14-10-2019 10:03 AM
بقلم : أ.د.عدنان مساعده
يذهب بعض الأكاديميين الى ضرورة استخدام الكتاب المقرر في التدريس الجامعي, ظنا منهم أن ذلك يجعل عملية التدريس أكثر سهولة ويحدد الطالب في موضوعات تجعلها أكثر فهما واستيعابا. وأرى هنا, أن ذلك قد يكون صحيحا نوعا ما في مرحلة قبل الجامعة....أما في التدريس الجامعي, فأن لذلك محاذير كبيرة تجعل الطالب مقيدا في تفكيره للحصول على المعلومة، ويصبح ينظر الى الكتاب المقرر كأنه كتاب مقدس لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه, ويرسخ في ذهنية الطالب أن ما ورد في الكتاب المقرر هو نهاية المعرفة والعلوم. هذا من جانب الطالب الذي يعتبر من أهم مدخلات التعليم العالي، وماذا عن الأستاذ الجامعي الذي يبقى رهينا لهذا الكتاب المقرر دون الانطلاق للحصول على المعلومة من أكثر من مصدر علمي أو فيما يعرف باعتماد المنهاج المقرر بديلا عن الكتاب المقرر حيث بجعل ذلك من العملية التدريسية تكرر نفسها وربما يكرر الأستاذ الجامعي ما يقوم به زميله.
لقد بات من الضروري مراجعة هذا الامر من قبل ادارات الجامعات والاكاديميين فيها لبلورة ما هو أكثر شمولية في الحصول على المعلومة من قبل الأستاذ والطالب الجامعي معا, لا أن تبقى آفاق الطالب محددة بدراسة صفحات من كتاب أو أحيانا دراسة ملخصات, ليكون نظام التعليم أكثر رحابة وسعة وليكون نظاما تعليميا مفتوحا للخروج من أنماط التلقين والحفظ والتكرار الى أنماط الابداع والتميز وتطوير المهارات الأكاديمية واستمرارية تحديث المعلومات.
ان اعتماد المنهاج المقرر الشمولي بديلا عن الكتاب المقرر يعطي مساحات واسعة للبحث والمعرفة وفضاءات مضيئة للإبداع والتميز ويعتبر مدخلا مهما من مدخلات التعليم المتميزة. وأطرح مثالا لا الحصر, عندما يدرس طالب الطب عن مرض السكري أو مرض نقص المناعة المكتسبة, فمن الأهمية تغطية ودراسة الموضوع من مراجع متعددة وليس من مرجع واحد لأن الفائدة تكون أشمل وأعم، وهذا ينطبق على مختلف فروع العلم والمعرفة في البيولوجيا والكيمياء والهندسة والفيزياء والأدب والقانون وعلم الاجتماع وغيرها.
وهذا قد يكون عاملا مساعدا وقويا في ابراز دور الأستاذ الجامعي في خلق روح الابداع والمثابرة والحصول على المعلومة بمنهجية علمية والانفتاح على تجارب الدول المتقدمة والاستفادة منها ليكون البناء العلمي الأكاديمي قويا ورصينا لا يعتريه ضعف هنا أو هناك, ومما يولّد التفاعل الحقيقي بين الأستاذ والطالب ويشحذ الفكر وينمّي القدرات بعيدا عن التقليد والتبعية العلمية التي تنأى بالباحث عن واقعه وظروفه وتبعده مسافات طويلة عن حمل الأصالة في امتلاك الوعاء العلمي الشمولي لمهنة التعليم والمعرفة الذي يعد الركيزة الأساس لبناء الحضارة الأصيلة وبناء الانسان المتطور بعقله وسلوكه على حد سواء.