حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 13493

عاقبتُكَ بالموت

عاقبتُكَ بالموت

عاقبتُكَ بالموت

25-11-2019 08:45 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : بتول عدنان ملكاوي
ها أنا أشتكي لأول مرة، أنظر إلى المرآة بصمت وداخلي خرابٌ بحد ذاته، لم أستوعب البرود الذي سيطر على جسدي، لم أعد كما كنت، وكلما تجمد رأسي احترق قلبي.
جالسة أمام المرآة أنظر لنفسي، أنظر لكمية السواد تحت عيناي، أنظر إلى تمزق شفتاي والدماء تسيل منها، شعري والفوضى العارمة التي أشعِلت به، الجروح التي ملأت جسدي وشوهت أطرافي.
أضع يدي على عيني وآخرى على فَمي وأُعيد الكرة مرارًا وتكرارًا، لا يوجد ألم، أيعقل إنني فقدت حواسي؟
جسدي منهك إلى حد عدم استطاعتي جلب الهاتف لأحادث أمي، كان حمام الغرفة أقرب، تمسكت بالمقعد وحاربت الكدمات التي تقتلني، خطوة بعدها خطوة لكني سقطت.
لم أستسلم زحفت على الأرض ومساعدة يداي التي يملؤها الدماء، قاربت على الوصول، حاولت التمسك بالباب، اضأت الماء فوقي وجسلت، انظر لجسدي لعل نقطة ماء تبقى على حالها ولا تتلون للأحمر .
في هذه اللحظات لم أبكي دمعة، هل هذه قوة أم صدمة أم أنني أُصبت بلامبالة؟
أوشك النهار على الذهاب وأنا في مكاني لآخر قطرةِ ماءٍ، انتفخت جميع أعضائي من الماء والبرودة، حاولت النهوض و الذهاب إلى السرير لأنام كطفلٍ تَعِبَ من كثرة اللعب.
استيقظت على صوتك العفن، تستهزأ بعد كل ما حدث، لن أنطق بكلمة معك لأن الحيوانات لا تفهم .
تركتك تنام لأهرب الى الحرية التي لم أفكر فيها منذ خمس سنوات، لكنك أيقنت ذلك من نظرتي لك، ربطتني بحبلٍ كي أبقى لجوارك، لكن لا تقلق حبيب قلبي سأذهب من هنا و هذا وعد.
ساعات من المحاولة حتى استطعت إفلات نفسي، ذهبت إلى باب الغرفة لأهرب من جحيمك، قبضة الباب بيدي و نظراتي لك ، كدت أقتلك، لم أستطع فتح الباب فهو مغلق و المفاتيح بجيب الشيطان، حاولت أقسى جهدي أن أحضره لكنك رأيتني، أرجوك لا تضربني، جسدي لن يتحمل، أرجوك اتركني و شأني، لن أتفوه بكلمة فقط اتركني اذهب أرجوك، دون جدوى و بدأ الصراع من جديد.
أيعقل هذا من أحببت؟
هذا من تخليت عن حياتي لأجله؟
هذا الذي كنت أريد منه طفلًا؟
ساذجة حقًا.
لأول مرة سأرفع صوتي عليك، أيها اللعين الماكر، جعلتني ميتة ودفنت جثتي أمام عائلتي، لو كنت أريد تركك لفعلت لن أنتظر أحدًا يعطيني النصائح، كنت أحبك، كنت نفسي، كنت تحتضن قلبي، لكن لماذا؟
لماذا فعلت بي وبعائلتي هذا؟
ما السبب؟
أترك خصلة شعري المتبقية و ابتعد عني.
في صباحي التالي، بعد ليلة مليئة بالبؤس والنزاع بين قلبي الذي أحبك وعقلي الذي كرهك وجهًا لوجه عزيزي في بيتٍ مليء بضوء الشمس ولأول مرة ، في غرفتك وعلى سريرك بالتحديد الجهة المقابلة لنافذة الغرفة ، هدية لك سكين داخل صدرك و أخرى بكتفك، سماع أنين وجعك يريحني ، لأول مرة أراك ضعيف هكذا ، أنظر إلى السماء وأطلب المغفرة .
إلى اللقاء، انا سأذهب وأنت ستموت هنا.
قبل ذهابي ، لا تقلق عزيزي فلن يعلم أحد بجثتك تذكر بأني ميتة بنظر الجميع وجثتي مدفونة بجانب قبر جدتي ، وأنت الرجل الحزين الذي اغترب عن بلدٌ توفيت به عشيقته، لأول مرة أجد منك خيرًا، لأول مرة شيء يسعدني منك، اليوم هو يوم التحرر كما تتحرر البلاد، أنت داخل قبرك و أنا سأكمل حياتي التي سَلبت، إلى الوداع أيها الميت.








طباعة
  • المشاهدات: 13493
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم