حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 14710

حزمة الإصلاحات الثانية: صدمة إيجابية متواضعة!

حزمة الإصلاحات الثانية: صدمة إيجابية متواضعة!

حزمة الإصلاحات الثانية: صدمة إيجابية متواضعة!

20-11-2019 01:10 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. تيسير رضوان الصمادي
منذ إنتهاء مهلة المائة يوم، التي طلبها دولة الدكتور عمر الرزاز بعيد تشكيله للحكومة، قبل قرابة سبعة عشر شهرا، لم أجد في السياسات والإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة ما يستحق الإشادة والثناء، ربما باستثناء التعديلات التي أجريت على قانون التقاعد المدني والتي أوقفت حق الوزير بالحصول على تقاعد أذا لم تكن له خدمة في القطاع العام تصل إلى عشر سنوات! حيث تأخر هذا التعديل كثيرا ومكّن العديد من الوزراء القادمين من القطاع الخاص من الحصول على راتب تقاعدي بغض النظر عن خدمتهم السابقة في القطاع العام أو في الموقع الوزاري! علما بأن أغلبية هؤلاء قد تسلموا الموقع الوزاري إما لأنهم من الأصدقاء أو من زملاء العمل أو لأن "يدا خفية" رغبت في توزيرهم بغض النظر عن خبراتهم ومؤهلاتهم! أما ما خلا ذلك فقد كان الأداء الحكومي سلبيا من حيث الشكل والجوهر، بدءا من إدارة حادثة البحر الميت ومرورا بتعديلات قانون الضمان الإجتماعي وإعداد الموازنات على أساس "التحزير"، كما اعترفت الحكومة، وفرض المزيد من الضرائب، وتحويل الضرائب العالية المفروضة على المشتقات النفطية إلى ضريبة مقطوعة، والمبالغة في الوعود مقابل الأداء "السلحفائي" في معظم المجالات، إلى التصريحات المستفزة من قبل العديد من الوزراء؛ مثل تلك التي بشرتنا بأن الإقتراض الجديد سيؤدي إلى تخفيض المديونية من حيث الحجم والنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي!، وعدم نشر البيانات التفصيلية المتعلقة بالفقر، وانتهاءا بنهج "المشاركة" مع مجلس النواب فيما يتعلق بإعداد مشروع قانون الموازنة للسنة القادمة، والذي تجاوز مبدأ الفصل بين السلطات وشكل سابقة على المستوى المحلي، وربما على المستوى العالمي!
ولكن الحكومة فاجأت المتابعين يوم الإثنين الماضي بحزمة إصلاحاتها" الثانية والتي ركزت على الجانب المؤسسي، إلى جانب تضمينها إجراءات كان يفترض أن تتضمنها الحزمة الأولى والتي شملت، على وجه التحديد، تخفيض الضريبة المفروضة على السيارات الكهربائية وتحويل ضريبة الوزن على السيارة إلى نسبة مئوية من قيمتها؛ مما يحقق نوعا من العدالة لصالح الأفراد الذين يشترون سيارات كبيرة الوزن ومتواضعة السعر. وفي هذا المجال فإن إشارة الحكومة إلى ارتفاع بيوعات العقار بعد الغاء الضريبة المفروضة، بشكل مؤقت، والتي كانت تصل إلى (10%) يشكل اعترافا منها بأن الإجراءات الجبائية قد أثرت عكسيا على جانب الطلب، وذات الأمر ينطبق على حالة قطاع السيارات الذي دخل في تراجع حاد بعد الضرائب العالية التي فرضت عليه! والأمل أن تقوم الحكومة بالمزيد من الإجراءات التوسعية في القطاعات الأخرى.
أما على الجانب المؤسسي، فإن إلغاء أو ضم بعض الشركات المملوكة للحكومة والمؤسسات المستقلة، وخاصة تلك العاملة في قطاعي النقل والطاقة، والتوجه نحو تقليص عدد المفوضين في الهيئات الحكومية التي بقيت قائمة، والإجراءات التي اتخذت في مجال طرح العطاءات الحكومية، يتوقع أن تنعكس إيجابيا على ترشيق القطاع العام وترشيد الإنفاق ورفع مستوى الكفاءة في المجالات التي طالتها الإصلاحات، بشكل خاص، وعلى مستوى الإدارة الحكومية بشكل عام، في وقت يعاني فيه الإقتصاد من توسع العجوزات المالية والدين العام. إلى جانب ذلك فإن التوجه نحو نقل اختصاصات روتينيّة من مجلس الوزراء إلى الوزراء المختصّين، ومن الوزراء إلى الأمناء العامّين والمدراء، يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح؛ إذ من شأنه أن يمكّن مجلس الوزراء والوزراء من التركيز على المهام الاستراتيجية والنوعية، بافتراض وجودها فعلا في هذا الوقت، بدلا من استهلاك معظم الوقت في إجراءات روتينية لا يتطلب تنفيذها تدخل الجهات المرجعية العليا التي تصل إلى مستوى مجلس الوزراء! ومن الجدير ذكره أن هذه الخطوة تأتي استجابة لمحور هام من محاور برنامج القطاع العام للفترة (2004-2009)، وأقصد هنا، تحديدا، المحور المتعلق بمأسسة عملية إتخاذ القرار في مجلس الوزراء وتمكينه من التركيز على رسم السياسات بكفاءة وفاعلية. علما بأن البرنامج المذكور قد تم دفنه وأصبح مأسوفا على شبابه، وعلى وزاراته التي أصبح وجودها أو الغاؤها تحت رحمة رؤساء الوزارات؛ وكأنها وزارة عبثية لا دور لها في إصلاح هذا القطاع الذي يمثل واسطة العقد في العملية التنموية!
ومما يلاحظ أن حزمة الإصلاحات الثانية، والتي وسمتها الحكومة "بالإصلاحات الإدارية" رغم أنها تتجاوز ذلك، قد خلت من التطرق لموضوع الحكومة الإلكترونية التي بدأ العمل بها منذ أوائل العقد الماضي وكلفت مئات الملايين دون أن تحقق النتائج المرجوة، رغم مرور عقدين على إطلاقها! ولا يعرف السبب وراء ذلك، ولكن الخشية أن تكون الحكومة قد توصلت إلى قناعة بأن هذا الملف قد استكمل مع استحداث وزارة الإقتصاد الرقمي والريادة! من جانب آخر فإن نقل مهام صندوق تنمية المحافظات من المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية إلى بنك تنمية المدن والقرى لم يكن إجراءا مناسبا؛ حيث كان يفترض أن يتم نقل الصندوق المذكور إلى وزارة التخطيط والتعاون الدولي لأن أهدافه تتجاوز دور بنك تنمية المدن والقرى، من ناحية، ولأن وزارة التخطيط لديها الخبرة الكافية في هذا المجال، من ناحية أخرى! وأذكر هنا أنني قد كتبت منتقدا، في حينه، تبعية صندوق تنمية المحافظات للمؤسسة التي تتبع وزير الصناعة والتجارة وأثرت الموضوع مع وزير التخطيط والتعاون الدولي آنذاك، حيث أيدني في الطرح وكان تبريره أنه لم يرد "الدخول في سجالات مع وزير الصناعة والتجارة"، الذي أصبح رئيسا للوزراء فيما بعد، إلى جانب قوله بأن لديه ما يكفي من المشاريع والبرامج، ولا حاجة له للمزيد من "وجع الرأس"!
أخيرا، رغم أن إصلاحات الحزمة الثانية قد شكلت إشارة إلى بدء تحرك الحكومة في الإتجاه الصحيح، وخروجها من الصندوق الذي وضعت نفسها فيه منذ تشكيلها وهو ذات الصندوق التي تموضعت فيه سابقتها وأسهم في تراجع أداء معظم القطاعات الإقتصادية وأثر سلبا على أداء الإقتصاد الكلي، حسب المؤشرات المتاحة، فإنه لا يمكن القول بأن مثل هذه الإجراءات، على أهميتها، كافية لخلق بيئة تحفيزية تخرج الإقتصاد الوطني من حالة التباطؤ التي يعيشها، والتي أجزم بأن السبيل الوحيد للخروج منها يتمثل بسياسات مالية ونقدية توسعية.









طباعة
  • المشاهدات: 14710
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم