26-12-2019 10:11 AM
بقلم : عيسى محارب العجارمة
عادة ما يداهمني زميلي ابو عبادة بالعبارة اعلاه صبيحة كل دوام لأرد عليه بعبارة :- مدير مين والناس نائمين يا غالي، وللأمانة كثيرا ما احاول- في تعاملي اليومي سواء بالعمل او الشارع كي انجح بعملي البسيط ويكون الفشل الدائم حليفي - ان اكون دبلوماسيا كفريق عمل الحكومة الموقر ، والمكون في اغلبيته من رجال البنك الدولي وكبار مُدقّقي الحسابات الذين شكَّلوا الحكومات سواء في الاردن أوفي أكثر من بلدٍ عربي وشرق أوسطي بعد الانهيار السوفياتي عام 1990.
حسب ما اورد الصديق والكاتب والمحلل السياسي الاردني موفق محادين بمقالة له اليوم في شبكة الميادين بعنوان الدعارة الاكاديمية فهو يؤكد صعود موجة أخرى من رجال الوكالة (الاستخبارات الأميركية) تدخل شريكة للّاعبين المذكورين في الموجات المُتلاحِقة من موسم الفوضى، الذي انطلق عام 2011 من جوع الناس وفقرهم وتوقهم إلى الحرية، مُحوِّلاً إياهم إلى حطبٍ في الحرائق الامبريالية في المنطقة.
فبالإضافة إلى مراكز التمويل الأجنبي المعروفة، تبرز اليوم أوساط أكاديمية وثقافية من المُتعاونين مع الجامعات الأميركية والأوروبية، كجزءٍ لا يتجزَّأ من فريق البنك الدولي ونشطاء الـNGOs الذين صعَّدتهم ثورات الكاميرا ومواقع التواصُل الاجتماعي قبل سنوات، والهدف بناء عالم في الجنوب، بلا دول وبلا سيادة، بلديات كُبرى وحسب، تاركة السياسة وشؤون الحرب والأمن الاقليمي والتخطيط والسياسات الاقتصادية الكُبرى للمتروبولات الرأسمالية.
وتتركَّز موضوعات واهتمامات المراكز والأوساط الأكاديمية المذكورة، على الحراك المدني (البرتقالي) والربيع العربي، الإسلام السياسي، المرأة والجندر والمثليّة، الأقلّيات وقضايا الانفصال، وموضوعات ذات طابع حقوقي وصحفي.
أما أبرز مراكز التمويل الأجنبي فهي، في أميركا: نيد، راند، المجتمع المفتوح، بيت الحرية، فورد فاونديشين، روكفلر، أولبرايت، صابان، وهيئات أكاديمية مثل كارينجي.
وفي ألمانيا: أديناور، ناؤمان، إيبرت، وهانز داينزل.
وأما الهيئات المُتعاوِنة في المنطقة العربية، فأشهرها: المركز الأكاديمي الإسرائيلي في القاهرة ومدن عربية أخرى، ومركز دراسات آخر في جامعة تل أبيب يُشرِف على بعثات طلاب عرب وخاصة من الأردن وفلسطين، ومركز ابن خلدون في القاهرة، وعشرات الهيئات المدنية والحقوقية والنسائية في بيروت ومنها كارنيغي.
ومن الأردن مراكز: القدس، الأردن الجديد، حماية حرية الصحفيين، عمّان لدراسات حقوق الإنسان، العالم العربي للتنمية الديمقراطية، أكاديمية التغيير للدراسات، المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، وغيرها.
يُشار إلى أنه منذ اللحظة الأولى ركَّزت المخابرات الأميركية على الانشقاقات التي جرت باسم اليسار الاجتماعي، بذرائع ليبرالية ونفعية، فما أضيق العيش لولا فُسحة التمويل.
ولمَن يهمّه الأمر أكثر يُمكن العودة إلى كتاب "مَن يدفع للزمار، المخابرات الأميركية والحرب على الجبهة الثقافية" للكاتِبة والمُخرِجة البريطانية فرنسيس سوندرز، وكذلك كتاب جورج قرم (حُكم العالم الجديد) وأعمال المؤتمر الذي عقده في عمّان "مناهضون للتمويل والتطبيع".
مشروع مارشال ثقافي
جنباً إلى جنب مع مشروع مارشال الأميركي الاقتصادي لاحتواء التمدّد اليساري لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، اقترحت المخابرات الأميركية عن طريق آلان دالاس، وضع مشروع مارشال ثقافي لاستيعاب المُثقّفين والأكاديميين، وكلَّفت سينمائياً مغموراً آنذاك كناطقٍ رسمي للمشروع، هو رونالد ريغان الذي صار رئيساً للولايات المتحدة.
في مرحلةٍ تالية، دعا الرئيس كينيدي 1962 إلى إقامة علاقات مع المُثقّفين ومنهم آرثر ميلر، وكلَّف الاستخبارات الأميركية بذلك. وفي أيلول/سبتمبر 1993 تحدَّث كلينتون عن مبدأ جديد أسماه التوسّع الديمقراطي شمل المُثقّفين والأكاديميين.
الأدوات: الأرستقراطية الأكاديمية والثقافية
1- الأكاديميون: تكاثرت مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة التي ابتدأت في السبعينات لتصبح 5465 مركزاً موزّعة على 169 بلداً، واحتلّت بريطانيا المركز الثاني، وألمانيا المركز الثالث، كما تطوَّر دورها عام 1995 في عهد مدير المخابرات جون دوتش، الأستاذ السابق في معهد ماساتشوستس، ومنذ ذلك الحين انتشرت الصلات مع الأكاديميين مثل تكاثُر الفطر على حد تعبير الدكتور غانون نائب المدير لشؤون الاستخبارات في الفترة 1995 -1997.
وفي تقريرٍ آخر يعترف جورج كانون رئيس المجلس القومي للاستخبارات الأميركية باتّساع دوائر العلاقات مع الأكاديميين والمُثقّفين والمُنظّمات غير الحكومية.
أما الأوساط الأكاديمية المعنية بالملفات المختلفة للاستخبارات الأميركية، فقد توزّعت بين عمل الجامعات نفسها، أو تخصيص "كورسات" مُعيّنة، أو إنشاء مراكز أبحاث فيها، وتأسيس فروع لها خارج الولايات المتحدة، ومنها بلدان عربية مثل بيروت والقاهرة ودول خليجية، ومن أشهر هذه الأوساط الأكاديمية: كولومبيا، برينستون، هارفارد، شيكاغو، بيركلي، كارينجي، ماساشتوستس، وكذلك كامبريدج في بريطانيا والقدّيس آندروز في أسكتلندا، وجون موناش في أستراليا.
2- "شبكة الدعارة الأكاديمية": كانت المخابرات الأميركية قد أنشأت برئاسة توم براون إدارة خاصة للمُنظّمات الدولية للأكاديميين والمُثقّفين، شملت استدراج مُثقّفين مثل: سيدني هوك، جورج أورويل، جون بول سارتر، وستيفين سبيندر، كما قامت بطباعة وتوزيع رواية أورويل (مزرعة الحيوانات) على نطاقٍ واسعٍ، واستحقَّت كما يبدو توصيف أحد مُهندسيها الكِبار الذين انشقّوا عنها، وهو الكاتِب والروائي والمؤرِّخ اليساري السابق، آرثر كوستلر صاحب كتاب (إمبراطورية الخزر) و(الظلام في الظهيرة) فقد وصف تلك الأكاديميات بـ (شبكة الدعارة الأكاديمية).
3- المجالس الثقافية التابعة للوكالة: كان أول مجلس تابع لوكالة المخابرات الأميركية هو كونغرس حرية الثقافة، بإدارة مايكل جوسلسون 1950 وبعشرات الفروع الخارجية ومنها فروع عربية، أما المجلس الثاني، فهو المجلس الثقافي الحر في أوروبا الذي كان يُنسِّق مع إذاعة أوروبا الحرّة ضد المعسكر الإشتراكي، ومن المؤسَّسات الأخرى ذات الصِلة، مؤسَّسة بن والقلم الحر.
4- المجلات: منذ أن لفت الإنتباه لذلك ملفن لاسكي، الضابِط المُختصّ في الشأن الأكاديمي والثقافي داخل وكالة المخابرات الأميركية، تمّ تأسيس عدَّة مجلات بلغاتٍ مختلفة، منها: أميركان ريفيو، ديرمونات، ومجلة إنكاونتر التي نجحت في استدراج مُثقَّفين كِبار مثل: بورخيس، أشعيا برلين، راسل، هربرت ريد، والشاعِر ستيفن سبيندر الذي تولَّى رئاسة تحريرها، وكانت تصدر بالتعاون بين المخابرات الأميركية والبريطانية، كما موَّلت المخابرات الأميركية مجلات أخرى في بلدانٍ عديدةٍ بينها لبنان.
5- المهرجانات والأيام المسرحية والموسيقية والسينمائية والثقافية، التي انطلقت باقتراحٍ من المُنشقّ الروسي، نابكوف، وكانت تُموَّل عبر واجهات للمخابرات الأميركية مثل مؤسَّسة فرافيلد.
وقد تطوَّرت هذه المهرجانات والأيام لتشمل بلداناً أوروبية عديدة، منها على سبيل المثال مشروع قصّة مدينة متوسّطية الذي صدر بالتعاون بين القسم الثقافي في جريدة النهار (جمانة حداد) ومؤسَّسة كوما برس اللندنية وضمّ عملاً قصصياً من (تل أبيب).
6- ولعلّ أخطر الاختراقات التي نجحت فيها المخابرات الأميركية هو اختراع تيّارات فكرية وأدبية تروِّج للوضعية والعدمية.
7- الجوائز القارّية والعالمية، وثلاث منها مرتبطة بأسماء لا علاقة لها لا بالأدب ولا بالثقافة، فجائزة نوبل التي اخترقتها الوكالة، تنسب أصلاً إلى مُستثمِر اخترع الديناميت لاستخراج النفط في أذربيجان، وجائزة بيجاسوس، حسب أحد الحائزين عليها وهو المصري صبري موسى، منسوبة إلى مُستثمرٍ في شركة موبيل النفطية، وجائزة البوكر تصدر عن معهد وينفيلد المعني بالاستراتيجية البريطانية لدول الكومنولث، وقد استحدثت من هذه الجائزة طبعة عربية معروفة، إلى جانب جوائز أخرى في محميّات النفط والغاز.
وهناك جائزة رابعة مُنِحَت لأكثر من سوري مُعارِض (علي فرزات وأسماء زيتونة)، هي جائزة زاخاروف، اليهودي الروسي المُنشقّ المعروف، وهو عالِم نووي كان ضمن فريق يلتسن.
وغالباً ما يُساعد المُثقّف أو الكاتِب في الحصول على إحدى الجوائز المذكورة إشارته إلى اليهودي الطيب أو المثليّة، أو موجة الروايات التي تخلط بين التصوّف الحقيقي والكابالاه اليهودية.
ختاما اقول لك صديقي ابو عبادة ارجوك توقف عن مخاطبتي بكلمة صباح الخير يا مدير لأنني لم ولن اكون مديار الا اذا انضممت للجوقة الموصوفة اعلاه من كلام الاستاذ موفق المحادين الذي نقلته للأهمية القصوى لما ورد فيه علي اجد مديرا حقيقا بالوطن العربي يوقف اولئك البرامكة الجدد عند حدهم كما فعل طيب الذكر هارون الرشيد مع اجدادهم من فاسدين البنك الدولي .