27-10-2019 09:44 AM
سرايا - لثوب الفلسطيني فلكلور ربط الأرض بالبشر, إرث حضاري غني, ترويها الأمهات والجدات في كل مدينة وقرية فلسطينية تصوغها بأطراف الأنامل لتروي حكاية وطن إنها أيقونة كنعانية تحمي الهوية الفلسطينية من الطمس والتهويد والضياع .
إننا ما نراه اليوم وفي وضح النهار يستهدف تغير الحقيقة وطمس المعالم العربية لأرض فلسطين إنما هو سطو ممنهج ومدروس لسرقة الإرث الحضاري لشعب كامل .
إن الثوب الفلسطيني (الزي الفلسطيني ) في الأصل إرث كنعاني منذ برع الكنعانيون القدماء في صباغة الأنسجة القطنية والصوفية بما فيها الملابس وهو وصية حافظت عليها الأجيال وتناقلها الأبناء عن الأباء بالشكل واللون الذي يضفي الصفة الكنعانية على الثوب الفلسطيني .
فالزي الفلسطيني التقليدي هو جزء لا يتجزأ من الهوية الفلسطينية لابل هو وثيقة تثبيت وجودنا التاريخي على هذه الأرض منذ القدم وارتباطها بالإرث الحضاري للمنطقة العربية , ولما يمثله هذا الثوب للفلسطينيين من ارتباطهم بارضهم المحتلة تعمد أغلب الفلسطينيات في الوطن والشتات وفي المغترب اليوم وعلى الرغم من الكلفة المرتفعة للثوب المطرز يدويا ورغم أيضا اجتياح الموضة والأزياء العصرية إلا أن التمسك بالتراث يدفعهن إلى اقتناء الثوب الفلسطيني وارتدائه والظهور به في المناسبات الاجتماعية والوطنية لأنه جزء لا يتجزأ من التراث والهوية الفلسطينية .
والثوب الذي تحيكه النسوة الفلسطينيات بأناملهن يغدو لوحة فنية يحتاج انجازها إلى عدة أشهر تتداخل فيها الألوان لترسم تحفة فنية ترتديها المرأة وتبدأ رحلة انجاز الثوب باختيار القماش المطلوب وعادة ما يكون من النوع الفاخر ومن ثم يتم اختيار نموذج التطريز المأخوذ من البيئة المحيطة للمنطقة أو لوحة زخرفية غاية في الإتقان والجمال أما بالنسبة للألوان فأهمها اللون الكنعاني المأخوذ من كلمة كناجي Kanaggi وهي تعني بالحورية الصبغة الأرجوانية أو القرمزية، والتي اشتهر الكنعانيون بصناعتها، ويدل على اللون الأحمر بجميع مشتقاته ولهذا فإن معظم الأثواب الفلسطينية يغلب عليها اللون الأحمر .
وتتميز المدن الفلسطينية بأثواب خاصة بها يمكن تميزها عن غيرها حيث يعكس غالبا الطبقة والحالة الاجتماعية للمرأة, حيث يعتقد أن ثوب مدينة أريحا هو من أقدم الأثواب الفلسطينية حيث عرفه الكنعانيون منذ خمسة ألاف عام أي نصف عمر المدينة التي تعد من أقدم المدن التي لاتزال مأهولة ويناهز عمرها عشرة ألاف عام , ويمتاز هذا الثوب بالخطوط الطولية والزخارف التي ترتبط بالأثار الحفرية التي وجدت في المدينة حيث كانت النساء يرتدين هذا الزي عند تقديم الهدايا للفراعنة و في المناسبات الاجتماعية المهمة .
بيد أن الاهتمام بدا جليا بالثوب الفلسطيني تزامنا مع انطلاق الانتفاضة الأولى إذ كان للفلسطينيين السلاح الذي يدافعون به عن تاريخهم وهويتهم والثوب الفلسطيني هو أهم ما تركه لنا الأجداد وعلينا التمسك به فهو الذي يرسم الصورة الكاملة للوطن وتراكم تراثه وحضارته عبر الأجيال .
إن هذا الشعب العريق الذي راكم هذه الحضارة التي امتدت ألاف السنين يحق له بكل جدارة أن يعلن انتمائه لهذا الوطن وما هذا الزي إلا وثيقة ملكية لهذه الأرض عبر التاريخ .
ما جعلني اتطرق لهذا الموضوع – الثوب الفلسطيني – ليس هو التعريف به فقط بل إنما جعله أسلوب حياة لكل الفلسطينيين وإدخاله في تفاصيل حياتنا …!