24-09-2019 11:00 AM
بقلم : فهد خشمان الخالدي
تنظير .. اتهام .. اصدار أَحكام .. هكذا نعيش وتعيش فئة كبيرة من سكان هذا الوطن ..!! نُناقش ونستنكر أَساليب الفاسدين في سرقتهم لمُقدراتنا الوطنية، فنتهمهم ونطالب بمحاكمتهم؛ وكأَننا لم نشاركهم أَفعالهم (ضمن استطاعتنا بطبيعة الحال) ..!! وعلى قَدرِ ما تستطيع أَيدينا الوصول إِليه ..!!.
كيف ذلك ..؟؟!!
لأَننا ننظر للأُمور من زاوية واحدة فقط، ونتغافل عن أَشياء كثيرة لا تختلف كثيراً عن سرقة المال العام ..!! فَعَلى صعيد العمل الرسمي مثلاً، فإِن الساعة الأُولى تضيع في شرب القهوة وأَحاديث جانبية أَبعد ما تكون عن صميم العمل ..!! وتذهب ساعات أُخرى في تصفُح (النت) أَو الجرائد، أَو ممارسة بعض الالعاب على جهاز الكمبيوتر، ومن ثم تبادل الزيارات مرة أُخرى ..!! ولا ضَيرَ لدينا إِن استخدمنا كهرباء أَماكن أَعمالنا في تسخين الماء لغاية صنع القهوة أَو ما شابه ذلك ..!! ولا يُصيبنا ذرّة حَرَج إِن استخدمنا سيارات دوائرنا ايضاً لقضاء أَعمالنا الخاصة ..!! ومِن ثم نرفع بعض العَتب عن كاهلنا مِن خلال القيام ببعض الأعمال الرسمية بوقت لا يزيد بمجموعه عن الساعة يومياً في أحسن الظروف ..!! أَوَليسَ هذا فساداً أَو شيء من الفساد على أَقل تقدير ..؟؟!! .
(نلهث) وراء تعيين قريب لنا لغاية المنفعة الذاتية لا أَكثر ..!! فنقبل بذلك ونُجيزُه لمُجرد أَننا نحن مَن سعى إِليه وعَمِلَ به؛ (مع علمنا المُسبق بأَن هذا القريب لن يقوم بأَي عمل يوجب الذكر) ..!! ونُقدم الثناء لمن سهَّل لنا هذا الطريق، ونضرب به المثل بالنخوة والشهامة والفزعة لأَبناء عشيرته؛ بالوقت الذي نعلم فيه تمام العلم بأَنه ساهم في سلب حق غيره في هذا المنصب ..!! وبالوقت الذي يكون فيه هذا (النشمي) أَحد بؤَر الفساد الذي نُعاني ونشكو منه ونكتب عنه باستمرار ..!! أَوَليسَ هذا فساداً؛ ونحن شركاء فيه مع سبق الإصرار والترصد ..؟؟!! .
على صعيدٍ آخر؛ فإِننا نسرق المياه ..!! ونسرق الكهرباء ..!! ونسرق كل شيء يتنفس بهِ هذا الوطن ..!! انطلاقاً من قاعدة أَن مال الدولة (سرقته حلال) ..!! أَوَليسَ هذا فساداً ..؟؟!! فَصِرنا ننظر إِلى مُقدرات هذا الوطن كوسيلة للتنفيس عن غضبٍ أَعمى من خلال التكسير والإِتلاف إِن حدث شيء ما لا يُرضينا أَو يتماشى مع رغباتنا ..!! أَوَليسَ هذا فساداً ..؟؟!! .
تَكادُ أَن تكون جميع تصرفاتنا ككتلة من الفساد الفاضح ..!! ونُطالب بذات الوقت بمحاكمة الفاسدين ..!! (تناقض عجيب غريب) ..!! والسؤال المطروح دائماً هو أَنه لو أُتيحَ لنا ما أُتيح لهؤلاء الفاسدين؛ فماذا سنفعل ..!!؟؟ ولو أُتيحَ لنا المجال لإِشغال منصب ما في مكانٍ ما طالما كان وجبة دسمة لانتقاداتنا؛ فماذا سنقول ..!!؟؟ .
باختصار ... إِن مَن يسرق ورقة؛ لن يتردد بأَن يسرق وطناً بأَكمله إِن أُتيحت له الفرصة لذلك ..!! ومن يُضحّي بذَرَّةٍ واحدة مِما أُؤتمنَ عليه؛ لن يأَبَه بأَن يضحي بشعبٍ بأَكمله إِن اقتضت مصلحته ذلك ..!! .
إِذن، (لنُصلِح أَنفُسَنا أَولاً؛ ليَصلُح لنا الناس ثانياً) ...
======================
( فهد خشمان الخالـــدي )