حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 8712

- أنموذج من المنظومة القيمية والسلوكية!!

- أنموذج من المنظومة القيمية والسلوكية!!

- أنموذج من المنظومة القيمية والسلوكية!!

02-11-2019 08:57 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.محمد حرب اللصاصمة
يمكن إجمال تعريف القيم: ( صفات إنسانية إيجابية راقية مضبوطة بضوابط شرعية تؤدي بالمتعلم إلى السلوكيات الإيجابية في المواقف المختلفة التي يتفاعل فيها مع دينه ومجتمعه وأسرته في ضوء معيار ترتضيه؛ لتنشئة أبنائها وهو الدين والعرف وأهداف المجتمع، وتصبح هذه القيم تربوية كلما أدت إلى النمو السوي لسلوك المتعلم، وكلما اكتسب بفضل غرسها في ذاته مزيدًا من القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، وبين الخير والشر.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
يقول ابن خلدون:«إذا تأذن الله بانقراض المُلك من أمة حملهم على ارتكاب المذمومات، وانتحال الرذائل، وسلوك طريقها، فتفقد الفضائل السياسية منهم جملة، ولا تزال في انتقاص إلى أن يخرج المُلك من أيديهم، ويتبدّل به سواهم، ليكون نعيًا عليهم في سلب ما كان الله قد أتاهم من المُلك، وجعل في أيديهم من الخير، {وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيرًا} [الإسراء:16]».
وأدرك هذه الحقيقة أيضًا أحدهم، حيث قال: «العرب هووا عندما نسوا فضائلهم التي جاءوا بها، وأصبحوا على قلب مُتقلب يميل إلى الخفة والمرح والاسترسال بالشهوات».
في معركة اليرموك أرسل أحد قادة جيش الروم، رجلًا يقال له ابن هزارف، فقال له: ادخل في هؤلاء القوم، يعني المسلمين، فأقم فيهم يومًا وليلة، ثم ائتني بخبرهم، فدخل ابن هزارف في جيش المسلمين، فأقام فيهم يومًا وليلة، ثم رجع إلى قائد الروم، فقال له القائد: ما وراءك؟ قال: بالليل رهبان، وبالنهار فرسان، ولو سرق فيهم ابن مَلكهم قطعوا يده، ولو زنى رجم لإقامة الحق فيهم، فقال القائد: لئن كنت صدقتني لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها، ولوددت أنّ حظي من الله أن يُخلي بيني وبينهم، فلا ينصرني عليهم، ولا ينصرهم عليّ، قال: ثم تزاحف الناس، فاقتتلوا، فلما رأى ما رأى من قتال المسلمين قال للروم: لفوا رأسي بثوب، قالوا له: لم؟ قال: يوم البئيس، لا أحب أن أراه! ما رأيت في الدنيا يومًا أشد من هذا! قال: فاحتز المسلمون رأسه، وإنه لملفف.
في هذه المرحلة، وبعد استخدام كافة الإمكانيات، يصل الفرد إلى اليقين؛ بل إلى درجة عالية من اليقين، فيصل إلى اقتناع عالٍ وتأكد لا مجال للشك فيه، وإيمان راسخ بضرورة هذه القيمة، ومن ثم التقبل الوجداني الكامل، فيعمل الفرد لتقرير القيمة وتأكيدها، وتتعمق مشاركته في هذا التقرير والتأكيد، كما يبحث عن أشباهه المؤمنين بهذه القيمة والملتزمين بها؛ فيشاركهم أنشطتهم وتعبيراتهم، إلا أنه يجب أن نعي عدة أمور مهمة، وهي:
- أن الالتزام ليس مجرد قدرة عاطفية وقتية عابرة، أو مجرد حماس يوجد ويتلاشى لتحل محلها عاطفة مؤقتة أخرى، إن الالتزام يعني استمرارًا عاطفيًا لتأكيد الالتزام، إنه يأخذ شكل العاطفة الثابتة.
- أن اعتناق الفرد لخُلق معين فترة طويلة من الزمن لا يدل على الالتزام به؛ إذ لا يكون قد بذل فيه جهدًا عاطفيًا من طاقة الفرد العاطفية بحيث يتم الالتزام، وإنما لا بد من استغلال أكبر قدر ممكن من طاقة الفرد العاطفية، وتشغيلها بطريقة فعالة حتى يتم الالتزام الحقيقي.
- أن الأعمال المؤيدة للقيمة تعد أمرًا مهمًا، وهذه الأعمال إما أن تهيّأ في البيئة المحيطة، أو من إتاحة مناخ تظهر فيه هذه الأعمال من الفرد؛ لأنها تدل على وعي والتزام بحكم طبيعتها.
وفي هذه المرحلة، أيضًا، يعبر الفرد عن اعتقاده بقيمة خُلقية في سلوكه العلني (البراني) المترتب على القناعة الجوانية، بمعنى إلزام المرء نفسه، وتعهده بانتهاج خلق معين.
ولزيادة درجة الالتزام في تنمية القيمة الخُلقية يمكن استخدام واحد أو أكثر من العناصر الآتية :
- توضيح الفعل الخلقي، صالحًا أو طالحًا، بمعنى توضيحه وخلوه من الغموض.
- إبراز أهمية الفعل الخلقي الصالح.
- إبراز تعذر الرجوع في الفعل الخلقي الصالح أو الطالح.
- تكرار مواقف السلوك الخلقي.
- إتاحة فرصة الاختيار والحرية أمام الملتزم في إقدامه على الفعل الخلقي.
وبهذا يمكن تأكيد الالتزام وزيادة درجته بحيث تقوى وتتأكد لدى الشخص، ونجد هذه الملامح الأساسية من خلال نصوص القرآن والسنة النبوية المطهرة.
ومن مظاهر التكيف، قدرة هذه القيم على الاستجابة لحالة متلقيها العمرية والنفسية والوجدانية والعقلية، فلكل أسلوبه وطريقه ومنهجه، فالمربون الناقلون للقيم الإسلامية لهم قدرات وطاقات، والمتعلمون لهم قدرات وطاقات أيضًا؛ ولهذا لم يكن للنظرية التربوية الحاملة للقيم خطاب واحد، وإنما يتنوع خطابها بفعل مرونته ويتكيف مع مختلف الحالات، فما أنتجه العلماء في أدب العالم والمتعلم يختلف من سياسة الصبيان إلى سياسة الغلمان، فسياسة من قوي عوده وعزم على طول الرحلة والطلب والتفرغ للعلم تختلف عن غيرهم وهكذا .








طباعة
  • المشاهدات: 8712
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم