حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,16 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 22003

فشل خطة "الأردن رؤية 2025 " في سنواتها الثلاث الأولى

فشل خطة "الأردن رؤية 2025 " في سنواتها الثلاث الأولى

فشل خطة "الأردن رؤية 2025 " في سنواتها الثلاث الأولى

19-10-2019 01:38 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : بسام الكساسبة
كلف الملك عبدالله الثاني الحكومة بتاريخ 29/3/2014، بوضع تصور مستقبلي مدته عشر سنوات لتحسين الاقتصاد الوطني، وتأمين حياة حرة كريمة للمواطنين، وتحسين ظروف معيشتهم، وتأمين فرص العمل والحياة الحرة الكريمة لهم، كما أكدت على ضرورة تحقيق هذه الأهداف وتطبيق مبدأ المساءلة لقياس مدى التقدم، فقد ورد حرفياً في تلك الرسالة: (أصبح الهم الأكبر والأولوية لدى المواطن اليوم الشأن الاقتصادي وتحسين الظروف المعيشية والحصول على فرص عمل تؤمن له ولأفراد عائلته حياة حرة كريمة وأملاً في مستقبل أفضل، فارتفاع الأسعار والضغوط المالية على مواطنينا باتت واقعاً صعباً،...، وإنطلاقاً من حرصنا على استمرار العمل لتطوير أداء الاقتصاد الوطني، ورسم نهج مستقبلي وتأمين الحياة الحرة الكريمة، والمستقبل المشرق لأبناء وبنات أردننا الحبيب، فقد بات ملحاً قيام الحكومة بوضع تصور مستقبلي واضح للاقتصاد الأردني للسنوات العشر القادمة، وفي إطار متكامل، يعزز أركان السياسة المالية والنقدية ويضمن إتساقها، وتحسن من تنافسية اقتصادنا الوطني، ويعزز قيم الإنتاج والاعتماد على الذات، وصولاً إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة،...، أؤكد هنا على ضرورة إيلاء هذه المهمة جل الإهتمام للوصول إلى خطط عمل قابلة للتنفيذ وفق برنامج زمني محدد وبأولويات واضحة، تبنى على خطوات تنفيذ متسلسلة، يتم متابعة تقييمها بشكل مؤسسي وتكون ملزمة للحكومة، مشدداً على أهمية إعتماد المساءلة لقياس مستوى التقدم والإنجاز والتعامل بمنتهى الجدية وعدم التهاون في تنفيذ هذه التوجيهات).
وكالمعتاد شكلت الحكومة "بإسلوب الفزعات " وبعد صدور التوجيهات الملكية، لجنة وزارية توجيهية عليا برئاسة رئيس الوزراء، وعدد من قيادات القطاع الخاص، إضافة لتشكيل 17 لجنة فنية من مختلف الوزارات والمؤسسات العامة عقدت إجتماعاتها وأشرفت عليها وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وقد بلغ عدد المشاركين بأعداد الخطة 300 شخص، غالبيتهم من مسؤولي الحكومة وبعض المشاركين من مؤسسات المجتمع المدني، كما عقدت الحكومة إجتماعا ضخماً حول الخطة لمدة يوم واحد في أحد فنادق منطقة البحر الميت حضره 450 مدعواً، وإستغرق إعداد الخطة 13.5 شهرا تقريباً، ثم خرجت الخطة بعنوان "الأردن 2025 رؤية واستراتيجية وطنية" وقد أطلقت للتنفيذ في حفل رسمي كبير يوم 12/5/2015 حضره كبار مسؤولي الدولة.
لقد تضمنت التوجيهات الملكية تحقيق أهداف اقتصادية واضحة ومحددة لا لبس فيها، بحكم أن الأردن يواجه أزمات اقتصادية متعددة، لكن الحكومة خرجت عن سياق التوجيه الملكي فانجزت شيئا آخر لا علاقة له بالخطة الاقتصادية المستهدفة، إذ قدمت الحكومة على امتداد "دوسية من 127 صفحة"، تلميحاً ضعيفاً وخاطئاً حول الاقتصاد الوطني، أما الجزء الأكبر منها فعن المواطنة والتمكين وسيادة القانون والقضاء والتعليم والصحة وعلوم الحياة وغيرها من المواضيع المتنوعة، إضافة لمصفوفة من الشعارات البراقة ومنها: حكومة ذات كفاءة وفاعلية، قطاع خاص ديناميكي ومنافس عالميا، مجتمع آمن ومزدهر، أردن مزدهر، مواطنون مشاركون، هذه الشعارات الكبيرة التي تحلق عالياً في الفضاء ولا وجود لها على أرض الواقع، فقد جاءت هذه الخطة أشبه ما تكون بحالة الأستاذ الذي يطلب من طلبته حل مسألة رياضيات، فتاتيه الإجابة من طلبته في الجغرافيا والتاريخ وعلم الاجتماع مع تلميح بسيط وخاطيء عن مادة الرياضيات.
أما عن أهداف الرؤية الاقتصادية المتحققة على أرض الواقع، فبالرغم مما حشدته الحكومة لإعدادها من أعداد كبيرة من المسؤولين والموارد المالية الكبيرة، والترويج لها بحملات دعائية وإعلامية ضخمة، فقد جاءت نتائجها في السنوات الثلاثة الأولى المنقضية من مدتها وهي 2016 و 2017 و 2018 صادمة ومخيبة للآمال وكما يلي:
1. تضمنت "الرؤية" تخفيض نسبة البطالة سنويا وتدريجياً من 12.28% في سنة الأساس 2014 لتبلغ 11.49% بنهاية عام 2018 ، إلا أنها ارتفعت سنوياً وبقوة حتى بلغت 18.7% بنهاية عام 2018.

2. وتضمنت الرؤية رفع نسبة النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي من 3.1% في سنة الأساس 2014 تدريجيا وسنوياً لتبلغ 5.12% بنهاية عام 2018، لكن على أرض الواقع إنخفضت إلى 2% في عام 2018

3. إنخفاض الصادرات الوطنية من 6 مليارات دينار في سنة الأساس 2014 إلى 5.5 مليار دينار في عام 2018 ، بينما يفترض ارتفاعها.

4. إنخفاض حصة الفرد الأردني من الناتج المحلي الإجمالي من 2907 دينار في سنة الأساس 2014 إلى 2840 دينار و 2875 دينار في عامي 2016 و2017 على التوالي، ثم ارتفاعها إلى 2909 دنانير في عام 2018 أي بزيادة بعد مرور خمس سنوات مقدارها دينارين عن مستواها في عام 2014 ، هذه الزيادة الأقل من هزيلة، التي إذا ما أخذت بعين الإعتبار في ظل زيادة معدلات التضخم خلال تلك الفترة، ستؤكد التراجع الخطير بمستوى معيشة المواطنين الأردنيين، وقد جاء ذلك بعكس التوجيه الملكي للجهات الرسمية بالعمل على تحقيق الحياة الحرة الكريمة والمستقبل المشرق للأردنيين.

5. وفي مؤشر نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، فقد إنطلقت الخطة من نسبة 81% في عام 2014 بتخفيضها تدريجياً لتبلغ 72% في عام 2018، لكن النسبة ارتفعت في عام 2018 إلى 94.4%.

6. تضمنت الرؤية تخفيض نسبة الفقر المطلق من 14% في سنة الأساس 2014 إلى 13% في عام 2017 ثم إلى 10% في عام 2021 أي بتخفيض معدله 0.75 نقطة مئوية سنوياً ، بمعنى أن تصبح نسبة الفقر المطلق 12.25% في عام 2018 ، لكنها ارتفعت إلى 15.7% ، حسبما أعلن عنه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بتاريخ 9/4/2019

لقد سبق للجهات الرسمية أن وضعت أكثر من 80 إستراتيجية وطنية في مختلف المجالات خلال العقد الماضي، ومع ثبوت فشل جميع هذه الاستراتيجيات بدليل الأوضاع الكارثية التي يمر بها الاقتصاد الوطني، والسؤال الأهم الذي يبرز هنا لماذا فشلت أيضا خطة " الأردن 2025 رؤية واستراتيجية وطنية" في تحقيق أهدافها الاقتصادية بالرغم مما حشد لها من إمكانيات بشرية ومالية وإعلامية ودعائية ضخمة؟ والجواب باختصار أولاً عدم أهلية الجهات التي أعدتها وأشرفت عليها وما يثبت ذلك هو الأخطاء الاقتصادية الفاحشة التي تضمنتها الرؤية، وكمثالين على ذلك: الخطأ الأول حينما إعتبر واضعوا الخطة أن مؤشر نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في سنة الأساس 2014 هي 81% بينما النسبة الصحيحة 89%، لأن الناتج المحلي الإجمالي لعام 2014 الذي أعلنت عنه الجهات الرسمية هو 25.437 مليار دينار وإجمالي الدين العام لنفس العام هو 22.651 مليار دينار وبالتالي فان نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2014 هي 89% وهي النسبة المعتمدة لدى الجهات الرسمية الأردنية كالبنك المركزي ووزارة المالية، ولدى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ولم يكتف واضعوا الخطة بهذا الخطأ الاقتصادي الفاحش بل بنوا خطتهم في تخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في السنوات اللاحقة على هذه النسبة الخاطئة "81%" ليصبح الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 بنسبة 78% وفي عام 2016 بنسبة 76% وفي عام 2018 بنسبة 72%، والخطأ الثاني الذي ورد في الرؤية: "على مدى العقد الماضي، خصصت مبالغ كبيرة من موارد الحكومة لبناء صناعات وقطاعات باعتبارها محركات للنمو ومولدة للوظائف"، هذه المعلومة غير الصحيحة التي تظهر الجهل بحقائق الاقتصاد الوطني حول أهم قطاع من قطاعاته، فالحكومة لم تخصص خلال العقد الماضي الذي سبق وضع الخطة أية موارد مالية كبيرة ولا صغيرة لبناء صناعات، بل العكس فقد دخلت الحكومة بنهج التخاصية، وباعت كامل أو أجزاءاً كبيرة من حصصها في الصناعات القائمة كالبوتاس والفوسفات والإسمنت ومصفاة البترول الأردنية، ولم تسهم بعد ذلك برأسمال أية صناعات جديدة في المملكة، فاذا كانت الجهات التي أعدت الرؤية تجهل حقائق رئيسية وأساسية بل وبديهيات حول الاقتصاد الوطني كالناتج المحلي الإجمالي، والدين العام، ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وعلاقة الحكومة بالقطاع الصناعي، فكيف لهذه الجهات ومسؤوليها وضع خطة أو رؤية اقتصادية صحيحية وناجحة تعالج أزمات الاقتصاد الوطني العديدة؟
إن وضع خطة اقتصادية صحيحة لمعالجة أزمات ومشاكل الاقتصاد الوطني تتطلب أولاً الخبرة الدقيقة والعميقة بتفاصيل وحقائق الاقتصاد الوطني وآلية عمله وكيفية إدارته، ثم المقدرة على تحديد الأزمات بالضبط، وتشخيص أسبابها ومعالجة هذه الأسباب ثم الإنطلاق نحو وضع الحلول والأهداف المراد تحقيقها، وهذا ما لم تتضمنه خطة " الأردن 2025 رؤية وخطة استراتيجية"








طباعة
  • المشاهدات: 22003
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم