03-11-2019 09:34 PM
بقلم : العقيد المتقاعد / مهند سلطان الشريدة
كن منصفا حينما تتناول قضية عظيمة بحجم الاردن وبحجم المواطن الأردني الأصيل، وحينما أقول مواطن اردني فأنا أعني الأردني والفلسطيني على حد سواء فهم أخوة وأشقاء وأبناء عمومة وأنسباء شاء من شاء وأبى من أبى وما يأبى إلا الجاهل ضيق الأفق.
كأردني لم أجد نفسي بين سطورك وكلماتك واتهاماتك لأبناء وطني بالجاهلية والتخلف والفوضوية والهمجية وبأن القانون الذي كان يحكمنا هو قانون شريعة الغاب.فلا زلنا نحتكم الى قانوننا العشائري المستمد من ديننا الحنيف في بعض القضايا المعقدة حتى يومنا هذا الذي بتنا نبكي فيه على ما آلت اليه أحوالنا حينما فقد كبارنا مكانتهم وقيمتهم ولم يعد لكمتهم نفوذ ولا لرأيهم تقدير واحترام.
اما عن مقارنة الأمس بالحاضر فالتغير والتطور في القرن الماضي قد طال العالم كله وبحكم أننا جزء من هذا العالم فحتما كان لنا نصيب من هذا التطور الذي شهده العالم أجمع وإن كان للأسف في أدنى مستوياته .
الأردني يا صاحبي مشهود له بالعراقة والاصالة والجود وعزة النفس وبمواقفه الرجولية الصلبة وبانحيازه دوما للحق وتاريخنا أكبر شاهد على ذلك.
دعني أقولها يا صاحبي بكل صراحة باننا حريصون على قيادتنا الهاشمية وكلنا ولاء لقيادتنا الهاشمية ، ولكن اذا كان هناك فضل للهاشميين على الأردن والاردنيين فإن للأردنيين أيضا فضل على الهاشميين فقد استقبلوهم واحتضنوهم وحملوهم على أكتافهم ووقفوا معهم وساندوهم وذادوا عنهم وناصروهم بموافقهم وقراراتهم وساروا خلف قيادتهم ولم يخذلوهم يوما ولم يخرجوا او ينقلبوا عليهم مثلما فعل غيرنا، وقد قابل الهاشميون الود بالود والطيب بالطيب والعطاء بالعطاء والعرفان بالعرفان.
والسؤال الأهم هنا: لماذا وصلنا الى ما وصلنا اليه؟ لماذا نفذ صبر الشعب الأردني؟ لماذا ارتفع سقف الهتافات الى أن وصل للمطالبة بإسقاط النظام؟ لماذا اتسعت الفجوة بين المواطن والقيادة الى هذا الحد ؟
هذا هو السؤال الأهم .. أما الجواب ... فجميعنا يعرفه حق المعرفة ولم تعد تخفى الإجابة على أحد.
لقد وصلنا الى مرحلة متقدمة جدا من اليأس والخذلان وفقدان الأمل والإحباط والخوف على الوطن ومستقبله.
لقد وصلنا الى قناعة التامة بأن لا نية لإصلاح ولا لمحاربة فساد ولا نية للخروج بنا من عنق الزجاجة وان ما لمسناه ما هو الا تضييق لعنق الزجاجة حتى أوشكنا ان نموت خنقا وقهرا في قعرها.
لقد بتنا على يقين بأن تحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص هي مجرد شعارات وكلمات متداوله يرددها هذا وذاك ولكن لا يمكن ان تتحقق.
لا زالت الحكومة عاجزة عن فهمنا وادراك حاجاتنا واحترام مطالبنا ولا زالت تتعامل معنا وكأننا صبية صغار يغلفنا الجهل ويغمرنا الغباء وتغرقنا السذاجة.
يا صاحبي نحن الوطن نحن الدولة ونحن مصدر السلطات نحن قوة الوطن الحقيقية التي يقوى بها ويضعف بدونها .
اذا كان هنالك نية حقيقية وإرادة جادة للتغيير فالتغيير لا يكون بتغيير الحقائب الوزارية بين الوزراء ولا يكون باختيارهم من نفس القالب الذي مللناه ولا بتغيير الوجوه والملامح ، التغيير المطلوب هو تغيير النهج والسياسات تغيير العقلية التي تدار بها الوزارات والمؤسسات تغيير النظرة التي ينظرون بها الى الوطن ولمواطن .
الوطن يا صاحبي أمانة بأعناقنا واجبنا جميعا ان نحافظ عليه وعلى مقدراته ومنجزاته وعلى كل ذرة من ترابه الطاهر .