04-02-2020 01:20 PM
بقلم : قيس بني خلف
جاء تعريف مصطلح "التقدم" في جميع الدراسات الاجتماعية والمعاجم اللغوية، ليقترن ويختزل بالتميز والإرتقاء نحو الأمام كمفهوم شامل ودقيق، في كل نواحي الحياة على المستوىين اللغوي والاصطلاحي، لكن هنالك تقدم آخر، ولكن نحو الوراء، هذا التقدم يعد من أهم مراحل الحياة التي يعيشها الفرد داخل جميع المجتمعات البشرية، ويقترن شمولياً بالنجاح والتميز والإصرار والعزيمة أكثر من اقتران المفهوم الأول بعشرات المرات، لعدة أسباب سواءً من ناحية عملية أو نفسية أو حتى اجتماعية.
التقدم نحو الأمام يعني أن خريطتك الحياتية تسير بخطى ثابتة والبوصلة أيضاً تعمل بشكل جيد وفق جميع المعطيات التي تمتلكها من عنصر القوة، ولربما أيضاَ بأن الظروف تعمل لصالحك بشكل منظم.
بيئة صلبة والْأَنَسُ جميعهم حولك، ولنسبط الأمر أكثر لابد أن تصل إلى قناعة مفادها أن هنالك مجموعة كبيرة من الأفراد تقف دوماً وتتودد في صف القوي لا الضعيف.
حينما يحدث الخلل في تلك البوصلة وتفقد جميع الاتجاهات حتماً ستتغير الكثير من الأمور الحياتية الخاصة بك وتفقد بعض الشئ أو كل شئ من عملية التوازن الخاصة بك.
مجازياً لن تشاهد رسالة صباحية على هاتفك الجوال، ولن يحاول أحد أن يستمع لك بمجرد الاستماع فقط، ستفقد الأسماء جميعها سواءً على هاتفك الجوال أو عملياً.
كل ماسبق سرده سوف يحتم عليك اتجاهين فقط لا ثالث لهما، اتجاه لتثبت ذاتك ونزعتك في الاستمرار لتحاول إصلاح ما تحطم من هيكلك الخارجي والنفسي، لأجل التصالح والأثبات لمن حولك من أنت، واتجاه لتعلن إستسلامك للواقع والرضوخ بدون مقاومة للمحيط الخارجي و النفسي.
الاتجاه الأول يجسد مفهوم التقدم نحو الوراء ويعني الإنطلاق من جديد وإصلاح البوصلة ولكن هذه المرة البوصلة لن تعمل وفق الاتجاهات الصحيحة التي تراها هي مناسبة، بل ستعمل وفق اتجاهاتك أنت لا أحد سواك، أنت من ستختار الاتجاهات دون مساعدة أحد، لأنها جعلتك تستفيد من تجاربك السابقة في كيفية مواجهة مخاوفك وتجاوز عقباتك وآلية تصالحك مع ذاتك.
إذا أردت اختيار الاتجاه الثاني إلا وهو الإستسلام الحرية لك أيضاً وإذا أردت تلعن الظروف والحظ والشخوص ستخسر الكثير أيضاً وتكون بذلك جسدت عبارة خسارة مع سبق الإصرار والترصد لذلك لابد لك أن تنهض.
في تصوري أن مفهوم «التقدم نحو الوراء» مفهوم تحكمه الاعتبارات والظروف هي التي صنعته، وهو فرصة أيضاً لإعادة ترتيب الكيان الذاتي الداخلي للإنسان، لمعرفة مدى إدارة وتحمل هذا الكيان في مواجهة مكونات الحياة، المفهوم يختزل الإصرار والنزعة البشرية التي تعنى دوماً بتحقيق الذات بالنجاح ورفض الهزيمة جملة وتفصيلا، بل إعادة ترتيب الأوراق للإنطلاق من جديد، دون الاعتماد على أحد فقط الاعتماد على الذات، ليكون خليط من القوى والضعف، والفرح والحزن، التجارب والمواقف.