24-12-2019 01:38 PM
بقلم : بسام الكساسبة
أعلنت الحكومة بتاريخ 5/12/2019 عن زيادة رواتب المتقاعدين المدنيين، وقد بدت الحكومة وكأنها قدمت لهم زيادة مجزية، حدها الأدنى (10) دنانير والأعلى (80) دينار، ليتبين سريعا أن هذه المبادرة كانت مجرد عملية وهمية ولا تتعدى كونها التفافاًعلى حقوق المتقاعدين المدنيين في الحصول على زيادة عادلة على رواتبهم، عندما قسمت المتقاعدين إلى شريحتين الأولى قليلة العدد ممن تقل رواتبهم عن 300 دينار شهرياً فمنحتهم زيادة شهرية تصل إلى (80) ديناراً، والشريحة الثانية التي تشكل الغالبية العظمى من المتقاعدين، والذين تزيد رواتبهم عن 300 دينار شهرياً، وحددت زيادتهم بـ 10 دنانير شهرياً، هذه الزيادة الرديئة التي لا تليق بالحكومة ولا بدورها كراعية لحقوق الناس وللعدالة الاجتماعية بين المواطنين ومنهم المتقاعدين المدنيين، كما لا يتناسب مع مهامها في العمل على تحسين معيشة المواطنين.
كانت الحكومة في تسعينات القرن الماضي ولغاية عام 2007 تقدم زيادة كل سنتين مرة على أقل تقدير لتشمل الجميع بدءاً من الوزير على راس عمله حتى المراسل، للموظفين العاملين والمتقاعدين، للمدنيين والعسكريين، للسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية على حد سواء وبلا تمييز، كانت زيادات مجزية ومنصفة ترضي الجميع كل حسب راتبه وخدمته ودرجته، لكن منذ بمجرد دخول الحكومات المتعاقبة منذ عام 2007 نفق المحاباة والمزاجية والإنتقائية وغياب الشفافية في منح الرواتب والزيادات المالية، فقد استحوذت بعض الجهات الرسمية والسلطات والوحدات المستقلة على الافضلية في الرواتب المرتفعة سواء على مستوى العاملين فيها أو المتقاعدين منها.
لقد تذرعت الحكومة بحجبها الزيادة عن رواتب المتقاعدين المدنيين منذ عام 2007 إلى وقتنا الراهن هي بعدم وجود مخصصات مالية كافية لدى الحكومة تسمح بمثل هذه الزيادات، وما يدحض هذه الحجج الواهية والهزيلة هو أن الحكومة رفعت سنوياً وتدريجياً نفقاتها العامة (النفقات الجارية والرأسمالية) من 4.6 مليار دينار في عام 2007 إلى 9.1 مليار دينار بنهاية عام 2018 ، كما رفعت نفقاتها الجارية التي تتشكل غالبيتها من رواتب وامتيازات منتسبيها خلال نفس الفترة من 3.7 مليار دينار إلى 8 مليارات دينار، مما يثبت وجود هذه المخصصات المالية، لكن الحكومات المتعاقبة حجبت هذه الزيادات عن المتقاعدين منذ عام 2007 إلى وقتنا الراهن كي تتكرم بها على هيئة رواتب وامتيازات ونفقات وبذخ وترف ومخصصات لجهات رسمية أخرى، على حساب زيادة رواتب المتقاعدين المدنيين وخصوصاً القدامى منهم، بما يشكل إنتهاكاً خطيراً بل تعدياً صارخاً على حقوق هؤلاء المتقاعدين.
زيادة المتقاعدين المدنيين هو إستحقاق وطني ودستوري قائم على ضرورة تحقيق العدالة بين المتقاعدين القدامى والجدد، فمن غير المقبول أن لا يتعدى الراتب التقاعدي لموظف تقاعد قبل عشر سنوات ثلث أو نصف الراتب التقاعدي لزميله الذي تقاعد حديثا بنفس الدرجة ونفس المدة الزمنية، هذا الفارق الشاسع الذي يشكل إنتهاكا لأبسط مباديء المساواة والعدالة الاجتماعية بين المتقاعدين المدنيين، ومن هنا ينبغي أن يكون الهدف من زيادة المتقاعدين وخصوصاَ القدامى منهم هو تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفجوة ببن رواتب المتقاعدين القدامى والجدد ، بما يمكن المتقاعدين من مواكبة الارتفاع في معدلات التضخم.
على المتقاعدين المدنيين تنظيم صفوفهم والمطالبة بحقهم الدستوري في تكافؤ الفرص والعدالة والمساوة بين المتقاعدين القدامى منهم والجدد كل حسب درجته وسنوات خدمته، ومطالبتهم الجهات التنفيذية والتشريعية بتصويب هذه التشوهات وتصحيحها، وبالحصول على زيادات مجزية وعادلة على رواتبهم ، كأن تكون زيادة كل سنتين ، وليس مجرد المطالبة بزيادة عابرة قد تمكث الحكومة بعدها عشر سنوات أخرى قبل أن تمنحهم زيادة عابرة أخرى، فليس لدى الحكومة أي رادع أدبي يمنعها من حجب الزيادة عن المتقاعدين المدنيين لعشر سنوات قادمة، خصوصاً إذا ما وجدت خنوعاً واستكانة منهم عن المطالبة بحقوقهم.
زيادة المتقاعدين المدنيين ، هي واجب وطني ، واستحقاق دستوري ، فالدستور قد كفل المساواة والعدالة بين المواطنين، وبالنتيجة لا يقر الدستور حجب الزيادة عن المتقاعدين المدنيين لمدة عشر سنوات، ولا يقر منحهم زيادة رديئة ووضيعة ( 10 دنانير) التي أعلنت عنها الحكومة، هذه الزيادة التي تشكل إساءة بالغة لسمعة الحكومة وللمتقاعدين معاً، وتشكل إنتهاكاً شديداً لأسس العدالة والمساواة.
المتقاعدون المدنيون يستحقون زيادة شهرية عادلة ومجزية على رواتبهم التقاعدية تعوضهم عن حجبها عنهم خلال السنوات العشر الماضية.