حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 11649

" التأمين الصحّي ومُكابدة الاعتلالات"

" التأمين الصحّي ومُكابدة الاعتلالات"

" التأمين الصحّي ومُكابدة الاعتلالات"

28-07-2019 02:43 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عبدالحافظ الحوارات

تقول القصّة الأمريكيّة المغلوطة أنّ رجلاً فقيراً جدّاً كان يعيش في أمريكا. أراد ذلك الرجل أنْ يُغيّر قَدَرَهُ لِيُصبح غنيّاً في ثمانية أيّام، وبالطبع من دون أن يمارس أي عمل شاقّ. كان التحدّي عظيماً، كَتَب النَّصَّابُ إعلاناً في إحدى الصُّحف المحلّية يخاطب فيه القرّاء قائلاً: إذا أردتَ أن تصبح غنيّاً فما عليك سوى إرسال دولار واحد إلى هذا العنوان، وسأقوم لاحقاً بشرح طريقة الثراء وبالتفصيل، وكان العنوان عنوانه. وبعد أيّام من الانتظار أصبح الرجل مليونيراً، وأمسى المُرسلون مُتعطّشين لاستقبال تعليماته بخصوص آلية الإثراء السريع. وضع المليونير في نفس الصحيفة إعلاناً يردّ فيه على زبائنه المنتظرين بفارغ الصبر شارحاً لهم طريقته الاحتيالية. وحينما احتجّ عليه البعض قضائيّاً جاءهم الجواب بصيغة مفادها: القانون لا يحمي المُغفّلين.

وتقول القصّة الأردنيّة المُشابهة والتي تحدث في وطني أنّ التأمين الصحي له قانون يَستَغفِلُ المُستفيدين أيضاً، فيجمعُ من كل واحدٍ من المُغفّلين مئات الدنانير وآلافها من دون أن يمتلكوا بطاقة تأمين صحّي. وهكذا تحوز إدارة التأمين الصحي الحكومي الملايين من غير وجه حق، كيف؟

يُلزمُ نظام التأمين الصحي المدني رقم 83 لسنة 2004 جميع الموظفين المدنيين بالاشتراك في صندوق التأمين واستصدار بطاقة التأمين الصحي الإلزامي، بينما يجعله اختيارياً للذين يحصلون على إجازة دون راتب أو علاوات ممّن يحصلون على عقد عمل خارجي. هذه الفئة الأخيرة من الموظفين هي محور حديثنا والتي قام أفرادها بتسليم بطاقاتهم إلى إدارة التأمين وذلك لعدم حاجتهم إليها بعد مغادرتهم البلاد.

هذا وتدور الأرض دوراتها، ومعها تدور أيضاً صحّة الموظّف وتتقلّب. وقد يضطر بعض المُجازين وأثناء عودتهم المتقطّعة في إجازاتهم إلى ربوع الوطن، وبسبب ظرف صحّي طارئ، للتقدّم بطلب إعادة استصدار بطاقة التأمين الصحي مرّة أخرى. لا بأس، فالقانون يسمح بذلك. كل ما عليك فِعلَهُ للحصول على بطاقة التأمين الجديدة هو أن تدفع الرسم السنوي الذي كان مُقسّماً على شهور السنة الاثني عشر شهراً، فتدفعهُ دُفعة واحدة، وعن كامل العام. إلى هنا والحكاية في غاية العدل والجمال.

ووفقاً لمدة سريان بطاقة التأمين المُستخرجة فإنّها تُعتبر منتهية الصلاحيّة بنهاية ذلك العام المدفوعة رسومه مُقدّماً. وبعد انتهاء صلاحيتها، يقوم الموظف بتسليمها إلى إدارة التأمين الصحي، فيما البعض الآخر يسافر دون أن يُسلّمها، وفي الحالتين تفقد البطاقة فاعليتها وتنعدم وظيفتها الأساسية بحيث لا يستطيع الموظف الانتفاع بها بعد مضيّ ذلك العام. كل ذلك جميل، فأين المشكلة إذاً؟

المشكلة يا سادة يا كِرام أنّ نظام التأمين الصحي يُلزم الموظف وبعد عودته من سِنيّ إجازته الطويلة إلى رأس عمله السابق، يُلْزِمهُ بدفع كامل اشتراكاته عن كامل السنين التي أمضاها مُجازاً خارج الوطن حتى بعد تسليمه لبطاقة التأمين الصحي منذ سنوات عديدة خلت. لا تستهينوا بالمبلغ الذي قد يصل إلى آلاف الدنانير التي يُطالبُ بها الموظف العائد من إجازته حتى تتمّ الموافقة على صرف بطاقة جديدة له ولأطفاله. فما مُبرّر استلاب هذا المال السُّحت من المُجازين وهم لم يمتلكوا بطاقات طيلة تلك السنين يا وزارة الصحة؟ وأتساءل هنا: هل ثمّة فرق بين عمل وزارة الصحة في وطني وعمل المواطن الأمريكي الذي استطاع أن يحوز الملايين من غير وجه حق؟ هل الرابط بينهما تلك المقولة المغلوطة: إنّ القانون لا يحمي المُغفّلين؟ مع أنّ المُغفّلين يُفترض توعيتهم من قِبَل موظّفي إدارات التأمين الصحي في المحافظات والألوية، والذين وجدناهم، مع الأسف، وعند مراجعتنا لهم أنّهم يحملون نفس حالة الغَفلة التي نحملها نحن! إنّ أيّ قانونيّ مُختصّ يعلم تماماً أنّ القانون يحمي الجميع وفي أيّ مركز قانوني؛ أكانوا مُغَفَّلِين أو مُستَغفِلِين.

التأمين الصحي يا سادة مظلّة أمان تنشر ظلال أمنها الصِّحّي على مجتمع الموظفين والمتقاعدين وغير المقتدرين في هذا الوطن العزيز.

ليس جيداً أن تنكشف تلك المظلّة الصحِّيَّة الوطنيّة عن مُغالطات تأتي على هيئة أنظمة مُجحفة، وليس حَسناً أن نعثر على سَوءاتٍ في قوانينها أو أنظمتها، ستؤدي في نهاية الأمر إلى اعتلالات صحيَّة للمنتفعين بدلاً من نشرها لأمان صحي يُفترض أنْ يَكْسِي عوراتهم!









طباعة
  • المشاهدات: 11649
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم