09-10-2019 09:15 AM
بقلم : الدكتور علي الصلاحين
وكيف وصل المفهوم عن معنى القراءة واهميتها الى الحضيض؟ وهو السؤال الذي ينبغي أن يطرح بصيغة اخرى لماذا تأخر العرب والمسلمون و تقدم غيرهم؛ يتضح ومن خلال استقراء نسب القراءة و القراء في الوطن العربي أن تلك النسب في تدهور مستمر، حيث أن معدل القراءة ينخفض بمرور السنين، فبقارنة صغيرة في حال القراءة بين الأمس واليوم يكفي أن نورد مثالا واحدا، ذلك أن متوسط معدل القراءة في الوطن العربي يقدر بأقل من صفحة واحدة للفرد سنويا في حين أنه كان يبلغ سنة 2013 ما يمكن تعريفه في أن 80 مواطنا عربيا يقرأون كتابا واحدا، و هو رقم يبقى قليل لكنه أعلى مستوى نسبيا مما هو حال القراء اليوم. كيف لمجتمع لا يقرأ أن يتقدم؟ كيف لمجتمع لا يعي اهمية وفوائد القراءة أن يطالع؟ كيف لمجتمع لا يفقه كباره مقاصد القراءة أن ينقلها لصغاره.لقد توالت الجرائم ضد القراءة من طرف أفراد المجتمع عن وعي أو بدون وعي بسبب النوافذ المكسورة التي باتت بسبب الإهمال غير المقصود من طرف أصحابه، والعدوى السريعة الانتقال بين أفراده في صمت .ان نظرية النافذة المكسورة والمحطمة نظرية معروفة في علم النفس حيث دفع انتشار الجريمة بعلماء النفس كجورج كيلينج وغيره الى التفكير في حلول جذرية لتلك المعضلة المجتمعية حتى قادهم التفكير والبحث الجاد الى ابداع نظرية النافذة المكسورة ومفادها أن الجريمة هى النتيجة المحتملة للفوضى، فعندما تكسر نافذة فى بناء ولا يتم تبديلها أو إصلاحها مباشرة، يظن الناس أن أحدًا لا يهتم للأمر فسرعان ما تكسر جميع النوافذ الأخرى، وتنتشر الفوضى من المبنى إلى الشارع الذى يقابله، مع إرسال رسالة بأن كل شىء ممكن.إذا تم اسقاط تلك النظرية على الجانب المعرفي .حيث أن قطار القراءة في مجتمعاتنا العربية قد تحطمت معظم نوافذه وباتت رياح الجهل تدخل على ركابه من كل جانب، وتوالى عبر التاريخ تحطيم زجاج نوافذه في عدوى غير مسبوقة بين أفراده لجهلهم بفوائد القراءة و النتائج المذهلة التي يمكن أن نحصل عليها ولايخفى على أحد أن الكتابة ما هي الا امتداد للذاكرة البشرية، حيث أن الانسان وخوفا من النسيان يُقيٍد معلوماته على ورق الكتب، فتكون الكتب كأنها بمثابة ذاكرة كبيرة لتخزين المعلومات،فجوجل والذي بات مفتاحا كبيرا لخزانات هائلة من المعلومات ليس فقط الكتب الورقية بل و أيضا كل ما يمكن أن يملأعقولناالمعلومات،فالمشكل إذن ليس في ندرة المعلومة كما كان عليه الأمر في السابق، بقدر ما هو في الكسور التي أصابت نوافذ عقولنا فتسرب منها رياح الأفكار السلبية التي تبعدنا عن نسمات الفكر الراقي التي ينبغي أن تتسرب برفق على عقولنا من خلال نوافذ مظبوطة نتحكم في نوافذها.والذي ينبغي التفكير فيه بجد من طرف الفاعلين في حقل التربية والتعليم بمختلف اطيافهم. هو إصلاح ما ينبغي إصلاحه من النوافذ المكسورة في عقول أفراد مجتمعاتنا العربية و هو أمر ليس بالسهل لما يسبقه من جرد لها من أجل ضبطها و حصرها،وخصوصا مع استحضار الإمكانيات الهائلة التي أصبحت متوفرة في عصر التكنولوجيا وعلوم الإتصال.