25-11-2019 11:50 AM
بقلم : د. عائشة الخواجا الرازم
عدم مساءلة المدين بالحبس، تعني عدم تبادل الخير ومنح القرض الحسن للناس... وهذا تدمير لحسن النوايا التي تسبق الشعور بالمساعدة الحسنة هذا أولا ...
وهذا يمنعني والله من منح القرض الحسن لكل من لا يمت لدمي بصلة ... ماشي يضحك علي أخوي واختي وقريبي الأقرب...لكن لن اقرض قرضا حسنا لأي كان منذ اليوم ...وسوف لن أقبل شيك أو كمبيالة وسوف أعطل التعاملات المالية التي ستتعطل أصلا تحت طائلة الشك والذعر من الاستيفاء .
المعضلة ستتضاعف وسيتحول الخوف من الشيكات المجدولة التي تيسر الدفع على محرر المبلغ إلى صد وهواجس وشك مسبق تدعمه دولة قانون ( أضرب واهرب ) ..! وكأن دعاة عدم حبس المدين هم جماعة حنتش بنتش تعلم علم ( إهبش وانتش) ..لكن هؤلاء الدعاة لا يعلمون كم يساوي حجم الخسارة والفقدان الوطني والاجتماعي والاقتصادي حينما تفلت لفحة الدائن ...وحينما يتلفع بها من لم يدفع ثمنها ويرتديها أمام من يتألم من صقيع البرد وهو يتلوى أمام المتدفيء متوسلا لاسترداد حقه .
للعلم حتى تسوية الحقوق المالية وتخفيضها هو ابتزاز وهي حرام . ...لأنها توقع صاحب الحق تحت طاعة مت استلم الحق كاملا فماذا وتهرب وتمتع وعرض النزر اليسير مستغلا حاجة وحزن الدائن...إن هذا حرام . وإني أرى ممارسة هذا الفعل تعم وتطم ومآل هذا الابتزاز دمار على دمار لأنه مبني على الاستهتار بالحق الكامل .
فاللفحة التي يتدفأ بها المدين على رقبته وهو يتمختر حرام والذي حلل للمدين تصعير وجهه للدائن بأغنية ( سيبك... أنا ما بقيتش حبيبك ) وراود المدين بها عن ضميره وأولاده وبناته وبيته ، هو خارج عن قانون الآية القرآنية الطويلة التي تنص على تثبيت الحق وتثبيت الشهود والأجل للتسديد ، والعدل ! فما هو العدل هنا في الآيه الكريمه هل هو ترك الحبل على الغارب في حق الدين ؟ فالعدل هو العقوبة ! والعقوبة أصناف وعلى كل حالة عقوبة ذات حدود ، فلماذا الشهود ولماذا التوثيق ولماذا تحديد الزمن لسداد حق الناس؟ هل هو لتسلية المستلم للمال وحق العيال والالتفات عن مماطلته واستسخافه لأهل الحق ومجمل الحق ؟
هي أطول آية في القرآن ويريدونها مترهلة في دولة قانون وحق وعدل وثواب وعقاب ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله ، فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا، فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل ، واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا آلى أجله، ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا ، إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم، ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم ، واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم )
يعني كل مضمون كلمة فسوق لم تقنع اصحاب التشريعات الوضعية بأن الاستحقاق بالحق هو فسوق ...والفسوق كبير وصفة مخيفة ..فحينما قال الله سبحانه ولا تسأموا ان تكتبوه صغيرا او كبيرا إلى أجله ) هل كان الأجل في الصغير مهما بلغ صغره سهلا عند أصحاب القوانين الوضعية التي تودي بالبلاد والعباد في منحدر الحرام واحتقار صاحب الحق مقابل آكل الحق علنا وبالقانون الوضعي ؟
فكيف ينتصر التشريع الوضعي للمديون ولا ينتصر للدائن ؟
وكيف للمعاملات المكتوبة مثل الشيكات بأجل ومدة معروفة وتوقيع وهذا مذكور في القرآن كأنه يشرح حالة الشيكات بالضبط ، كيف للمعاملات التجارية والتعاملات الاقتصادية أن تحمل محمل الضبط والانضباط والحزم الرادع للمتهاون عن الالتزام والدفع ؟
هذا ليس تسهيلا على المناخ الاقتصادي والتجاري والتعاملات المنقولة وغير المنقولة والتبادل التجاري!والقروض الحسنة للناس من الناس غير البنوك ، هذا تحطيم لجدران الجد في تسديد حق الدائن والبائع والمقرض .هذا إعمال غبي للفوضى والانهزام المالي في الحق ويضيف الكاز على ثلاثة فاز فتشتعل !!! فحينما تقرض فأنت لا تشترط سوى الالتزام ...والأجل والتوقيع والشهود ولا تتوخى قطع الأعناق لأنك تعتمد على القانون والوفاء وكل له حدوده ولا يضبط المماطل سوى تفعيل أمر الله ليعم التفاهم والخير والتبادل الطيب بين الناس ...ولكن ما تتم المطالبة به اليوم سيفقد التراحم بين الناس ..ستجف الأيدي ويعود المواطن للمراباة والتشديد وقبض اليد ! وتجف التعاملات الاقتصادية وتصبح أسوأ مما هي عليه من دمار وخسار! ويتجمد التحريك ويعم في جسد الاقتصاد والخير داء الطاعون طالما تجمد بالوفاء القانون !