30-11-2019 11:54 AM
بقلم : د. هايل ودعان الدعجة
قدم القانوني الدكتور نوفان العجارمة اقتراحا باجراء تعديل دستوري على الفقرة ١ من المادة ٨٦ من الدستور ، المتعلقة بحصانة اعضاء مجلس الامة ، بان يقتصر رفعها على ما ينسب لهم من جرائم مرتبطة بادائهم التشريعي والرقابي خلال مدة اجتماع المجلس ، ولا يمتد ذلك ليشمل الجرائم الخاصة والشخصية التي قد يرتكبونها في حياتهم الخاصة . الامر الذي ارى انه ليس في صالح السلطة التشريعية وحمايتها وتحصينها من الاختراقات والتدخلات الحكومية خاصة مجلس النواب . اضافة الى تعارضه مع تعديلات دستورية اخرى جرت ٢٠١١ بهدف تفعيل دور المجلس وتحصينه من هذه التدخلات من خلال تعزيز صلاحيات السلطة التشريعية وتحصين المجلس النيابي من الحل ، كون التعديل المقترح يمنح السلطة التنفيذية وسيلة او اداة اخرى تضاف الى الوسائل والادوات الدستورية التي تمتلكها في مواجهة الوسائل والادوات التي يمتلكها المجلس النيابي ، والتي تميل لصالحها ، وبما يساعدها على اختراقه واضعافه وابتزازه والضغط عليه لاستمالته لتأييد سياساتها وقراراتها عبر التلويح والتهديد باستخدام هذا السلاح ( الدستوري ) كلما اقتضت الحاجة ومن خلال اجهزتها المختلفة ، القادرة على التأثير بالاطراف الاخرى في الجرائم الخاصة التي يكون النائب طرفا فيها من خلال الضغط على هذه الاطراف بالتمسك والذهاب بعيدا في الدعاوى والشكاوى المرفوعة من قبلهم ضد النواب وتحويلها الى قضايا رأي عام مستغلة وقع موضوع رفع الحصانة عليهم وتحسسهم منه ، خاصة أن البعض يعتبر أو يعتقد أن رفعها تهمة أو إدانة !! لتجعل النائب يعيش تحت تأثير الضغط النفسي والشعبي والاعلامي ، الذي لن يستطيع الخلاص منه الا اذا انصاع الى مطالب الحكومة وقام بتغيير مواقفه وقناعاته تجاه سياساتها واجراءاتها . هذا ان لم تكن الحكومات هي نفسها من يعمد الى توظيف هذه الوسيلة في التحريض ضد النائب وتوريطه والايقاع به في جرائم كيدية من صناعتها وتدبيرها ، عبر تحريك موظفيها واجهزتها وادواتها المختلفة لممارسة الضغط على النائب من خلال هذه الوسيلة الاستفزازية والابتزازية الجديدة ، مستغلة الطابع الفردي الذي يغلف الاداء النيابي ، بعيدا عن العمل المؤسسي القائم على التمثيل الحزبي في ظل غياب المرجعيات التنظيمية والحزبية والمؤسسية التي تضبط اداء النائب وتراقبه وتعمل على تفعيله .
اضافة الى تعارض هذا المقترح مع الاصول والاحكام الدستورية والتقاليد والاعراف البرلمانية بضرورة حماية النائب وتحصينه من اي تدخلات او تأثيرات او ضغوطات قد تمارس عليه للتأثير في ادائه . واذا ما ذهبنا الى ابعد من ذلك ، فانه عدا عن الظروف المحلية السائدة الى تلعب ولا تساعد على وجود حالة نيابية ناضجة ومتقدمة ، فان هناك ايضا من الجهات الرسمية من يميل ويسعى الى اضعاف مجلس النواب الذي يعتبر ركنا هاما من اركان النظام السياسي عبر تدخلها في العملية الانتخابية والعبث في الارادة الشعبية لافراز مجالس نيابة لا تمثل الشارع الاردني تمثيلا حقيقيا ولا تعبر عن مصالحه وهمومه وتطلعاته ، لتكون في متناول الحكومات التي تسعى دوما الى ايجاد مجالس نيابية وفقا لقياساتها وحساباتها . كذلك فقد اخذنا نلاحظ في السنوات الاخيرة ، وتحديدا بعد عام ٢٠١١ وجود شخصيات وجهات باتت تستسهل عملية فتح الدستور واجراء تعديلات دستورية شملت ثلث مواده تقريبا ، وبطريقة لامست مفاصل جوهرية في تركيبة النظام السياسي الاردني بحجة الاصلاح السياسي وضرورة مواكبة التطورات والمستجدات ( السياسية ) المحيطة . وهي التعديلات التي شاب بعضها التسرع ، بدليل التراجع عن بعضها مع استمرار المطالب بالتراجع عن تعديلات اخرى . دون مراعاة للاثار السلبية المترتبة على تكرار هذه التعديلات وكثرتها على الحياة السياسية وطبيعة النظام السياسي وعلى التوازنات والعلاقة بين مؤسسات الدولة والمراكز القانونية والحقوق المكتسبة للافراد .