حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,27 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 16929

لقد زرت مقام هارون !

لقد زرت مقام هارون !

لقد زرت مقام هارون !

04-08-2019 03:22 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور محمد ابو عمارة
في عام 1996 دعاني صديقي العزيز علاء أبوعمارة والذي كان يعمل دليلاً سياحياً لزيارة مقام النبي هارون برفقة صديقه الدليل -سليم نعجة- ولأنني كنت قد رافقت علاء لزيارة البتراء أكثر من مرة وذبت في جمال البنيان وضعت في أروقة التاريخ شدني الموضوع كثيراً واتفقنا على تلك الرحلة، استقلينا سيارتنا من عمان صباحاً إلى أن وصلنا صديقنا سليم الذي كان على أتم الاستعداد لتلك الرحلة واصطحبناه مسرعين متشوقين لتلك الزيارة التي أعدّ لها كلاهما كل العدّة فطوال الطريق لم يصمت أي منهما وهما يتادولان موضوع مدينة البتراء وتاريخها وحجارتها الناطقة وأخاديد تلك الجبال شاهقة الإرتفاع الى ان انتهى النقاش عند مقام هارون والذي كانا يزورانه للمرة الأولى حسب ذاكرتي وكانا يعتبران تلك الزيارة من الزيارات المهمة لحياة أي دليل لأن قلة منهم فقط هم من زاروا ذلك المقام...
أنا لم أكن أعرف لماذا يهتم صاحباي كل هذا الاهتمام بتلك الزيارة وهما يمكثان في البتراء أكثر من عمان!!
وصلنا مدينة البتراء فسارع كلاهما إلى حجز فندق بسيط للنوم تسائلت هنا مستغرباً!! ولماذا ننام في البتراء؟!! اجاباني بأن الرحلة شاقة وستستنزف وقتاً طويلاً وسيعود الجميع وقد اعياه التعب، لذا فمن الأفضل أن نؤمن مسكناً نرتاح به قبل أن نغادر صباح اليوم الذي يلي وبالفعل هذا ما كان فقد استأجرنا غرفاً في فندق بسيط للنوم، زهيد الأجر وبدأت رحلتنا مسيراً على الأقدام إلى أن وصلنا مقدمة السيق حيث يوجد خريطة تبين أهم الأماكن الأثرية في مدينة البتراء، وفوجئت لأنني لم أرى مقام النبي هارون من بيها فسألت مستغرباً!! "علاء أين مقام النبي هارون؟!!" فوضع يده خارج الخريطة وعلى بعد كبير وقال لي "هنا!" وغرقنا ثلاثتنا بضحك شديد...
ودخلنا السيق سيراً على الأقدام مسرعين على غير العادة إلى أن وصلنا قصر البنت أو الخزنة وعندها أنبرى سليم للبحث عن صديق له يؤجر لنا الجمال وبالفعل كان شاباً يدعى إبراهيم وكان يملك جملين واتفقنا على ان نتناوب ثلاثتنا على ركوب الجمال ومن هنا بدأت الرحلة الحقيقية حيث ركبنا الجمال وكانت المرة الأولى بالنسبة لي وركب علاء الجمل الثاني وكان الدور على سليم بأن يسير على الأقدام وبدأنا بتسلق تلك الجبال في رحلة يحفها من الجمال والمخاطر الكثير الكثير فالرحلة تعتمد على خبرة السايس -إبراهيم- الذي قادنا في الرحلة نحو الأمل المنشود مقام النبي هارون... مشينا كثيراً قبل أن نرى المقام وبعد مسير الساعتين تقريباً فاجأنا إبراهيم بأن علينا أن نربط الجمال في هذه المنطقة وأن نكمل المسير على أقدامنا كون الجمال لا تستطيع اكمال المسير لوعورة الطريق وخطورتها وبالفعل هذا ما كان وكان الطريق شاقاً جداً وممتعاً جداً إلى أن وصلنا المكان الذي يقطن فيه حارس المقام حيث استقبلنا استقبال الفاتحين وكم كان لطيفاً ومضيافاً وأصر علينا أن نشرب الشاي عنده قبل زيارة المقام، ولكننا وعدناه بذلك بعد أن نزور المقام فأخبرنا بأن المقام لم يزره أحد منذ شهور وبانه يقطن هنا ويتواصل مع الناس مرة بالأسبوع حينما ينزل للمدينة ليشتري الطعام والشراب وكل فترة واخرى يذهب لزيارة عائلته واستمرينا بالتسلق لأن وصلنا لمنطقة عمودية تسلقناها بالأيدي والأرجل وبصعوبة إلى ان وصلنا للمقام حيث تفاجأت شخصياً بانه عبارة عن مسجد صغير مستطيل الشكل تعلوه قبه، وعلى بابه توجد بوابة خشبية قديمة جميلة ويوجد بها مفتاح طويل وكبير الحجم قام الحارس بفتح الباب ودخلنا للمقام الذي يوجد فيه ضريحاً مستطيل الشكل ومغطى بعدد من سجادات الصلاة والسجاد القديم، قال -علاء- للحارس ممازحاً ما رأيك لو أهديتني هذه المفاتيح، فقال له ضاحكاً أيضاً: والله أنا يا بنيي ما في اشي احرسه إلا هالمفاتيح!! أقمنا الصلاة في المقام وصعدنا على سطحه وتصورنا صوراً للذكرى حيث شاهدنا من على سطحه (الدير) وكل البتراء وقبل المغادرة سجلنا اسمائنا في دفتر كبير وجد للزوار وكان عدد من زار المقام قليل وبشكل ملفت، ونزلنا لنحتسي الشاي مع الحارس وبعدها رجعنا إلى الجمال التي كانت تنتظرنا في المكان الذي ربطناها فيه وواصلنا طريق العودة إلى أن وصلنا الفندق الذي لم نستطع أن نمسك أنفسنا سوى دقائق قبل أن نغط في سبات عميق...
قصتي بمشاهدها تمر الآن أمام عيني وانا اشاهد صور اليهود الأنذال وهم يقيمون طقوسهم من نفس المكان كم آلمتني المشاهد وكم أزعجني ذلك فمراحل الوصول للمقام طويلة ورحلته طويلة والمبنى المقام على المقام أصلاً مسجد، ونبي الله هارون بريئ من هؤلاء الخنازير ومن طقوسهم وأهوائهم وأطماعهم...
مدينة البتراء وجميع محتوياتها ومكوناتها عبر التاريخ تأبى وترفض التدنيس، وكم يألمني حقاً أن الكثير ممن اعرف لا يعلمون أين موقع المقام ومما يحزن ايضاً ان بعضهم لا يعرف بان المقام موجود بالأردن اصلاً، نعم هي حرقة في القلب بأن نعلم بأن اليهود يبنون تاريخاً كاذباً لهم ويرسخون هذا التاريخ في عقول أبنائهم، ونحن نسينا تاريخنا العظيم، نعم وجودهم قبل أيام في مدينة البتراء واقامت ما قاموا به هي صفعة قوية لنا، وتطاولهم هذا يدق ناقوس الخطر فأطماع بني صهيون لا تنتهي وسذاجة البعض أو خيانتهم تتساويان في هذه المواقف، فتسهيل أي مهمة لهم هي بمثابة الخيانة بغض النظر عن الممرات.
بقلم الدكتور محــــمد أبوعمارة
مدير عام مدارس الرأي
ومؤسس مدارس كنجستون الدولية








طباعة
  • المشاهدات: 16929
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم