03-10-2019 09:48 AM
بقلم : د. ابراهيم العابد العبادي
حكومة دولة الدكتور الرزاز لم تستطيع على مدار عام ونصف تقريباً من عمرها، أن تكسب الشارع الاردني، بل اصبحت تتفاقم معضلة فقدان الثقة تدريجياً مع كل تعديل أجراه دولة الرئيس، منذ تشكيلها في حزيران/ يونيو 2018، بعيد استقالة حكومة الملقي، على خلفية الاعتصامات والإضراب المدعوم شعبياً ونقابياً آنذاك... وقد عُّهد للحكومة الجديدة أن تنهض بالمسؤوليات الوطنية الكبيرة والحرجة في ظرف دقيق.. بهدف الإصلاح والتطوير والبناء للمنظومة الوطنية اقتصادياً واجتماعياً.... والسعي لمعالجة قضايا الفقر والبطالة وتكريس مبدأ المساواة في الوصول إلى الفرص بعدالة، وجلب الاستثمارات...الخ... إلا أن صدمة الشارع الاردني كانت قوية وشكلت استياء واسع تجاه حكومة ضمت نصف أعضاء الحكومة السابقة...سبق وأن وصفت على لسان صاحب الجلالة الملك المعظم، بان غالبية اعضاءها نيام باستثناء ثلاث او اربع وزراء.....ورغم التعديلات الجزئية والتجميلية الظاهرية والشكلية الاول منها في تشرين أول 2018، والثاني منها خلال الثلث الاخير من كانون ثاني 2019، والأخير أيار 2019... غير أنها جميعاً لم تفلح ولم تُحدث اية قيمة مضافة بنظر المواطن ولم تقدم شيء للوطن...بل اسهمت بزيادة المديونية وتأزيم المواقف والوقوع بالمحظورات نتيجة قرارات متسرعة وغير مدروسة، ولم تستطيع التعامل مع إدارة ازمات عديدة طوال عمر هذه الحكومة...لا بل أصبحت الحكومة تشكل عبء ثقيل على كاهل النظام والمواطن...وليس أكبر دليل من آليات التعنت اللامنطقي في التعاطي مع قضية اضراب المعلمين الحالي الذي قارب على الشهر دون حل يلوح بالأفق...نعم قد تكون نقابة المعلمين سارعت في التصعيد والوصول الى سقوف الاضراب بوقت قصير... لكن الاخبار التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي...ولم يتسنى لي معرفة مدى مصداقيتها أو صحتها... تشير الى سعي فريق ضم ذوات مشهود لهم من رجال الدولة للحوار مع مجلس النقابة وتقريب وجهات النظر، إلا أن دولة الرئيس رفض الطرح... وأكتفى بشكر جهود الفريق... الذي توصل الى تغيير في مطالبة النقابة خلال الاسبوع الثاني من الاضراب...وهنا أؤكد على عدم التيقن من صحة هذا الخبر المتداول....!!!
حالياً وكما كان متوقع .. تشير الاخبار المتداولة الى سعي الريس لإجراء تعديل وزاري... قد يكون موسع بعض الشيء،... يهدف من خلاله الى إدخال عناصر جديدة أو من قدامى السياسيين...لنزع فتيل الأزمة وتخفيف الضغط الشعبي والنقابي ومرتادي الصالونات السياسية...وكذلك اطالة عمر الحكومة ولو لشهور قصيرة... يصار بعدها الى حل مجلس النواب وإقالة الحكومة..... ومن ثم الايعاز بتشكل حكومة جديدة...والسؤال هنا ؟؟ يرتبط بالعنوان فهل يكون تعديل محدود يشمل عدد من الوزراء الذين يشكلون بؤر التأزيم... أم تعزيل يجُّب ثلة من ثقال حملة الحقائب...وفي كلا الحاليين سيكون هذا الاجراء محدود الأثر في نظر الشارع الاردني...ولن يشكل بالنسبة للمواطن أكثر من مجرد ضربة مقفي، كما هو متعارف عليه في الثقافة والعرف الأردني تحديداً...حيث مثل هذا النوع من استراتيجيات وسيناريوهات ضربة المقفي... يشكل خليط من صفات وخصائص ومميزات تظهر مدى العجز والارتباك وقلة الحيلة والوسيلة ...بل يعّبر عن غياب المنطق ومدى الخوف والانهزامية والاندحار....وبالتالي ستكون نتائج ومخرجات التعديل مجرد ضرب من الاوهام لا يأتي بجديد سواء منح وفتح فرصة وتنفيعات لبعض الاصدقاء والمحاسيب وخدمة المصالح...مما سيشكل ردود افعال تجاه التعديل غير محسوبة العواقب.... فالجميع ينتظر تغير حقيقي بالنهج والسياسة...تغير قادر على إحداث الاصلاح الحقيقي.. يحقق نوع من العدل والمساواة واتاحة الفرص.. يفتح الافاق لأبناء الوطن... يسترد الكرامة المسلوبة...ويعمق مفهوم الانتماء للوطن... نهج ينبع من الدستور ودور الشعب كمصدر للسلطة.
ملاحظة، لتفسير* ضربة مقفي* لمن لا علم له بها...هي تعبير شعبي يعني توجيه ضربة للخصم في اللحظة التي يدير ظهره او قفاه وهو منسحب من عراك....اما مقصودة فهو واسع وعميق.....منها تعبر عن تقديم اعطيات او مواقع او مسميات وظيفية...من قبل مسؤول معين عند الانتهاء من مهامّه أو تغيير موقعه أو فقدانه السلطة.. وخاصة الوظائف الحكومية.
ختماً، يكفينا تبجح بالأخطاء تنُم عن كبَّر وتباهى أجوف... وليس اكثر دلالة عليه من قول الشاعر الراعي النميري: (وَمَا الْفَقْرُ عَنْ أَرْضِ الْعَشِيرَةِ سَاقَنَا إِلَيْكَ وَلَكِنَّا بِقُرْبَاكَ نَبْجَحُ)....والله نسأل أن يرزقنا جميعاً الإخلاص في القول والعمل خدمة للأردن الغالي وأبناءه الطيبين....وعاش الاْردن حرا ابيا.