09-02-2020 09:29 AM
بقلم : أ.د عبد الناصر هياجنة
تتطور الدراسات القانونية بحكم الزمن وتطور الفكر الإنساني وحاجات المجتمع والتحديات التي تواجه الحياة في كل الاتجاهات، وهذا التطور يفرض نفسه على كل "الأحياء" والمجالات، والمجتمع الأكاديمي أولى بقبول هذا التطور وفهمه والتحكم – إن استطاع – بمستوياته وتجديداته وآثاره على الدراسات القانونية نفسها التي تقدمها الجامعات لأبناء المستقبل.
ولا يُنكر أحدٌ الدورَ الحاسم الذي لعبته الجامعات الأردنية وكليات الحقوق والقانون فيها في رسم صورةٍ جميلةٍ للأردن كدولةٍ رائدة في مجال التعليم والتعليم العالي، فقد أثرت الجامعات الأردنية سوق العمل الوطنية والإقليمية وربما الدولية بالمتخصصين الأفذاذ في كل العلوم والمعارف. وما زالت تتقدم في التصنيفات الدولية لمؤسسات التعليم العالي على الرغم من الصعوبات والتحديات تفرضها ظروف الواقع وإكراهاته.
وفي إطار تطوير الجامعات لذاتها وتجديد دورها والمحافظة على تميزها النوعي بين مؤسسات التعليم العالي في المنطقة والعالم يُتوقع أن تبادر كليات الحقوق والقانون في الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة – باعتبارها من كليات القمّة في هذه الجامعات - إلى التعاون والتكامل والتنسيق في مجال دراسة ومراجعة وتقييم الخطط الدراسية والبرامج الأكاديمية وأساليب التدريس وتطويرها. وتبادل خبرات أعضاء الهيئة التدريسية فيها في مجالات التدريس والبحث العلمي والبرامج المشتركة والمؤتمرات والفعاليات العلمية والبحثية، وتبادل الطلاب في أُطرٍ علميةٍ منتقاة. كما لا بد من إيلاء البحث والنشر العلميين مزيداً من الاهتمام والتخصص. وهناك حاجة مؤكدة لزيادة تفاعل هذه الكليات مع مؤسسات التشريع والتنفيذ والعدالة وحتى التربية والتعليم والجامعات في إطار البرامج الدراسية والزيارات الميدانية وتبادل الاستشارات والخبرات.
كما أن هناك حاجة حقيقية للتخصص في إطار كليات القانون القائمة وعدم الاكتفاء باستنساخ الخطط والبرامج نفسها، بل العمل على إيجاد مقارباتٍ جديدةٍ - تدعو لها الحاجة - في مجال الدراسات القانونية، كالدراسات القانونية المقارنة، والدراسات البينية والعابرة للتخصصات، وتطوير الخطط الدراسية وتضمينها مقررات جديدة لا تطرح عادةً في الخطط الراهنة لكليات القانون كفلسفة القانون وتفسيره والصياغة التشريعية فضلاً عن التوسع المطلوب في الدراسات التطبيقية والبحثية.
قد تكون البداية في أن تبادر هذه الكليات لتأسيس منتدى القانون الأردني بعضوية الذوات عمداء كليات الحقوق والقانون بصفاتهم الوظيفية. كما يضم المنتدى أيضاً الذوات رئيسا مجلسي النوّاب والأعيان ورئيس المجلس القضائي الأعلى ونقيب المحامين ووزير العدل ورئيس ديوان التشريع والرأي ورئيس ديوان الخدمة المدنية بصفاتهم الوظيفية. ويمكن إضافة أعضاء آخرين من كبار مكاتب المحاماة والخبراء المعنيين بالشأن القانوني. هذا المنتدى المأمول، يُعنى بدراسة وصياغة أطر العمل المشتركة بين كليات القانون والمؤسسات المعنية لتحقيق نقطة تحوّل فارقة في دراسة القانون وممارسته في الأردن.