حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 76681

حكومات تجريسيه

حكومات تجريسيه

حكومات تجريسيه

29-10-2019 09:49 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عامر عليوي
يشهد العالم وعلى نطاق واسع احتجاجات مطلبيّة ومظاهرات في كلٍ من أمريكا اللاتينية وبعض الدول الأوروبية والعديد من الدول العربية وها هي الان في العديد من دول شرق اسيا، فما هو سر غضب الشعوب؟!
في الدول المتقدمة يكون دور الشعب اختيار ممثليه في مجلس النواب وينتهي دوره أي الشعب عند هذا الحد، وتقوم حكومات هذه الدول باتخاذ الاجراءات القانونية والدستورية بحق الفاسد والمفسد، وهذا أمر بديهي لديهم لا يحتاج الى تشريع او وضع آليات له، وكل ما تحتاجه الحكومة في هذا الاتجاه هو تطبيق الدستور بحق المفسدين او يلجأ المقصر أو الفاسد الى تقديم استقالة من المنصب تلافياً لأي حرج أو ملاحقة قانونية، لذلك نجد أن السياسي في الدول الاوربية يحافظ على سيرته السياسية بالخروج خالي الوفاض من بوتقة السياسة.
في معظم بلدان العالم الغربي ينتظر الجميع ما تصنعه لهم الحكومة، في حكومات الدول العربية لا نجد شيء من ذلك، وانما هي حكومات ابدعت واتقنت التنظير، حكومات مفصولة عن الواقع، حكومات تقوم معظم الاحيان بـ"تجريس" المواطن: التنديد والتصريح بعيوبه، والتأكيد في وسائل إعلامها على أنها تنفق عليه ليل نهار رغم أنه لا ينتج ويعمل لمدة دقائق كل يوم، موحيةً بأن المواطن أصبح عالة على الدولة، الامر الذي أدى لظهور انطباع شعبي متمنيا رحيل الحكومة وتغيرها، وتعودنا على فكرة قصر عمر الحكومات، في المقابل نلاحظ ونسمع ان الحكومات الغربية لا تترك فرصة لتخفيف العبء المعيشي عن مواطنيها وإسعادهم، فمثلاً لنقارن بين حالنا نحن العرب وحالهم في الغرب:
عندما ترتفع أسعار النفط في الأسواق العالمية، تسارع الحكومات الغربية إلى تطبيق إجراءات لتخفيف هذا العبء عن المواطن، فتلجأ دولهم إلى سياسة تخزين النفط لمدد تصل لنحو 6 أشهر وربما لعام خلال فترة تراجع الأسعار، وتبرم تعاقدات استيراد لصفقات طويلة الأجل، كما تمارس حكومات هذه الدول ضغوطاً على الدول النفطية لحثها على زيادة الإنتاج حتى تتراجع أسعار المحروقات.
في المقابل، عندما ترتفع أسعار النفط، تسارع الحكومات العربية، بمن فيها حكومات الدول المنتجة للنفط والطاقة، نحو تحميل المواطن الزيادة الجديدة عبر رفع أسعار المحروقات، من بنزين وسولار وغاز وغيرها، بزعم أن الموازنة العامة تعاني من عجز حاد ولا تستطع تحمل أعباء الكلفة الإضافية الناتجة عن زيادة الأسعار عالمياً، كما تزعم الحكومات أنه ليست لديها موارد اضافية لتحمل هذه الكلفة بديلاً من المواطن المطحون.
تُحابي حكومات الغرب المواطن وتدلعه، وحتى لو مُنح رجال الأعمال مزايا ضريبية ومالية، فإنها تكون بهدف مساعدتهم على زيادة الإنتاج، وبالتالي خفض أسعار السلع في الأسواق، وهو ما يفيد المواطن في النهاية، أما العرب فيحابون رجال الأعمال وكبار المستثمرين ويحمونهم ويمنحونهم امتيازات ضخمة، وأحياناً تُمنع ملاحقتهم قضائياً في حال ارتكاب تهم خطيرة مثل الاحتكار والفساد والتهريب.
وهناك الكثير من الأمثلة لدى الحكومات الغربية لإسعاد مواطنيها بس ولا واحدة لها علاقة بالثورة الصناعية الرابعة!!!
الحكومات الغربية تُسعد المواطن، ومن هنا خلقت مؤشرات السعادة والرفاهية والنمو الاقتصادي لتقيس بها مدى رضا هؤلاء، بينما انتزعت حكوماتنا العربية السعادة من على وجوه مواطنيها، وهي لا تعرف من المؤشرات الاقتصادية سوى مفردات الفقر والحرمان والبطالة والعجز والبؤس والتضخم والضرائب وزيادة الأسعار والديون.
يقول جراح الاعصاب الطبيب السعودي نايف الروضان، عضو كلية سان أنتونيو بجامعة أكسفورد، ورئيس برنامج العوامل الجيوستراتيجية وتحديات المستقبل العالمي بمركز جنيف للسياسة الأمنية: إذا لم تساير الحكومات تغيرات العصر، ستقل قدرتها تدريجيا على تلبية احتياجات الشعب، ومن ثم يزداد السخط الشعبي عليها، ويشعر المواطنون أنهم حُرموا من حقوقهم التي يكفلها لهم القانون.
ويقول ايضاً في كتابه "التاريخ المستدام وكرامة الإنسان"؛ إن الدفاع عن كرامة الإنسان يعد أحد الركائز الأساسية لعملية الإصلاح الرامية إلى بناء حكومة مثالية، وهذا يعني عدم تغليب المشاعر الإنسانية والفساد الأخلاقي والأنانية بأي حال على المعايير الأساسية التسعة، وهي المنطق، والأمن، وحقوق الإنسان، والمساءلة، والشفافية، والعدل، وتكافؤ الفرص، والتجديد، والمساواة بين الجميع.
واختم بما قاله جيف مولغان المسؤول التنفيذي بمؤسسة "نيستا" للابتكارات: "لم ينهض على مدار التاريخ أي مجتمع من المجتمعات الكبرى من دون حكومة"، فهل أصبحنا نتيجة لعجز الحكومات عن تحقيق تطلعات الشعب بحاجة الى ان نستورد حكومات من الخارج تعمل على اسعادنا، على غرار استيراد مديري أندية الكرة الأجانب الذين يُسعدون الجماهير العربية بالفوز في المباريات الرياضية وتحقيق الأهداف؟ حتى بهذه فشلنا للأسف.








طباعة
  • المشاهدات: 76681
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم