13-10-2019 11:26 AM
بقلم : الدكتور عبدالله ماجد العكايلة
أتيحت لي فرصة قبل يومين لمتابعة جزءا من برنامج هذا انا الذي عرضه التلفزيون الاردني وكانت شخصية الحلقة السيدة ناديا الروابدة مديرعام مؤسسة الضمان الاجتماعي السابق والذي عرضت في جزءا من مسيرتها الشخصية والمهنية التي تدرجت فيها من موظف لخدمة الجمهور الى ان تقلدت مسؤولية المؤسسة برمتها، وقد عجت كثير من اللقاءات والتعليقات على هذا اللقاء الذي سبقه قبل مدة اخبارا في مواقع التواصل الاجتماعي مفاده ان السيدة ناديا الروابدة تتقاضى راتبا يتجاوز العشرين الف دينار شهريا والذي تحتاج معه لايام لسحب هذا المبلغ من الصراف الالي.
في باديء الامر لا انكر اعجابي في اللقاء التلفزيزني الذي تبين من خلاله ان لكل مجتهد نصيب وان اساس العمل هو حبه والانتماء له فهو طريق ربما يوصل للطموح او الهدف، كما وان التعامل المباشر مع الناس يجعلك تعيش حياتهم وهموهم والامهم وان الصعود الى الجبل متعب وبطيء ولكن الجلوس على قمته ليس سهلا رغم متعته واطلالته المثيرة، الا ان المستفز في الموضوع هو اطلاق الاحكام جزافا دونما تبصر او دليل او شهادة.
لا اعرف السيدة ناديا الروابدة ولم التقيها ولاتربطني بها اية صلة سوى ان كثرة الاشاعات او الاخبار قد تقود حتى المثقفين نحو تكوين رأي عام حول اي اشاعة او خبر، ولم تعد وسائل التواصل مصدرا صحيحا او آمنا لاخذ الاخبار او المعلومات، فهي جدران يكتب عليها من يشاء وقتما يشاء وعن اي شخص يشاء في ظل عالم افتراضي قد لاتستطيع معه معرفته او الالتقاء به ومواجهته بما ينشر او يكتب.
وربما من باب الصدفة اني قد التقيت مصدرا موثوقا ومطلعا في مؤسسة الضمان الاجتماعي الذي تكرم مشكورا بتوضيح صورة الرقم المشاع حول راتب السيدة ناديا الروابده فأكد ان هذا الرقم غير صحيح على الاطلاق وانه لايتجاوز ربع هذا الرقم وان هذه السيدة على درجة من الوعي والفهم والانتماء لعملها ووطنها وبسبب تعامل المؤسسة مع جميع الاردنيين فانها انسانية بكل ماتعني كلمة الانسان في وقت عز مثل هذا لدى اغلب المسؤولين ، ولست هنا لابرر او ادحض قيمة رقم الراتب بقدر ما اتكلم عن اغتيال الشخصية التي باتت في وطننا اشبه بعمل الذرائر في بيت الزوجية، فبدل ان نشكر ابن الوطن او بنته الذي ينتمي لعمله ووطنه نقوم بالقفز فوق انجازاته ونصب كيلا من الاخبار او الاشاعات دونما انتباه الى ان ذلك يحطم معنويات صغار الموظفين الذين ربما يصدقون هذه الشائعة او تلك والنتيجة هي الترهل والرجوع بالوطن الى الخلف كما هو حاصل حاليا.
كأي اردني واع ومثقف ومنصف لا ارى ان ناديا الروابة الا بنت وطن عملت بالعمل العام وترقت مثلها مثل غييرها وربما ان يكون قريبك اي كانت صلتك به احيانا اما شحنة تدفعك للعمل بمسؤولية اكبروتحد ليس اقل واما لعنة تطاردك حيثما كنت في عملك ووظيفتك، ومنها مايكون نفعيا وبراغماتيا لايمت للانتماء للوطن بصلة، وفي المحصلة لن يخسر الا الوطن من هذه الشائعات التي تضع العصا في دولاب العمل الذي نحن اليوم اكثر من اي وقت مضى للاستمرار فيه في ظل ظروق قلسية ومرة نعيشها بسبب الفشل الحكومي المتعاقب، لذا فالالتفاف حول جوامعنا واحترام الفروق بيننا هو مايصنع شمعدان الامل لانارة الضوء في النفق الذي نرجو الله ان نخرج منه فننجو ونجو جميعا.