09-10-2019 09:16 AM
بقلم : المهندس عادل بصبوص
تقول الحكومة أن كلفة علاوة المعلمين التي تم إقرارها مؤخرا تبلغ نحو (65) مليون دينار وسوف تؤدي إلى زيادة عجز الموازنة وأنها بصدد دراسة أفضل البدائل لتوفيرها، نشفق على الحكومة التي غدت في وضع لا تحسد ليه بعد أن وضعت "الحرب" أوزارها وصار لزاماً عليها توفير المخصصات المالية لعلاوة المعلمين الإضافية ضمن موازنة عام 2020، وأية علاوات إضافية لأية قطاعات مهنية أخرى قد تهب لإسترداد "الحقوق المسلوبة" وتنجح فيما نجحت فيه نقابة المعلمين.
لا تشكل قيمة زيادة المعلمين سوى نسبة ضئيلة تقل عن (1%) من إجمالي موازنة الدولة التي تتجاوز تسعة مليارات دينار، ولكنها قد تؤدي إلى زيادة إجمالي العجز في الموازنة العامة بنسبة قد تصل إلى (10%)، ونظراً لإحتمالية وجود عوامل أو أسباب أخرى طارئة غير علاوة المعلمين، قد تؤدي أيضاً إلى مفاقمة العجز في الموازنة والذي أصبح التهديد الأبرز لإستقرار المالية العامة للدولة، تغدو الحاجة ملحة للبحث فعلاً عن أفضل البدائل لتمويل هذه الزيادة غير المتوقعة في النفقات الحكومية الجارية، والتي يجب ان لا يكون أي منها بديل الإقتراض.
يمكن للحكومة أن توفر قيمة العلاوة من خلال تخفيض قيمة بند النفقات الجارية من غير الرواتب لكافة الوزارات والمؤسسات الحكومية بما يوفر القيمة المطلوبة، أقول ذلك وأنا أبن القطاع العام لقرابة أربعة عقود وأعرف كما يعرف غيري أن كثيراً من بنود الإنفاق كالمحروقات والقرطاسية والسفر والضيافة والمتفرقة يمكن خفضها بنسب كبيرة دون أن تتأثر إنتاجية الدولة ومؤسساتها المختلفة قيد أنملة، لماذا الإصرار على الإستمرار في حضور مؤتمرات وإجتماعات أغلبها ذات طابع بروتوكولي إحتفالي بوفود كبيرة تضم وزراء وأمناء عامين ومرافقين، لماذا لا يتم الإكتفاء بشخص واحد فقط وفي الإجتماعات والمؤتمرات الضرورية فقط، لماذا يتم طباعة تقارير ونشرات لا يقرؤها أحد بورق صقيل وصور ملونة، نحن دولة فقيرة ولا نرى مظاهر للفقر في مقرات ومكاتب الوزارات والدوائر الحكومية ولا في سيارات وزرائها ومسؤوليها ولا في رواتبهم وإمتيازاتهم المختلفة، وإن كنا نراها بوضوح في قوائم المعونة الوطنية التي تضم آلاف الأسر، يجب التوقف عن عقد المؤتمرات والندوات وورشات العمل وجلسات "العصف الذهني" التي لم تنجح في تزويدنا ولو بمقترح أو توصية واحدة لحل مشاكلنا الإقتصادية المستعصية، يجب أن نتصرف ونعيش كدولة فقيرة وفقيرة جداً ويجب ان ينعكس ذلك في كافة مؤسساتنا ودوائرنا الحكومية، كما هو منعكس تماماً في بيوت وحياة الآلاف من الفقراء في هذا الوطن، فالمديونية الثقيلة التي تجثم على صدورنا جميعاً لم تنجح في تحويلنا إلى دولة منتجة ولا نجحت في درء العوز والفاقة عن الكثير من المواطنين.
لقد ولدت ونشأت مثل كثيرين غيري في هذا الوطن الصابر في أسرة فقيرة جداً، ولكنها لم تكن أبداً ولو ليوم واحد مديونة لأحد، أب مكافح وأم صابرة مدبرة لم يدخلا مدرسة ولا جامعة، وأطفال تعلموا من إيثار وصبر والديهم، ورضوا بالقليل ولم يقم أي منهم يوماً بإحراج والديه بطلب المشاركة في رحلة مدرسية ولا في فرقة الكشافة لأن ذلك يتطلب ديناراً أو بعض دينار، وهو مبلغ كفيل بتوفير الطعام له ولأسرته في ذلك اليوم، إدارة رشيدة كفؤة لموارد شحيحة جداً فلماذا الإستدانة إذن ....، درس بليغ حري بربابنة إقتصادنا من خريجي هارفارد وكامبرج وأوكسفورد أن يتدبروه جيدا....فهل يفعلون ؟؟؟؟؟!!!