07-08-2019 11:27 AM
بقلم : الدكتور محمد ابو عمارة
دعيت قبل أيام لرعاية حفل تخريج لنادٍ لحفظ القرآن الكريم وقد شرفني القائمون على الموضوع برعاية هذا الحفل وكون هناك عدد من المتسابقين من الإناث اصطحبت معي ابنتي (زين) ذات السنوات الثمان وفي نهاية الحفل وبعد تقديم العديد من الفقرات قمت ومدير المركز بتسليم الميداليات والشهادات والجوائز على مستحقيها، وأثناء ذلك قام مدير المركز بتسليم ابنتي زين ميدالية كونها حضرت معي وانتهى الحفل الأنيق بكل أناقة أيضاً....
اليوم صباحاً وأنا أجهز نفسي للذهاب للعمل شاهدت ميدالية زين "مرمية" بين الأقدام، أمسكتها وقلت: زين، لماذا رميت ميداليتك هذه على الأرض هكذا...
زين: "أسفة بابا.. بس خلص حُطها بالخزانة".
أدركت حينها أن لا قيمة لها عندها، وتذكرت أول ميدالية ذهبية حصلت عليها في بطولة الكراتيه، كنت حينها في الصف السادس وكانت البطولة على مستوى الأندية ولازلت أذكر أدق التفاصيل أسماء الخصوم، النتائج، والتتويج والصور مع راعي البطولة المرحوم "سليمان عرار" وقتذاك....
ولا زلت أحتفظ بالميدالية الى هذا اليوم وأعتبرها من مقتنياتي الثمينة...
مفارقة بين ميدالية زين وميداليتي، لها مدلولات علمتني دروساً في الحياة، فما تحصل عليه بجهدك هو فقط ما تحافظ عليه وأما ما يأتيك هبه أو منحة وبسهولة فبسهولة أيضاً بإمكانك التخلي عنه فكم قصه إبن ضيع ثروة والده التي جمعها طوال عمره في لحظات وكم من لص سرق الملايين... نراه بعد فترة قصيرة يتسكع في الشوارع يبحث عن قوته من مخلفات الآخرين... وكم.. وكم... وكم... وكم من القصص تمتلأ بها الذاكرة....
لذا أنصح الجميع بأن لا يقدم كل شيء لابنائه بل أن تجعلهم يبذلون جهداً في الحصول على الأشياء، فسهولة الحصول على الأشياء يفقدها جمالها وقيمتها وكم من ثري حسد الفقراء على سعادتهم... فكما قيل... خير الأمور أوسطها والإفراط في أي شيء يفسده، الإفراط في الحب يفسده والإفراط في الأكل يفسد الصحة والإفراط في البعد يؤدي للقسوة والإفراط في الزهد يفسد الجسد لذا فلنحاول أن نربط انجاز اطفالنا بالتكريم ولتكن لكل هدية أو لكل تكريم قصة نجاح تسبقه حتى يكون له قيمة وتذكروا دائماً أن أي شيء يحصل عليه الشخص دون جهد سيكون كميدالية طفلتي زين ملقىً على الأرض وأما ما نجتهد للحصول عليه سيكون كميداليتي أنا في الحفظ والصون!!
بقلم الدكتور محـــــــــمد أبوعمارة
مدير عام مدارس الرأي
ومؤسس مدارس كنجسون الدولية