13-10-2019 12:12 PM
بقلم : أحمد محمود سعيد
الارض هبة الله تعالى للإنسان وقال تعالى ﴿هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ﴾ صدق الله العظيم كما قال ﴿سخر لكم ما في السموات وما في الأرض﴾ صدق الله العظيم , لذلك فإن الأرض منها وعليها وفيها معاش الإنسان وإستدامة الحياة , واستمراره فيها واول ما يفكِّر فيه الإنسان هو إستغلال الأرض للزراعة و ولتأمين غذاؤه من ناتجها واستغلال ما فيها من ثروات في باطنها ومياه تجري عليها ولذلك تستغل الحكومات الإمكانات المتاحة والتكنولوجيا المتطوِّرة لمحاولة الوصول للإكتفاء الذاتي والأمن الغذائي .
تُعرَّف الزّراعة بأنّها (عمليّة إنتاج الغذاء، والعلف، والألياف، والوقود عن طريق تربية النّباتات والحيوانات), وترتبط الزّراعة بتطوّر الجنس البشريّ وتَحوُّله من حياة التّنقل، والاعتماد على الصّيد، وجمع النّباتات البريّة لتأمين غذائه إلى حياة الاستقرار، وهي حاليّاَ المهنة الأكثر شيوعاَ؛ إذ تُوظّف 42% من العمّال في العالم.
يعود أصل كلمة زراعة في اللغة العربيّة للفعل زَرَع؛ أي ألقى البِذار في الأرض ، إلّا أنّه قد توسّع ليشمل تربية المواشي أيضاَ .
اعتمد الإنسان البدائيّ في غذائه على الصّيد، وعلى ما يجمعه من النّباتات البريّة، لذلك كان يتجوّل من مكان إلى آخر، ثمّ بدأ البشر بالاستقرار تدريجيّاَ بالتّزامن مع تعلّمهم كيفيّة زراعة الحبوب والمحاصيل الجذريّة قبل ما يقارب 11.500عام، إلا أنّ الاهتمام الحقيقيّ بالزّراعة لم يبدأ إلا منذ ألفي عام فقط؛ إذ توجّه الكثير من البشر للزراعة، ويُعتقَد أنّ السّبب يعود للتغيرات المناخيّة في ذلك الوقت .
مع توجّه البشر لزراعة النّباتات البريّة بأنفسهم، بدؤوا أيضاَ باستئناس الحيوانات البريّة وتدجينها، وقد كانت الكلاب أوّل الحيوانات التي دجّنها الإنسان واستخدمها للصّيد، تلتها الأغنام، والماعز، والأبقار، والخنازير التي كان يتمّ اصطيادها للحصول على اللّحوم والجلود، وبعد تدجينها استُخدِمت أيضاَ كمصدر للحليب ومشتقاته، وللمساعدة في النّقل، وحراثة الأرض , ويمكن تعريف محاصيل الغذاء الرّئيسيّة بأنّها الأغذية التي توفّر نسبةً كبيرةً من احتياجات الفرد من الطّاقة والعناصر الغذائيّة، ومن بين أكثر من 50.000 نوع من النّباتات القابلة للأكل حول العالم، يوجد فقط 15 محصولاً نباتياً يوفر 90% من الطّاقة الغذائيّة التي يتمّ تناولها على مستوى العالم، ومن هذه المحاصيل الأرز والذرة والقمح والخضروات الجذرية .
يعتبر القطاع الزراعي من القطاعات المهمة في الأردن, وتلعب الزراعة دورا هاما في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات الريفية كما ترتبط ارتباطا وثيقا بجهود المحافظة على البيئة الطبيعية واستدامتها.
يواجه القطاع الزراعي في الأردن مشاكل وتحديات متمثلة في تكرار سنوات الجفاف, وتذبذب الأمطار, وقلة الاراضي الزراعية, وندرة الموارد المائية, والمخاطر المختلفة, يساهم القطاع الزراعي بما نسبته 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي ويعمل فيه 3.5% من مجموع القوى العاملة, وتشكل الصادرات الزراعية 11% من مجموع صادرات المملكة، يذهب 92% منها إلى الأسواق العربية, وقد حقق الأردن الاكتفاء الذاتي في عدد من المنتجات الزراعية كزيت الزيتون، واللبن، إلا أن الكثير من المنتجات الغذائية الأساسية كأنواع القمح وبعض مشتقات الحليب والسكر, واللحوم الحمراء والخضراوات تستورد من الخارج.
نمت الصادرات من المنتجات الزراعية بنسبة 36.9% عام 2005 مقارنة بما قيمته 28.2% عام 2004. ومن أهم الصادرات الزراعية هي الطماطم، الزيوت المهدرجة، والسجائر, وأهم الدول المستوردة هي العراق، والإمارات العربية المتحدة، وسوريا .
خلال عقدي الستينيات والسبعينيات، تعاملت الحكومة مع القطاع الزراعي بوصفه أحد الموارد الرئيسية للاقتصاد الوطني، وكان هدفها تنمية هذا القطاع وتطويره, حيث أشارت في «خطة السنوات السبع 1964-1971» إلى أن الزراعة كانت تؤمن فرص عمل لحوالي نصف القوى العاملة في الخمسينيات، وحوالي 35% من القوى العاملة في مطلع الستينيات. وحتى مطلع التسعينيات، كانت الحكومة تتكفل بتقديم البذور المدعومة، وتؤمن المياه بتكلفة مناسبة للمزارعين، حيث أن المياه كانت تتلقى الدعم الحكومي, والأهم أن الدولة كانت تحمي المنتج المحلي بفرضها جمارك على المنتجات المستوردة، مما مكّن المزارع من تسويق منتجاته في الأسواق المحلية، وتصديرها بمساعدة الحكومة , تجلت هذه المساعدة في تأسيس مؤسسة التسويق الزراعي عام 1987، نظرًا لحاجة القطاع لمؤسسة تنظم توزيع وتسويق منتجاته، وأصبحت هذه المؤسسة رسميًا مسؤولة عن «وضع السياسات التسويقية الخاصة بالمنتوجات الزراعية داخل المملكة وخارجها»، وورثت صلاحيات مؤسسات حكومية سابقة اختصت بالتسويق الزراعي , وقد شملت مسؤوليات المؤسسة وضع ومراقبة الخطط الخاصة بتصدير واستيراد المنتوجات الزراعية ، وتحديد أصناف وكميات المنتوجات الزراعية المسموح بتصديرها أو استيرادها ومواعيد التصدير والاستيراد، ووضع المواصفات الواجب توفرها في المنتوجات الزراعية المصدرة أو المستوردة أو المعروضة للبيع في الأسواق المحلية ومتابعة التقيد بتلك المواصفات، والمشاركة في إجراءات تحديد أسعار المنتوجات الزراعية، وإجراء الدراسات والأبحاث المتعلقة بتسويق المنتوجات الزراعية في داخل المملكة وخارجها بقصد تنظيم العملية التسويقية وتطويرها .
ظلت الحكومة حتى منتصف التسعينيات متحفّظة في تعاملها مع صندوق النقد والبنك الدوليين في هذا القطاع , إذ ظلت تقيِّم الوضع الزراعي تبعًا لمشكلات القطاع محليًا، وأهمها تقلب المواسم المطرية بين القلة والكثرة وتأثر هذا القطاع بهذه التقلبات كون الأردن شحيح بالمصادر المائية، وقلة الأراضي الصالحة للزراعة نتيجة لطبيعة الأرض نفسها، وتأثر الأسواق الخارجية بالتقلبات السياسية، خاصة حرب الخليج الأولى والثانية، الأمر الذي تسبب بإغلاق هذه الأسواق أمام المنتج الزراعي الأردني , لكن هذا الوضع تغير في النصف الثاني من التسعينيات، حيث بدأ الأردن فعليًا بتطبيق هذه التوجيهات،وكان أولها قرار حكومي يقضي برفع رسوم المياه وإلغاء جزئي لدعم أعلاف المواشي والبذور وتخلي الحكومة عن دورها في التسويق بإغلاق مؤسسة التسويق الزراعي، مما أدى لأزمة كبيرة في الريف ككل .
صعّبت هذه القرارات تأمين بعض أهم مدخلات إنتاج القطاع الزراعي، أي الماء والبذور، إضافة إلى الأعلاف، بحيث أصبحت كلفتها مرتفعة على صاحب الأرض, والأمر الأكثر تأثيرًا كان انتقال وظيفة التسويق من الحكومة للفلاح نفسه الذي لا يمتلك مهارات التسويق والدعاية، مما ألجأه لتجار معروفين باسم الوسطاء والسماسرة في القطاع الزراعي، وهم مجموعة من المستثمرين الذين يديرون شركات للمنتجات الزراعية, هذه القرارات أدت لحصول تغير جوهري أحال العمل في الزراعة من عمل ينخرط فيه بشكل رئيسي صاحب الأرض نفسه، من خلال مزارعين أردنيين من أفراد عائلته أو يعملون معه بالأجرة، إلى عمل تنخرط فيه بشكل رئيسي الشركات الخاصة , وفضلًا عن تقليص الدعم على المدخلات، وتحويل مسؤولية التسويق للمزارع أو الشركة الزراعية، فقد قلّصت الحكومة الامتيازات التي وفرتها المؤسسات الائتمانيّة المختصة بالزراعة، التي سبق أنْ أتاحت لصغار المزارعين الوصولَ إلى ائتمان رخيص ومدعوم , كان ذلك بتشجيع من البنك الدوليّ الذي دعا إلى تحرير أسعار المنتجات الزراعيّة والتسويق التجاري، معتبرًا أن هذه السياسات كانت ضرورية للتغلب على بعض التشوهات التي مثلتها هذه المؤسسات المتخصصة، التي احتكرت أنشطة معيّنة في السوق وتخصصت في بعض أنشطة الاقتراض والإقراض, بالتالي حلّ التجار محل مؤسسة التسويق التي جرى إلغاؤها، في توفير البذور والأسمدة ورأس المال لفقراء المزارعين، بتكلفة أعلى بكثير, كل هذه التحولات ساهمت في التضييق أكثر على المزارعين، الذين أخفَق الكثير منهم في سداد المبالغ المتراكمة عليهم، خاصة أثناء فترات الجفاف في التسعينيات، لتصادر محاصيل واراضي البعض منهم.
ومع ارتفاع تكلفة الإنتاج مقابل نسبة الربح، باتت الزراعة غير مجدية ماديًا بالنسبة للكثير من المزارعين، ليعزف أهل الريف تدريجيًا عن الزراعة، وتصبح الشركات التي تمتلك رأس المال اللازم وآليات التوزيع والتسويق هي وحدها القادرة على استدامة عملها في القطاع.
إن مساهمات الزراعة في التنمية الاقتصادية مترابطة بحيث أن أي تحسن يطرا على أي منها يعزز من المساهمات الأخرى, فزيادة الإنتاج الزراعي نتيجة تنمية وتطوير الموارد الزراعية أو تحسين الكفاءة الإنتاجية يسمح بتوفير قدر أكبر من الموارد لتنمية وتطوير القطاعات الاقتصادية الأخرى , كما ان الاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها من الأولويات التي تسعى كافة المجتمعات إلى تحقيقها وذلك بسبب ارتفاع المخاطر التي يتعرض لها الإنسان نتيجة تدهور البيئة، وبهذا الخصوص فإن الزراعة تساهم وبشكل كبير في تحقيق التوازن البيئي من خلال تعزيز التأثيرات الإيجابية والتخفيف من التأثيرات السلبية على البيئة .
ووزارة الزراعة هي الجهه المسؤولة عن القطاع الزراعي وتعزيز الإكتفاء الذاتي والتنمية الريفية وربط الإنتاج بمتطلبات الأسواق داخل الأردن وخارجة، ومن مهامها ايضا تعزيز الإنتاج النباتي ومكافحة الآفات النباتية والحفاظ على الحراج والمراعي والمسؤولية كذلك في تنظيم اقامة مزارع تربية أو حيازة المواشي ومزارع تربية الدواجن ومفرخاتها ومزارع تربية الاسماك والبرمائيات وصيد الأسماك وتربية النحل والصحة الحيوانية والحجر البيطري بالإضافة إلى دور الوزارة في حماية الطيور البرية والحيوانات البرية.
تبلغ مساحة الأردن 89 ألف كم2 ومساحة الأرض الصالحة للزراعة منها 10% اي 8.9 بينما الأراضي المستغلة للزراعة هي 3.8 ألف كم2 ومساحة الغابات 1.3 ألف كم2 .
تأسست وزارة الزراعة مع تأسيس أول حكومة في الأردن سنة 1921 في عهد إمارة شرق الأردن،
ويعاني القطاع الزراعي جملة من الصعوبات والأزمات والمعيقات التي تعرض لها خلال الاعوام الثمانية الماضية، خاصة فيما يتعلق بإغلاق الابواب امام صادرات الخضار والفواكه , ويزيد من المعيقات للقطاع الزراعي التغييرات المتكررة لوزراء الزراعة في كل تشكيل حكومي جديد، او تعديل حكومي.وشهدت بعض الاعوام تغيير 3 وزراء زراعة، وذلك بتغيير رؤساء الوزارات وتشكيل حكومات جديدة، او تعديل نفس الحكومة في ذلك الحين، مما جعل من وزارة الزراعة حقل تجارب للوزراء , ويواجه أي وزير زراعة جديد جملة من الملفات العالقة في وزارة الزراعة بدءا من إغلاقات الحدود الشمالية السورية والشرقية العراقية، وتراجع الصادرات والأوضاع الزراعية الصعبة , ولم تحظ وزارة الزراعة منذ تأسيسها، مع نشوء الدولة، بالاستقرار خاصة في العقود الأخيرة ، إذ كثيرا ما كانت بمثابة جائزة ترضية لبعض الأشخاص على حسابات الكوتا الجغرافية والمناطقية للمحاسيب والأصهار والأقارب والأصدقاء , ومع كثرة تغيرات الوزراء وصلت أوضاع الزراعة إلى ما وصلت إليه، فالوزراء يدخلون في الحكومات ويخرجون منها دون أن يعرفوا لماذا دخلوا ولماذا خرجوا
وأدت الظروف السياسية والإقليم المضطرب الى إغلاق الحدود الأردنية لفترة طويلة مع العراق وسوريا، التي تشكل بوابة صادرات المنتجات الزراعية الى تركيا ولبنان ودول أوروبا الشرقية , وألقى مزارعون ومصدرون اللوم على الحكومة جرّاء تزايد مشاكل القطاع الزراعي في السنوات الأخيرة ، حيث إنعكس الاغلاق على القطاع الزراعي من تكدس للإنتاج وإلقاء الاطنان من المنتوجات الزراعية في الشوارع، حيث وصل تكدس الانتاج وخسائر المزارعين الى حد كبير وأصبح هناك اكثر من 13 ألف مزارع مطلوب للتنفيذ القضائي بحكم تراكم الديون الى مؤسسات الاقراض الزراعي وبعض الشركات , في المقابل يطالب المزارعون الحكومة والدول المعنية بتعويض الخسائر الذي تعرض لها القطاع بفعل إغلاق الأسواق البلدين المستوردين الرئيسيين للمنتوجات الزراعية الأردنية , ويعتبر مزارعون أن قضايا القطاع الزراعي قديمة حديثة، خاصة وان القطاع الزراعي يقوم بتشغيل 3.5 ملايين مواطن أردني ما نسبته 43% وهذا القطاع من أهم القطاعات الإنتاجية، وهو العمود الفقري للاقتصاد الاردني، وله الدور الرئيسي لتأمين الغذاء، وهو الجزء الاساسي في الامن الاجتماعي من خلال حل مشكلتي الفقر والبطالة , ويعتبر المزارعون ان أهم مشاكل القطاع مشكلة النقل خاصة وان عدد البرادات غير كافية للتصدير بكميات أكبر الى أسواق الخليج، لافتا الى انه لدينا 3500 براد فقط، منها 700 براد واقف ولا يعمل بسبب أعطال , علما ان صادرات الخضار في السوق بحاجة الى 240 برادا يوميا، في عشرة أيام 2400 مع العلم ان رحلة البراد للوصول الى دبي او عمُان من 13 إلى 14 يوم، ولو تم تحميل جميع البرادات لدينا خضار وفواكه إلى الخليج لا تكفي سوى 11 يوما فقط , كما ان القطاع الزراعي يواجه مشكلة توفر العمالة، وبحاجة الى تسخير عمالة لعملية التحميل والتنزيل، وعندما حددت وزارة العمل ان 15% فقط عمالة أجنبية او وافدة و85% عمالة محلية، أدى ذلك الى معاناة المصدِّر مع العامل المحلي في التحميل والتنزيل .
ولعلّ ما يقلق المزارعين هو خسارتهم بسبب ظروف الهطول المطري والأحوال الجويّة خاصّة الصقيع والرياح الشديدة والجفاف وغيرها وقد فشلت الحكومة حتى الآن في سنِّ قانون للتأمين الزراعي يريح المزارعين ويشجِّعهم على الإستثمار في هذا القطاع وذلك لأن شركات التأمين بحاجة لوقوف الحكومة بشكل إيجابي معهم .
وبالرغم من التصريحات الرسمية للحكومة ووزرائها فإنّ الواقع الزراعي المحلي، يعاني وما يزال من تحديات كبيرة، أدت الى تراجعه، إضافة الى عدم فعاليته في أن يكون ركيزة من ركائز التنمية في مختلف أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية”، مبينين ان الأطروحات التي تقدمها الحكومة للنهوض بالقطاع، “لم تفلح حتى اليوم , لأنّ الحكومات المتعاقبة، “لم تتمكن من ملامسة احتياجات القطاع وتنميته، وذهبت الى التعامل معه نظريا، بعيدا عن أرض الواقع، ولم تمكنه من أن يكون فاعلا وحيويا، كما ينبغي لبلد موارده قليلة، حيث ان القطاع الزراعي “لا تزيد مساهمته في الاقتصاد على 3% في وقت يعزى فيه هذا التراجع إلى عدد من التحديات التي تواجه القطاع في عهد النهج الاقتصادي الجديد وتحرير التجارة، والتوقف عن دعم هذا القطاع، وإلغاء الحماية الجمركية لبعض السلع الزراعية، والتي كانت سببًا في هذا التداعي، وما يترتب على ذلك من تراجع فرص العمل والدخل، والتنمية الريفية، وضعف استغلال الموارد الطبيعية، من أرض ومياه وغطاء نباتي ومنع تدهورها , وقد لوحظ في الأعوام الأخيرة تضاعف خسائر المزارع الأردني، وأصبح العائد والمردود المادي من الاستثمار في هذا القطاع لا يغطي التكاليف، ما يستدعي مراجعة السياسات والإجراءات المتعلقة بهذا القطاع، وذلك تأكيدًا على أهمية هذا القطاع ودوره في الأمن الغذائي الذي يوازي الأمن الاجتماعي في أهميته للمجتمع الأردني , وتعمل الحكومات المتعاقبة على طريقة الفزعة وبدون خطط وترتيب أولويات، مع أننا قادرون على أن نكون دولة ذات إنتاج زراعي، رغم شح المياه ومحدودية الموارد و حيث أن الأردن كان في ستينيات القرن الماضي يعج بسهول القمح والشعير في سهول إربد وغيرها، وكانت الزراعة مزدهرة , ان معوقات التطبيق في ادارة المخاطر الزراعية يتطلب التفكير بعمق للقفز الى مفهوم اكثر شمولية هو التأمين الزراعي , فإذا كنّا لا نستطيع ان نبدع ونتميّز في هذا القطاع الذي نحن اهل له فبماذا يا ترى تستطيع التميُّز حكوماتنا !!!
ولذلك يجب على الحكومات ان تعمل على تنفيذ مشروعات زراعية إستراتيجية كبرى؛ لتخفيف أزمة الغذاء وآثاره على المجتمع ، وتسهم في تخفيف الاعتماد على الاستيراد، بما يعزز نمو الاقتصاد وتنشيط القطاعات الاقتصادية الأخرى , وتطوير السياسات الزراعية الرسمية وتفعيل الإجراءات الكفيلة لتطبيقها بما يكفل توفير الحماية للقطاع الزراعي ورعايته
وتوفير دعم حكومي لإعفاء مدخلات ومستلزمات الإنتاج الزراعي الوطني، والمنتجات الزراعية الوطنية التصديرية من الرسوم والضرائب المختلفة , والتشجيع والدعم الحكومي للصناعات الزراعية، والبحث عن بدائل لتصنيع الخضراوات مثل البندورة , وتشجيع الاستثمار في القطاع الزراعي الذي يعدّ أقل القطاعات الاقتصادية اهتمامًا من قبل المستثمرين، إذ إنه لا يحظى برعاية رسمية ودعم حكومي كالقطاعات الأخرى .
وزيادة إنتاج الحبوب والمحاصيل الحقلية المستوردة، وذلك بتشجيع زراعتها وتقديم الحوافز لمزارعيها , وحماية الأرض الزراعية واستغلالها، من خلال سن التشريعات الزراعية وتطبيقها , والتوسع في زراعة الأعلاف واستغلال الأراضي قليلة الأمطار خاصة التي تزيد معدل الهطول المطري فيها على 150 ملم سنوياً .
وتشجيع المحافظة على التنوع الحيوي وتشجيع الإستثمار في مشاريع الثروة الحيوانية والسمكية وكذلك المشاريع المتعلِّقة بمكافحة التصحُّر والتوعية باهمية زيادة الرقعة الخضراء ومساعدة المزارعين في التكيف مع التغير المناخي ومجابهة العواصف والحالات المناخيّة ,
وتطوير مصادر المياه من خلال زيادة السدود على الأودية، والاستفادة من مياه الأمطار وعمليات حصادها، و تحسين كفاءة الري، بالإضافة إلى أهمية استغلال المياه الجوفية، والإفادة من المياه المعالجة بشكل علمي ومدروس .
ambanr@hotmail.com