "ما يزيد الطين بله عندما يكون الصديق او الصديقة مشتركة بين الزوجين فتزيد التلميحات من كلا الطرفين”، وتبدأ المشاحنات والمقارنات، ويصور البعض حياته وكأنها جحيم قد تنتهي بطلاق عندما تتفاقم.
بيد أن تجاهل الكثير من الأزواج وجود أطفال بينهما والآثار النفسية والاجتماعية التي تلحق بالعائلة بعد الطلاق، تجعل استقرار الكثير من الأسر على المحك، وفق الخبير الأسري مفيد سرحان، مؤكدا على أن الطلاق ليس الحل الأمثل.
ويتابع لا يوجد إحصائيات دقيقة عن مدى تأثر مواقع التواصل وتكنولوجيا الاتصالات على الاستقرار الأسري، وتزايد نسب الطلاق في المجتمع الأردني، إلا أنه من خلال متابعة العديد من الحالات التي تعاني من المشكلات الأسرية سواء من طرف المرأة او الرجل بمركز العفاف للاستشارات الأسرية، تبيَن أن هنالك تأثيرا كبيرا للتواصل الاجتماعي سواء على العلاقات بين الزوجين والآباء مع الأبناء والعلاقات الاجتماعية العامة.
يقول السرحان "الاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي وعدم مراعاة الضوابط الاخلاقية يؤثر سلبا على العلاقات الاجتماعية”، متابعا أن كثيرا من الازواج يقضون وقتا طويلا على هذه الوسائل على حساب العلاقات الاسرية والزوجية.
ويجد سرحان أهمية تحقيق مصلحة الاسرة عند التعامل مع هذه الوسائل، وتبدأ بالضوابط الذاتية من الشخص نفسه، بحيث يمتنع عن إرسال أي محتوى ينتهك خصوصية الآخرين أو عدم نشر أو تداول محتوى فيه إساءة لأن الضابط الذاتي هو المحرك الأقوى في هذا الموضوع.
ويجد سرحان أهمية إشاعة ثقافة الحوار داخل الاسرة وبين الزوجين واعطاء مساحة اكبر للحوار والتعامل وجها لوجه داخل الاسرة والتقليل من المدة الزمنية التي يقضيها الفرد مع مواقع التواصل.
ويشير سرحان إلى أن كل قضية أسرية واجتماعية لها خصوصيتها، ومن المفيد مراجعة اختصاصي بالعلاقات الأسرية، وعدم الانسياق وراء ما تكتبه الكثير من صفحات مواقع التواصل والحلول التي تطرحها، وهنا يأتي أهمية الوعي عند كلا الزوجين ودور المؤسسات بالحد من هذه المواقع والصفحات.
المحامي الشرعي والناشط في حقوق المرأة الدكتور عاكف معايطة يستغرب من أشخاص يكتبون تفاصيل حياتهم الزوجية على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، حيث خرج استخدام تلك المنصات من الإطار العام إلى الحديث بأشياء خاصة، مبينا أن أسرار البيوت وتفاصيلها وحتى المشاكل والخلافات أصبحت وكأنها "متاحة” أمام الجميع.
ويذهب معايطة إلى ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي أخبار غير حقيقية وهناك بعض الأزواج يحبون ايصال رسالة تفيد بأن حصولهم على الطلاق شكل لهم بداية لحياة جديدة، وهم في الواقع عكس ذلك.
ويبين أن الطلاق قد يتسبب بكثير من الأحيان بتدمير الحياة الأسرية، وتشتيت وضياع الأسرة، خصوصا مع وجود الأطفال، فيصبح الإنسان يتجمل ويكذب على نفسه لإيهام من حوله انه سعيد بقراره وانها بداية جديدة، فقط ليبرر المنحدر الذي وقع فيه.
وينوه معايطة بأن كثير من السيدات يطلبن الطلاق بناء على تجارب غيرهن، وقصص النجاح لبعض النساء اللواتي يؤكدن على أن الزواج كان عقبة في طريقهن في الماضي واختلفت الآن الحياة، بالرغم من أن ذلك لا يعكس أحيانا الصورة الصحيحة.
ويؤكد معايطة أن "ليس كل ما يكتب صحيحا”، ولا يتوقف ضرر الطلاق على الأولاد فحسب، وإنما على المرأة، لذلك ينبغي النظر للجوانب الاجتماعية قبل القانونية، وأن لا تأخذ تجربة الغير، فالبعض لديه أسرة داعمة للمرأة بعد الانفصال، في حين أن هناك أسرا أخرى تجعل من الطلاق مقبرة لها ونهاية الدنيا.
يؤكد محامي طلاق بارز، يدعى جيمس سيكستون، في كتاب جديد صدر له حديثا وفق ما نشر على مواقع الكترونية، أن وسائل الإعلام المجتمعية هي العامل الرئيسي وراء حالات الطلاق.
ويقول الكتاب "إنه عامل كبير جداً الآن، ويزداد سوءاً كل يوم بسبب الأشخاص الذين يحتفظون بالشؤون الخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
الغد