05-01-2020 10:19 AM
بقلم : الدكتور علي فواز العدوان
يعرف أهل السياسة الضربة الاستباقية أو الوقائية بأنها التحول من الرد على هجوم واقع إلى المبادرة بالهجوم لمنع هجوم محتمل خاصة إذا تمكنت أجهزة الدولة الاستخبارية من اكتشاف نوايا مبكرة بالهجوم لدى العدو أن الاعتماد في الضربات الاستباقية يعتمد على نوايا الطرف الآخر كونه عدواً محتملاً من خلال تحرك عسكري أو تصعيد سياسي سري.
و يتفق دارسو العلوم العسكرية والمختصون في التخطيط الاستراتيجي للعمليات الحربية مع المفهوم السابق على أنه يخص الضربات الوقائية، إلا أنهم يميزون بين هذا المفهوم السياسي والعسكري وبين الضربات الاستباقية، إذ يعتبرون الضربات الاستباقية مفهوماً عسكرياً استراتيجياً وليس سياسياً ويخضع لقيادة الجيش وآليات إدارتها للحرب بعد نشوبها أو قبل نشوبها بفترة قصيرة، وتوجة الضربات الوقائية مبكراً عند اكتشاف نوايا بالهجوم لدى الخصم بغض النظر عن نشر وسائل هجومه أم لا، أما الضربات الاستباقية فإنها توجه ضد قوات الخصم التي تم نشرها فعلاً في أوضاع هجومية مختلفة استعداداً لهجوم حقيقي .
من المعروف ان روسيا امريكا يتفقا فيما يشبه إعادة تقسيم للنفوذ وترتيب جديد لخريطة المصالح في المنطقة، في إطار من التعاون والتكامل والتنافس المشروع بدل الصراع والتصادم منذ اخفاق الديمقراطيين بسياسية الربيع العربي واغضاب شعوب المنطقة بالانحياز الى جانب اسرائيل .
وتنتهج السياسية الامريكية في الشرق الأوسط دورا تفاوضيا مع ايران بشأن برنامجها النووي والعمل على وقف الصراع في سوريا وضمان إمدادات النفط وخطوط التجارة البحرية و صيانة اتفاق السلام بين اسرائيل والفلسطينين.
ولقد عمدت الى وضع هذه المقدمة للوصول الى فهم اكاديمي حول اسباب الضربة الامريكية التي أمر بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لموقعين مرتبطين بإيران في بغداد استهدفت سليماني رجل ايران القوي وقائد العمليات العسكرية الإيرانية في الشرق الأوسط و سوريا والعراق و أقوى شخصية عسكرية في إيران والعقل الاستراتيجي وراء طموحاتها في الشرق الأوسط ووزير خارجيتها الحقيقي في ما يتعلق بالحرب والسلام بالمنطقة امريكا وجهت هذة الضربة مجبرة لمنع الانفلات من الهيمنة الأمريكية والتوجه نحو روسيا او الصين خصوصا ان سليماني يديرعمليات سرية غاية في التعقيد والسرية شملت شبكة من الميليشيات ويدير الكثير من العلاقات العسكرية الروسية الايرانية في بغداد ودمشق.
كان سليماني الى وقت غير بعيد حليفا لأمريكا ضد تنظيم الدولة حتى اعلان القضاء على تنظيم الدولة رسميا لقد توافرت كامل شروط سياسة الضربة الاستباقية خصوصا عقب التصعيد باقتحام السفارة الامريكية غير اني ارى ان سليماني استخدم ككبسولة اختبار اما لغيات حسن التنفيذ والتأكد من سلامة اتفاق روسيا امريكا على اقتسام النفوذ اولاختبار جاهزية القوات الامريكية للدفاع عن ارامكو التي تعهدت امريكا بحميتها عقب توجيه الاتهام الي ايران رسميا من قبل وزارة الدفاع الامريكية بضربها وتوقيف الانتاج لمدة اسبوعين