حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 41485

هاشم الخالدي يكتب: عندما ينام ديوان المحاسبة نومة أهل الكهف

هاشم الخالدي يكتب: عندما ينام ديوان المحاسبة نومة أهل الكهف

هاشم الخالدي يكتب: عندما ينام ديوان المحاسبة نومة أهل الكهف

13-03-2011 12:23 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : هاشم الخالدي


اعلم كما يعلم رئيس ديوان المحاسبة الحالي الدكتور مصطفى البراري ان الحكومات المتعاقبة ساهمت في اغتيال اهم نافذة رقابية على مؤسسات الدولة وهو ديوان المحاسبة الذي تحول بقدرة قادر وعلى مر الاعوام السابقة الى مجرد هيكل ورقي ومكاتب يشغلها موظفوه صباح كل يوم وهم يعلمون أن ما يرصدونه من مخالفات يومية ستتحول اى "كليشيهات" غير فعالة لم يعد احد يعيرها  اي اهتمام. 

في السابق وتحديداً في الاعوام "97-98-99" كنا كصحفيون نغطي مجلس النواب نستميت للحصول على تقرير ديوان المحاسبة الذي كان في ذلك الوقت يحمل في طياته الكثير من المعلومات والتفاصيل حول التجاوزات المالية والمخالفات الادارية وهدر المال العام والتسيب في مؤسسات الدولة. 


ورغم ان مجلس النواب منذ ذلك الوقت وحتى قبله بأعوام طالب بتشكيل لجان تحقيق فيما يكشفه ديوان المحاسبة من فساد الا أن اياً من اللجان التي سمعنا عن تشكيلها لم تستطع ادانه مسؤول واحد او تحويله للمحكمة وهو ما القى على عاتقنا كصحفيين مهمة اظهار ما يحتوي هذا التقرير من قضايا اختلاس مطالبين الحكومات المتعاقبة بإتخاذ خطوات جريئة لمكافحة الفساد... ولكن دون جدوى.

  اعتقدت ذات وهلة... أن ديوان المحاسبة انشئ فقط من اجل تجميل صورة الدولة في الخارج شأنه شأن المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة والطفل وحتى الحريات الاعلامية، واعتقدت ايضاً ان انشاء ديوان المحاسبة ربما يكون احدى نتاج  شروط منح المعونات المالية التي نعتاش عليها من الخارج... والدليل على ذلك أن ديوان المحاسبة المقبور والمأسوف على شبابه اصبح الان هيكلاً دون روح وجسداً ميتاً يناور للحصول على قبر يقع على شارعين.... من اجل ان يتذكره احد الماره فيدعو له او يقرأ عليه الفاتحه اكراما لروحه الطاهره ؟


سأكمل القصة التي كنت رويتها قبل سنوات في مقالة نشرتها اسبوعية المحور والتي كانت بدات منذ خمسة اعوام او يقل  عندما إستشاط وزير تربية وتعلم اسبق غضبا مما اورده ديوان المحاسبة آنذاك من وجود فساد او هدر للمال العام فيما يتعلق بتوزيع اجهزة كمبيوتر على مدارس المملكة ، ولعله نقل شكواه تلك لرئيس الوزراء آنذاك فإستدعى رئيس ديوان المحاسبة على عجل للمثول أمام مجلس الوزراء. 

بعد ساعة كان البراري يجلس في مكتب رئيس الوزراء مرتبكا من المفاجأه المقبله مع وزراء الحكومه... ولما امتدت ساعات الانتظار غادر الرجل معتقداً ان الرئيس كف عن طلبه لإنشغاله  باجتماع مجلس الوزراء، لكنه – اي البراري-  لم يكد يغادر مبنى الرئاسة حتى كان مكتب الرئيس يستعجله للدخول على مجلس الوزراء. 
 دخل الرجل فجأة ووجد الوجوم والغضب يعتلي وجوه اغلب الوزراء ورئيسهم وبدأو بمعاتبتة  عما اقترفه تقريره من تحميل وزير التربية والتعليم لمسؤولية خراب اجهزة الكمبيوتر وتعطيلها  وبدء وزراء آخرون تناولهم التقرير بالفساد بالهجوم على الرجل الذي اعتقد ان الجلسة خصصت للاطاحة به. 
فكر الرجل كثيراً وهو يواجه بأكثر من 28 وزيراً فبدأ بردة فعل عنيفه عندما اتهم الوزراء آنذاك بالتجاوزات وشن هجوماً على بعض الوزراء من باب "حلاوة الروح" بإعتبار ان الرجل "رايح رايح" وصاح امام الجميع بان ما حدث في عطاء توزيع الكمبيوترات على المدارس اهدر ما قيمته 18 مليون دينار  فإنقلبت الامور رأساً على عقب وبدء وزير الداخلية في ذات الجلسة يدافع عن الرجل الذي خرج من عنق الزجاجة ليصل الى مكتبه معتقداً ان مجلس الوزراء سيطيح به في اقرب فرصة.


لا ادري ما حدث بعد ذلك لكنني سأروي شهادتين انا على اطلاع بهما. ..بعد اشهر من تلك الحادثة زرت الرجل في مكتبه وطلبت منه الحصول على تقرير ديوان المحاسبة الجديد الذي قام بتوزيعه على اعضاء مجلس النواب، ورغم مرور أكثر من شهرين لم يوفي الرجل بوعده فعذرته بعد ان  وصلتني انباء ان تعليمات مشددة وصلت ديوان المحاسبة بعدم وصول تقرير ديوان المحاسبة لأي صحفي .

  بعد ايام قام احد النواب بزيارتي في المكتب ومنحني النسخة الخاصة به وبعد قراءة استمرت لأيام لتقرير ديوان المحاسبة الجديد صعقت من ان المادة التي تحتويه حول وجود تجاوزات مالية وادارية في كافة مؤسسات الدولة قد اختلفت صياغتها عن التقارير السابقه التي كانت تحوي تفصيلات  عن كل مؤسسه وما كان يحدث فيها  بحيث ابتعد التقرير عن ايراد اي تفصيل حول جميع وقائع الفساد والسرقة التي كانت تجري في المؤسسات الحكومية مكتفيا  بنشر العموميات عن وقائع السرقة بشكل مؤسف شعرت بعده انه تم تدجين ديوان المحاسبة بطريقة مؤسفة ومخجلة... ومقرفة احياناً.


  في المقابل لدي اقتراح قد يسمو الى التطبيق في حال تمت دراسته ،  فقد قرأت ان رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو قد اشتكى من عدم وجود موظفين واجهزة وكوادر تساعده في مهمته في اجتثاث الفساد  واقترح بما اننا كدولة غير مستفيدين من تقارير ديوان المحاسبة التي تكبدنا "الشيء الفلاني" في طباعة تقاريره  ان يتم دمج هيئة مكافحة الفساد مع ديوان المحاسبة الذي يشكل موظفوه خلية منتشرة في جميع مؤسسات الدولة ويستطيعون مد هيئة مكافحة الفساد بمئات الاف الوثائق التي تؤكد وجود هدر للمال العام بمئات الملايين دون ان يتحرك احد لإنقاذ خزينة الدولة المتآكلة اصلا  نتيجة الفساد والرواتب الخيالية والعقود والعطاءات المخجلة التي يتم تلزيمها لأبناء الذوات بمئات الاف الدنانير على حساب اموال الشعب.... نحتاج الى شيئ من الخجل ... اليس كذلك؟؟؟؟


  ايضاً لا بد من الالتفات لمسألة هامة وهو ضرورة ان يتحلى موظفوا ديوان المحاسبة بالعدل والانصاف والابتعاد عن المصالح الشخصية في الاماكن التي يتولى فيها هؤلاء مسؤولية الرقابة الادارية على المؤسسات الحكومية، فمن المخجل ان نسمع بأن احد موظفي الديوان مثلا ً ضغط لتعين قريب له في مؤسسة ما مقابل غض النظر عن تجاوزات تلك المؤسسة.


  نريد لديوان المحاسبة ان يصحوا من غفلته وان لا ينام نومة أهل الكهف والا كنا أمام مصيبة عنوانها أن ديوان المحاسبة ... بحاجة الى محاسبة ... وللحديث بقية.

 الكاتب مؤسس موقع سرايا

hashem7002@yahoo.com








طباعة
  • المشاهدات: 41485
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-03-2011 12:23 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم