بقلم : صالح مفلح الطراونه
حين كنا بمعسكرات الشهيد صالح شويعر نتدرب ( أبلغونا إن الحسين سوف يزور المعسكر ) فطُلب منا آنذاك أن يتم رفع أيدي بذلة الفوتيك التي كنا نتدرب بها الى ما بعد " الكوع " وفعلنا ذلك , وكنا نقف بطابور للسلام عليه , أذكر انني عُدت مرةً اخرى للسلام علية فقد رأيت نوراً لا مثيل له , ربما يحضرني من الأسماء التي كنا نتدرب تحت إمرتهم ( أبا ركان عيد الطراونه والذي كان يحمل رتبة وكيل آنذاك ) .
الأنسان اغلى ما نملك قالها صريحتاً لأن الأنسان الأردني مدار نجاح وتميز على الصعيد الداخلي والخارجي فقد قالها لأنه مؤمن بهذه الثروة المميزه واهميتها في بناء الوطن ومقوماته , فقد ولد الراحل العظيم في الرابع عشر من نوفمبر لعام 1935 وهو الذي يستند الى تاريخ مشرق من بني هاشم , فقد كان الحسين صديقاً لجميعنا وكان استثنائي بإنسانيته وقربة من شعبة في كل شيء درس الإبتدائية في الكلية العلمية الإسلامية ثم سافر الى القاهره ودرس في مدرسة فكتوريا وبعدها سفر الى هارو في بريطانيا ليتعلم الإنجليزية حتى جاء عام 1952 حينها نودي به ملكاً على الأردن وهو لم يبلغ بعد السن القانونية ثم سافر الى كلية ساند هيرست ليتعلم العسكرية ومفاهيمها .ولعل ما يجب أن يستذكرة الأردنيين ما صنعة هذا القائد الملهم هو عندما قام في الأول من آذار لعام 1956 م بتعريب قيادة الجيش الأردني وتسليم القيادة الى الضباط الأردنيين , ولم يكتفي بذلك بل قام بإلغاء المعاهدة البريطانية ايضاً في الأول من آذار لعام 1957 م فأصبحت القوات المسلحة الأردنية من اقوى القوات على المستوى العربي والإقليمي وبالعوده الى ما انجز الحسين في بناء الدولة الأردنية فاننا لابد وأن نفتخر بما انجز وقدم في سبيل رفعة شأن هذا الوطن الذي ننعم فيه بالأمن والأستقرار فقد قام على المستوى السياسي بإنشاء قانون الأحزاب عام 1955 وبدأت الحياة البرلمانية في هذا الوطن ثم فك الارتباط القانوني والإداري مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1988حتى يتسنى للأشقاء الفلسطينيين الدفاع عن قضيتهم تحت علمهم وقيادتهم وممثلهم الشرعي امام كل منابر العالم ثم قام بإنشاء المراكز التي تعني بحقوق الأنسان والتعبير بحرية ثم أمر بأن يصبح التعليم الزامي ومجانياً حتى الصفوف العشرة الأولى ثم في عهده ارتفعت نسبة المتعلمين وانخفضت نسبة الأمية بالأردن ثم أمر بإنشاء المراكز والمستشفيات في عموم مناطق المملكة ثم انشاء شبكة طرق تربط المملكة ببعضها البعض وقد اهتم بالشباب من خلال تأمين لهم الملاعب ودور الثقافة التي تعني بطموحاتهم ولعل ما ميز الأردن بأنه كان رائداً في دعم الاشقاء العرب والمصالحة في كل النزاعات العربية وملتقى للتصالح العربي وفي مجال الدعم العربي لكل ما يعيد لهما اللحمة والتوافق , فقد كان أول زعيم عربي لبى دعوة الرئيس المصري جمال عبدالناصر عندما دعي لقمة عربيه في عام 1964 وقد استضافت الأردن في عهدة قمتين عربيتين عام 1980 وعام 1987 وقد ناضل للقضية الفلسطينية بالحرب والسلم , بجانب انه صاحب فكرة القرار 242 الصادر من الامم المتحدة الذي يقضي بانسحاب العدو الاسرائيلي من جميع الارضي التي احتلت عام 1967مقابل السلام مع اسرائيل.
أما ما احدثه من عز وكرامه في عام 1968حينما خاض الاردن معركة الكرامة تحت قيادته المباشرة وجميعنا يعلم أهمية تلك المعركة التي سطر بها الجيش العربي الأردني اروع البطولات وهزم الجيش الذي لا يهزم ورسم خريطة جديده اعادت الثقة لكل منظومة الامه العربية في هذه المعركة حيث محت ذكرى هزيمة 67.
نعم لقد استطاع الحسين أن يحقق المعجزات وينجز الكثير في بلد امتاز بقلة موارده , وكانت ثروته الأساسية الإنسان . استطاع وسط أكبر خط مواجهه مع العدو الإسرائيلي أن يوجد خريطة الأردن التي لا يمكن لأحد أن يتجاوزها.
وفي السابع من شباط لعام 1999 رحل الحسين بن طلال في يوم مشهود في ذاكرة العالم والأنسانية حيث وصفت جنازته بجنازة العصر وترك إرثاَ من القيم التي يعرفها الجميع عن الحسين رحمة الله .