03-02-2020 10:23 AM
بقلم : اسامة احمد المعاقلة
من أرض الحشد والرباط وأخفض البقاع وسلة الغذاء بربوع وطني الكبير العظيم بأنجازاته وعلى الشريط الحدودي الممتد من مشارف الأغوار وأقصى الجنوب لمحافظة الكرك ومسقط الرأس يقع بئر الأسرار المشهور بأسم بئر المعاقلة 'البير ' قديما غرب منطقة غور فيفا وأن الناظر في مسيره على الطريق الدولي الى العقبة يرى يمينا تلك الواحات الواسعة وهذه التسمية علم للعائلة المنحدره من القبائل الحجازية بلي وقسم اخر من العائلة في منطقة يطلق عليها بأسم بار المعاقلة ايضا الواقع جنوب غرب غور الصافي على بعد كيلو مترات قليله حيث المسافة بين بئر وبار سبعة كيلو مترات ولم تكن تلك المسافات شاقة ذلك الوقت بل سهلة وخفيفة ولم يكن فيها حجم المعاناه والأرهاق والمكابده في السير على الأقدام للحفاظ على بقاء التواصل ولجودة الأماكن وواحتها الخضراء واصالتها ولأشتهارهم بالزراعة وصولة الأجداد منذ العشرينات كانت الأرض هي المرجع وعنوان الفخر والسير للمستقبل حيث نعود بشهادة هذه الذاكره من مواليد الثلاثينات والعمات ام داوؤد وام خليل - وام سلمي رحمها الله شقيقات والدي رحمه الله بأن بئر وبار هم مسكن المعاقلة وما زالت هذا المعالم بئر المعاقلة- وبار المعاقلة ذكراها خالده ليومنا الحاضر في وجدان الأهل وأبناء العمومة والمنطقة بشكل عام.. وان الحياه القديمة تختلف كليا بجوهرها عن حياتنا المظهرية اليوم حيث تختزل الأخبار المتوارثة ذلك المشهد القديم العريق عن ذكريات الزمن الجميل ببساطة الأهل والحياه الريفية الفضلى والعيش الرغيد عن تراث قديم بأصالته وارثه الطيب الذي يحتاج التأمل بعمق والوقوف عند بصمات القدامى من ذلك الرعيل الأول ..فحصاد الأرض وزراعتها لم تأتي من فراغ أو ضياع بل هي عرفان وأعتزازا بها وكرامة يعشقونها ويفتخرون بها حالهم مثل حال غيرهم وكانت غيرتهم على الأرض كغيرتهم على أعراضهم حيث كنا صغارا نسمع بأن الأرض مثل العرض لا يفرق بها وهذا هو سلفا لما ذكرت في بعض السطور حيث لم تكن زراعة الأرض في يومنا هذا بالأغوار الجنوبية إلا مصدر للأنتاج وطريق النجاح وليست للمنتجات والمحاصيل الزراعية فقط وأنما انتاج علمي مثقف في وصول منا الطبيب والمهندس والمحامي والأستاذ وهذا الخير الذي لم ينقطع نظيره ابد وهو فيض من غيض واكبر شاهد متسلحين بالعلم والمعرفة ومن رحم المعاناه التي لم تكن تقليديه بل هي واقع حقيقي يخرج بعيد كل البعد عن مسرح الوهم والخيال نعتز ونفخر به على الدوام ويسطر في سجلات التاريخ وهذه شهادة قد لا نختلف عليها بالنص حيث جو النص يخبرنا عن الفطرة السليمة والعادات والتقاليد القديمة وان الحياه ما كانت وما زالت ملهاه وماساه يفرحون بفرح واحد وحزنهم واحد واضافة إلى ذلك كما اخبر السابقون بأن الشهامة والمرؤة تسري بعروق دمائهم لشعورهم بالحماس والهبة واحده وأن ذلك البئر مليء بسرد الحكايات القديمة في لم شمل أبناء عائلة المعاقلة وغيرهم وجلساتهم ولم يقتصر ذلك اللقاء على أنفسهم بل يعيشون أبناء المعاقلة مع غيرهم من أبناء منطقة فيفا وغيرهم في بار على حق الجيره والملح رفقا في صحن واحد حيث يكتمل ويسود بينهم جو المحبة والسعادة وقوة الأنسجام والتراحم التي تولد الألفة وروح التواصل وأن البحث عن كناية بئر وبار المعاقلة في تصويرنا لذلك المشهد المرن بنوعيته يخبرنا عن طيب النفس وكرم الأهل والضيافة وعطاياهم وحسن نواياهم وعن ماضي جميل لا يعود مهما حاولنا البحث والتفسير من جديد لأعادة ذلك النمط القديم كيف كانت تلك الأيام والليالي الملاح التي نحب أن نسمع عنها وذاكرتها كل يوم دون ملل او كلل وحديث الماضي للأجيال هو بلسم الروح وعودة الأمل والبحث عن المفقود الذي نحتضنه بعد الغياب ..ولا بد أن نعرف بأن سر هذا البئر ومنطقة بار ذكرى قديمه وحاضره عالقة في الأذهان مثل قصة غيابة الجب البعيده عن الشك والبهتان التي لا يزيفها التاريخ والتأويل ..وان علامة ورمزية البئر ومكانته هي محاطه فقط للعائله مثل اسوار القلعة ولم يكن لغيرهم بل هو ميثاق شرف شاهد على ملكية الأرض بئر معيقل وكنزها التي تحتوي الماء وتعطي مصدر الأنتاج وجمال الطبيعة وسر ذلك العطاء اللامتناهي المميز بتفاصيل تلك الحياه الطيبة الخالية من الخبث والنفاق ..وإن الجلسات التي شهدها ذلك البئر القديم وبار لم تغير وجوه وملامح الناس الطيبين في زمن التشاركية والأيثار على أنفسهم ليكونوا عملة نادره وقدوه لغيرهم في الوفاء والتضحيات وعطائهم المستمر في بذل الخير وحصاده ..وأن الحديث والروايات عن بئر المعاقلة وبار القديم يطول على لسان من يذكر ويستشهد ذلك الماضي احتفاءا به ليبقى ذكرى المعاصرين الأجداد عنوان في الأذهان بعيده كل البعد عن طيء النسيان المحتمل وكل من يراوده شك عن ذلك المشهد السابق في أصالة الأماكن المتحضرة بالوفاء والعرفان بالجميل والغنية بالأسرار وحكاياتها غير قابلة للتحريف والأكاذيب الباطلة ..