18-12-2019 09:39 AM
بقلم : فهد خشمان الخالدي
كُلما تعمقّنا في دينِ الاسلامِ أَكثر؛ كُلما ازددنا يقيناً بمدى سماحتهِ ويُسرهِ ..!! وكُلما تمعنَّا في أَحاديث رسول الله صلَّى اللهَ عليهِ وسلَّمَ وَسيرتهِ أَكثر؛ كُلما ازددنا معرفةً بعِظَمِ خُلقهِ وتواضعهِ وبساطةِ اسلوبهِ في تعاملهِ مع جميعِ الناسِ مِن حولهِ ..!! فالمنطقُ يقتَضي أن يتمثلَ في هذا الدينِ كُل معاني السماحةِ والبساطةِ والمرونةِ في التعامل مع كافة القضايا والمسائل المختلفةِ في هذهِ الحياةِ ..!! فنحنُ نتكلم عن خاتمِ الدياناتِ هُنا؛ لا عن دينٍ سيأَتي مِن بعدهِ ديانةً أُخرى تُضيفُ إِليهِ شيئاً ما مِن تعاليمِ اللهِ عزَّ وجل، والمنطق يقتضي كذلكَ أَن يكونَ سيدنا مُحمداً مِثالاً وقدوةً حسنةً إِلى يومِ القيامةِ، فهو حاملُ الرسالةِ وحافظُ الأَمانةِ، ولهذا جاءَ هذا الدينُ كاملاً بكُلِ ما فيه، وقادراً على التعاملِ مع كُل أَمرٍ إِلى قيامِ الساعةِ ..!! .
المشكلةُ تكمُن عند مَن (يُعقِّدونَ) هذا الدينَ مِن خلال فهمهم الخاطِئ لهُ ..!! فيحاولون الزامكَ فيما تقولُ وفيما لا تقول ..!! وفيما تفعلُ وفيما لا تفعل ..!! فتُصابُ بحيرةٍ ما بعدها حيرة ..!! فمسأَلةٌ ما يُحرِّمها (مُستَشيخٌ) ما ..!! وذات المسأَلة يُحللها (مُستَشيخٌ) آخر ..!! فهل نتبعُ هذا أَم نتبعُ ذاكَ ..؟؟!! وقد تجدُ (مُستَشيخٌ) ما (يَضُخُّ) عليكَ مِن الفتاوى يُمنةً ويُسرةً بِما يتوافقُ وقناعتهِ هو، لا بِما ينصُ عليهِ رأَيٌ آخرَ أَيسرَ مِن رأَيهِ وأَكثرَ سماحةً منهُ ..!! فتجدهُ مثلاً يحاولُ أَن يفرضَ عليكَ مَظهراً ما في شَكلِكَ ولِِبسِكَ، بطريقةٍ يكادُ أَن يقولَ لكَ فيها أَنك خارجٌ مِن المِلَّةِ لا مَحالة إِن لَم تفعل ما أَقول ..!! وكأَنهما مفاتيحُ الجنةِ بشكلٍ يفوقُ تقواكَ ومخافتِكَ مِن اللهِ عزَّ وجَل ..!! .
(قالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لرَجُلٍ : كَيفَ تقولُ في الصَّلاةِ ؟ قال : أتَشَهَّدُ وأقولُ : اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الجنَّةَ، وأَعوذُ بِكَ منَ النَّارِ، أما أَنّي لا أُحسنُ دَندنتَكَ ولا دَندنةَ مُعاذ، فقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : حولَها نُدَندِن)، وفكرةُ الحديثِ، أَن الرجلَ لا يحفظُ مِن الدعاءِ إلَّا أَن يسأَلَ اللهَ الجنةَ، والبُعد عَن النارِ ..!! فَهوَ لا يستطيعُ أَن يدعو كَما يدعو النبيُ صلَّى الله عليهِ وسلَّم، ومُعاذ بن جَبل رضيَ اللهُ عنهُ في دَندَنَتِهما (الدَندَنَة تعني الصوت الخافِت غير الواضح)، فالنبيُ أَجازَ لهُ أَن يدعوَ اللهَ بِما يشاءُ وكَيفما يشاءُ دونَ الزامهِ بطريقةٍ معينةٍ أَو دُعاءٍ معين، فاللهُ يعلمُ بنيَّةِ هذا الانسانِ، ويعلمُ ما يُريدُ دونَ تَكلُّفٍ بالدعاءِ ..!! رغمَ أَنَّ الدعاءَ رُكنٌ أَساسي في عبادةِ المُسلمِ، ومعَ هذا تمَّ التعاملِ مع هذا الأَمرِ بكُل لينٍ ويُسرٍ؛ طالما أَن الرجلَ اختصرَ غايةَ العبادةِ في دعائهِ ..!! وَقِسّ على ذلكَ الكثيرَ مِن الأَقوالِ والأَفعالِ التي قامَ بِها النبيُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، كَي يُعَلِّم الدُعاةَ مِن بعدهِ أُصولَ الدعوةِ إِلى اللهِ، وكأَنهُ يريدُ أَن يقولَ لَنا أَنَّ اللهَ لا يُريدُ مِنَّا إِلَّا أَن نُخلصَ له النِيَّةَ فقط في القولِ والعملِ، دونَ تَكلُّفٍ فيهما، أَو في الشَكلِ والطَريقةِ .
كَم أَتمنى مِن اللهِ أَن يَرحَمنا هؤلاءِ (المُستَشيخين) مِن فتاويهم وشَطحاتِهم واجتهاداتِهم التي لا تزيدُ البعيدينَ عَن أَمرِ اللهِ إِلَّا نُفورا ..!! وَلا تزيدُ القريبينَ مِنهُ إِلَّا فُتورا ..!! وَليتركوا أَمرَ الفَتاوى لأَهلِها مِن أَهلِ العِلمِ والحِكمةِ، ناهيكَ عَن أَنَّ دارَ الإفتاءِ فاتحةً أَبوابِها وهواتِفها لِمَن يشاءُ، فَفيها مِن العُلماءِ الثِقاتِ ما يَستطيعونَ الإِجابةَ على كُلِ مسأَلةٍ، دونَ الحاجةِ إِلى فَتاوى هَؤلاءِ التي تَتماشى مَع طَريقَتِهم وَشَطَحاتِهم في هذهِ الحياةِ ..!! وَليتركونا (نُدَندِن) للهِ بِما نَشاء، كَي نَعبدهُ بِلا تَعقيدٍ أَو شَقاءٍ .