17-02-2020 09:02 AM
بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
من جملة الإشاعات التي باتت عرفاً يوميّاً ظهرت إشاعة بيع مبنى مديرية الدفاع المدني ليتبعها تعليق رسميّ بعدم صحتها ، وسبقها خلال الشهر الماضي بيع أراضي ومباني المدينة الطبية كذلك .
ولعلّ الخصخصة وما شهدته من بيع للأصول بطريقة أثّرت على الخزينة سلباً لا إيجاباً هو ما يدفع بالمواطنين للنّظر بعين الرّيبة والحساسيّة إلى كل موضع ترد فيه كلمة البيع ، وإن كان في هذا بعض من المنطق إلّا أنّه من المنطق أيضاً أن نطالع الصورة الكلّية بلا مغالاة ، فقد سبق وأن إنتقلت قيادة القوات المسلحة وقبلها المخابرات العامّة وتوسّعتا أفقيّاً دون أن تشوب عمليات البيع شائبة ، وإنّ مسألة التوسع مرهونة بعوامل كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر الأعمار الإفتراضية للمباني - الطبيّة على وجه الخصوص من حيث مقاومة الجراثيم وإستجابتها للتعقيم وبعدها عن مناطق التلوث الناتج عن حركة السير - وما قد يؤدّيه إستثمار أثمان الأراضي الواقعة في قلب العاصمة من تطوير للمنشآت وتجهيزها إذا ما أقيم البديل منها على أراضٍ للخزينة تحيي الأطراف كما سبق وأن كان .
لا شك بأن لمؤسساتنا رمزية ومكانة في نفوسنا فهذا شكل من أشكال الإنتماء ، لكن هذا لا يصح وأن يكون على حساب التطور والتحسين ضمن الإمكانيات المتاحة والتفكير خارج صندوقيّ الإقتراض والتمويل ، ولن يكون في مصلحتنا إسقاط الشبهة على أي أمر ينوى إستحداثه فذلك عنصر إضعاف للإدارة العامّة وإرادتها ومعزّز للبيروقراطية ، ولا يمكن أن يساعد في التقدّم خطوة واحدة فالتغيير والتجديد سنن ثابتة في الكون .
وعدا عن حجم الإشاعات التي ما زال الإعلام الرسمي يتعامل معها إمّا بخجلٍ أو تأخُّر أو تقليديّة في الطرح ، لن تُستعاد الثقة ما لم تُسَلَّف للمعنيّين مرحليّاً لتثبت الأيّام بعدها صواب الإجتهادات أو خطئها مع ضرورة الحفاظ على هوامش إصلاح القرار منذ بدايات تنفيذه إذا ظهرت مؤشرات تدلّل عدم صوابه ونجاعته ، أي تأمين مهارب الأمان مسبقاً .
نحن نخشى على أوطاننا ومقدراتها لأنها ملك لنا ، لكن دون أن يسلب منّا ذلك الهمّة للعمل بل عليه وأن يعزّزها فينا لنبني كما بنى من سبقنا من الأجيال .
وأخيراً ، أستحضر قول السياسيّ والدبلوماسيّ الأمريكيّ " هنري كيسنجر " إذ قال " في الأزمات ، الفصل الأكثر جرأة الأكثر أماناً في أغلب الأحيان " ، وقد يصلح هذا في الأزمات الإقتصادية إذا كانت الجرأة في القرار محسوبة الإرتدادات والعقبات .
والله من وراء القصد .