05-01-2020 05:33 PM
بقلم : م. حنان بادي عواد الرديني
في كل مرة التقي فيها بزملائنا المهندسين سواء من خلال عملي النقابي او من خلال عملي باحدى الشركات الهندسية الكبرى نتبادل نفس الحديث .... ولسان حالنا يقول قطاع الاستشارات الهندسية الى اين ؟
ومن المنصف عندما نتحدث عن هذا القطاع ان نلقي الضوء على انجازات الشركات والمكاتب الهندسية الاستشارية الأردنية والتي اصبحت تتمتع بسمعة عالية بالأردن والمنطقة وقد ساهمت العديد من هذه الشركات في رفع سوية العمل الهندسي وأخذت على عاتقها تأهيل المهندسين ليصبحوا أكفاء وبمستوى علمي واداري متميز. وخلال السنوات الماضية سعت الكثير من المكاتب والشركات لرفد كفاءاتها بخبرات عالمية وذلك من خلال الدورات الفنية المتعددة وشهادات التأهيل والتميز العالمية المختلفة إضافة إلى ذلك تبنيها لأفضل الممارسات العالمية سواء من الناحية التقنية أو الإدارية.
وعلى مدار الأعوام الأخيرة أصبحت المشاريع المتميزة في العالم العربي ومنطقة افريقيا ووسط آسيا هي الشواهد الحية على كفاءات الشركات والمكاتب الهندسية الأردنية وأصبحت هذه المكاتب تتمتع بسمعة وشهرة تضاهي الشركات العالمية كل هذا تم من خلال العمل المضني وبجهود فردية بحتة دون اي دعم حكومي يذكر.
و مع ازدياد المنافسة والأزمة الاقتصادية والأوضاع السياسية الخانقة التي أثرت على أسواق عديدة ناهيك عن التنافس من قبل الشركات العالمية على هذه المناطق بالذات خاصة منطقة الخليج العربي فقد اصبح الوضع يستدعي تضافر الجهود والعمل الجاد مع هذه الشركات الاردنية لاخراجها من ازماتها الحقيقية والتي باتت تهدد ديمومتها وهذا ينعكس على قطاع كبير من المهندسين العاملين بهذه الشركات والمكاتب والتي ان تعرضت للخسائر المتتالية ستضطر للاستغناء عن الكثير منهم .
لقد سبق وأن اطلقت الحكومة في السنوات الماضية العديد من المبادرات والخطط الاستراتيجية وقد طلبت من الجهات الهندسية التشارك لدعم الخطط والمبادرات وتقديم حلول للخروج من الازمة الاقتصادية وقد كان اخرها مجلس التنافسية وعنقود الابتكار للبناء والاسكان الذي قدمنا من خلاله مقترحات وحلول تدعم القطاع الهندسي الا اننا لم نجد تحرك على ارض الواقع للبدء بتنفيذ هذه المقترحات والتي كانت منذ العام 2013 وكان الهدف من هذه المبادرات ترويج القطاع الهندسي وزيادة الفرص للاعمال وتضمنت الاوراق المقدمة في حينه مشاريع سريعة الاثر على القطاع (Quick wins ( الا اننا مع الاسف لم نر اي خطوة باتجاه التنفيذ
اما اهم التحديات التي تواجه القطاع الاستشاري فهي :
• قلة الفرص للاعمال الهندسية وقلة المشاريع الهندسية الناتجة عن الاستثمارات بالاضافة الى محدودية مشاريع البنية التحتية والتنافس الكبير بين المكاتب للحصول على العمل
• عدم قدرة الحكومة على فرض المستشار الاردني خاصة بالعطاءات الممولة من الجهات المانحة والتي تشترط الخبرات الأجنبية عندما يُشترط بالعطاءات خبرات شركات عالمية مع ان بعض الشركات المحلية صنفت ضمن المعيار العالمي لتصنيف افضل شركات الهندسة ENR.
• عدم تفعيل PPP الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وعدم اتخاذ اجراءات عملية بهذا الاتجاه والذي سيساهم مساهمة حقيقية بخلق فرص لمشاريع الابنية والبنى التحتية
• التغيرالمستمر في التشريعات والقوانين خاصة فيما يتعلق بالضرائب
• القطاع البنكي الذي يحتاج الى مرونة في التسهيلات لتحريك عجلة الاقتصاد وبالتالي الانعكاس الايجابي على القطاع الهندسي
• عدم وجود خطة استراتيجية للتسويق (Marketing Strategy ) للخدمات ومنها القطاع الهندسي في المناطق ذات الفرص الاستثمارية مثل اواسط اسيا وافريقيا بالاضافة الى دول الخليج العربي وخاصة بالسفارات الخارجية والملحقيات فهنالك يكمن دورها الحقيقي لدعم القطاع ودعم الشركات لفتح اسواق جديدة خاصة في المناطق الواعدة مثل CIS (جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا ) واواسط اسيا وافريقيا وغيرها من الدول التي تحتاج للخبرات الهندسية المميزة
• موضوع الكفالات الخارجية والمعاناة لاصدار الكفالات والتعاملات البنكية والبنوك المراسلة
• عدم وجود جهات فاعلة من الحكومة للتحرك لضمان مشاركة الشركات الهندسية بالمشاريع الكبرى Market intelligence خاصة بالمناطق ذات الفرص العالية اذ ان إقتناص الفرصة يبدأ قبل طرح العطاءات
ان بلدنا الاردن يفتقر الى الموارد الطبيعية لكن من فضل الله علينا اننا تميزنا بمواردنا البشرية المؤهلة من مهندسين واطباء وخبراء ولذلك فان التركيز على قطاع الخدمات الاستشارية والفنية يتطلب من الحكومة ان تعيد ترتيب اولوياتها وتبني استراتيجية وطنية تركز فيها على تحفيز هذه القطاعات الخدمية التي تضمن لها ايرادات كبيرة من الخارج فيما لو اخذت الاهتمام اللازم،ولا بد ان نركز على قطاع الاستشارات الهندسية الذي هو برأيي من اهم القطاعات المحفزة للاقتصاد اذ انه يشكل رأس الحربة للقطاعات الاخرى التي تليه في الانتاج، فمن التصميم يليه الانشاء تليه قطاعات كثيرة لا مجال لذكرها ، ولذلك لا بد من دعم هذا القطاع وايلائه الاهمية الكبرى ومعالجة كافة الصعوبات التي تواجه هذا القطاع سواء بالاردن او خارجه خاصة ان الايرادات من هذا القطاع وقطاع الخدمات بشكل عام لا تكلف مواد خام انما هي العقول الاردنية التي تعمل و تصدر وبالتالي هي التي تدخل العملة الصعبة والتي يأتي اثرها المباشر على خلق فرص العمل وتخفيف البطالة بصفوف المهندسين والفنيين .