حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,22 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2400

شركات عالمية أفلست… أين التدقيق الداخلي لهذه الشركات؟

شركات عالمية أفلست… أين التدقيق الداخلي لهذه الشركات؟

شركات عالمية أفلست… أين التدقيق الداخلي لهذه الشركات؟

17-02-2020 09:25 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : احمد فهد العجة

في الآونة الأخيرة سمعنا كثيراً عن شركات كبيره أعلنت إفلاسها أو خرجت من سوق المنافسة فحققت خسائر منعتها من الاستمرار في عالم الأعمال ولعل الأسباب المباشرة لما حدث لها هو عدم قدرة هذه الشركات على التعلم وإدارة نظام الابتكار بكفاءة. من جانب أخر، إن كفاءة إدارة المعرفة للشركات يلعب دور كبير في فتح آفاق جديدة لها من خلال ترجمة المعرفة الضمنية المتوفرة في عقول الموظفين إلى أفكار يمكن الاستفادة منها ومن ثم ترجمتها إلى فرص جديدة للشركة ولا بد لكل شركة ترغب بالبقاء في سوق المنافسة وتحقيق الأرباح أن تتبنى نظام التعلم المؤسسي الذي يبنى على الاستفادة من التجارب وتحليل الدروس المستفادة والبحث عن طرق لتطوير العمل فالتعلم المؤسسي هو الذي يقود إلى الابتكار. ومما لا شك فيه أن توفير مثل هذه الأنظمة مكلف للشركة وقد ينظر له على أنه عبء دون أن يكون هناك أي بعد نظر لأهمية مثل هكذا أنظمة ومدى أهميتها لاستمرارية الشركة ونجاحها.

ولكن أين كان التدقيق الداخلي وما الدور الذي لعبه في الشركات التي أعلنت إفلاسها؟ أنا شخصياً لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال ولكن أفترض أنه كان يؤدي الدور التقليدي للتدقيق الداخلي والذي يتمثل في التحقق من مدى التوافق مع الإجراءات ومدى توفير ضوابط رقابية كافية على العمليات ومدى فعالية الضوابط الرقابية والتحقق من صحة البيانات المالية … والى آخره من أمثله ذات بعد محدود ومقتصرة على الدور الرقابي أو التدقيق التشغيلي، ولعل هذا المقال يلقي الضوء على الجانب الآخر من دور التدقيق الداخلي ألا وهو تطوير الشركة وتحسين عملياتها.

نمط تفكير الشركات التي أفلست

كلما سمعت عن شركة أعلنت إفلاسها أو خرجت من سوق المنافسة بحثت كثيراً عن الأسباب وراء ذلك، ويمكن أن اوجز أسباب ما حدث بأن هذه الشركات لم تطور فكرها التقليدي ولم تتعلم وتمسكت بما تملكه كسمعتها القوية وقاعدة عملائها العريضة ولم تدرك أن المنافسين يثابرون ويعملون ليتمكنوا من نيل رضا العملاء وكسب ثقتهم من خلال منتجات جديده أكثر تطوراً ذات تكلفه أقل. من جانب آخر، لم تدرك تلك الشركات أيضاً بأن سلوك المستهلك وتوقعاته تتغير باستمرار، ولتأكيد هذا التحليل لنتعرف على قصص موجزه لبعض هذه الشركات:

شركة نوكيا: سيطرت شركة نوكيا على سوق الهواتف المحمولة للفترة من عام ٢٠٠٠ إلى العام ٢٠٠٨ ولكنها لم تدرك أن رغبات وتفضيلات العملاء قد تغيرت وأن منافسين جدد باتوا يقدمون للعملاء ما لم تتوقعه شركة نوكيا فتحول العملاء إلى الهواتف الذكية ولم تتمكن نوكيا من مجاراتهم لفقدان ثقة العملاء بمنتجاتها وانتهى بها المطاف بعدم القدرة على المنافسة وتحقيق خسائر وبيع حقوق الملكية الفكرية إلى شركة مايكروسوفت.

شركة كوداك: تأسست شركة كوداك عام 1892 وتخصصت الشركة بمنتجات أفلام التصوير الضوئي وكاميرات التصوير وحصدت الحصة السوقية الأكبر خلال الثمانينات والتسعينات إلا أنها بعد ذلك لم تجاري التقدم التكنولوجي الحاصل في هذا المجال والذي يعرف بالتصوير الرقمي والكاميرات الرقمية معتبرةً أن أي تغيير لا يؤثر عليها كثيراً وأن تفضيلات العملاء لا تتغير. استراتيجية الشركة المتمثلة ببيع منتجات رخيصة الثمن لم تمنعها من الانهيار عندما تغيرت تفضيلات العملاء واتجهوا إلى الكاميرات الرقمية ذات السعر المرتفع. حاولت شركة كودك إدراك ما جرى في الفترة الأخيرة للشركة إلا أن اسم الشركة لم يشفع لها عندما فقدت ثقة عملائها وانهارت.

شركة بلاك بيري: خسرت شركة بلاك بيري سوق المنافسة بسبب عدم تطورها ومجاراتها للهواتف المحمولة الأخرى كالآيفون وسامسونغ التي أحدثت ثورة في عالم الهواتف المحمولة وفاقت توقعات العملاء وعملت على خلق مستويات جديده لرضا العملاء لم تستطع بلاك بيري من تحقيقها لعملائها فلم يرغب العملاء بهواتف بلاك بيري واستبدلوها بهواتف الآيفون والسامسونغ.

شركة كومابك: أعتقد أنكم تذكرون أجهزة الحاسب الشخصي “كومابك” والتي ظهرت في الثمانينات وأوائل التسعينات، لم تركز الشركة على الحفاظ على جودة منتجاتها فقد عانى العملاء من المنتجات كما أنها لم تجاري التطورات الحاصلة في عالم الحاسب الشخصي وانتهى بها المطاف في مصاف الشركات المفلسة.

إن القصص الموجزة الواردة أعلاه تشير إلى أن نمط تفكير الشركات لم يتغير على الرغم من تغيير بيئة المنافسة وطريقة تفكير المنافسين، ويبدو أن مستوى التعلم المؤسسي لدى هذه المؤسسات لم يكن ناضج بما فيه الكفاية ليدعم تغيير طريقة تفكير هذه الشركات وتطويرها. ولكن هل يمكن للتدقيق الداخلي في هذه الشركات أن يكون له دور في الحد من حدوث ما حدث لها؟ بالتأكيد لابد أن يكون له دور فعال لمنع النهاية المؤلمة لهذه الشركات وتنبيه القائمين على إدارتها لإدراك الطريق الصحيح وضمان استمراريتها.

الدور المتوقع من التدقيق الداخلي

أشرت في مقال سابق لي إلى أن التدقيق الداخلي محرك رئيسي لتطوير المؤسسة وليس خط دفاع عنها فقط وأن هناك دور خفي للتدقيق الداخلي متمثل في تطوير المؤسسة ولا يقتصر دوره على تقييم الرقابة والحوكمة وإدارة المخاطر، هذا الدور الخفي قد يساعد المؤسسة في التطور وتحقيق أهدافها وما يؤكد ذلك تعريف مهنة التدقيق الداخلي حيث يعرف التدقيق الداخلي على أنه نشاط مستقل وموضوعي، يقدم توكيدات وخدمات استشارية بهدف إضافة قيمة للمؤسسة وتحسين عملياتها. ويساعد هذا النشاط في تحقيق أهداف المؤسسة من خلال اتباع أسلوب منهجي منظم لتقييم وتحسين فاعلية عمليات الحوكمة وإدارة المخاطر والرقابة.

وهنا قد تمكننا الإجابة على الأسئلة التالية من تقدير الدروس المستفادة للتدقيق الداخلي التي قد تساعده على التعلم من هذه التجارب القاسية وفي نفس الوقت قد تساعدك هذه الأسئلة أيضاً في تقييم دور التدقيق الداخلي في مؤسستك ومدى مساهمته في تطويرها وتحسين عملياتها:

هل التدقيق الداخلي يقدم توكيد عن مدى ملائمة وصحة استراتيجية الشركة؟

هل التدقيق الداخلي يقدم توكيد عن مدى قدرة وكفاءة مراكز البحث والتطوير؟

هل التدقيق الداخلي يقدم توكيد عن مدى كفاءة إطار عمل إدارة الابتكار؟

هل التدقيق الداخلي يقدم توكيد عن مدى توفر التدريب الكافي للموظفين؟

هل التدقيق الداخلي يقدم توكيد عن مدى حداثة وتخصصية المواضيع التي تطرحها برامج تدريب الموظفين؟

هل التدقيق الداخلي يقدم توكيد عن مدى كفاية نظام إدارة المعرفة وكفاءة النتائج التي يتوصل لها النظام؟

هل التدقيق الداخلي يقدم توكيد عن ثقافة الشركة والآلية المتبعة لاتخاذ القرارات؟

هل التدقيق الداخلي يقدم توكيد عن مدى كفاية المعلومات التي تتضمنها تقارير مسح السوق ومعلومات المنافسين؟

هل التدقيق الداخلي يقدم توكيد عن مدى توفر تحليل كافي لتقارير المبيعات واحتوائها على الأسباب الحقيقية لانخفاض المبيعات؟

هل التدقيق الداخلي يقدم توكيد عن كفاية وصحة قياس مؤشر رضا العملاء؟

هل التدقيق الداخلي يقدم توكيد عن مدى قيام الشركة بدراسة حاجات وتوقعات العملاء وكفاية الإجراءات المتخذة لتلبيتها؟

هل التدقيق الداخلي يقدم توكيد عن مدى كفاءة نظام تقديم الاقتراحات وقدرة كافة المعنيين على تقديم الاقتراحات؟

الخلاصة

وأخيراً، لابد من الإشارة إلى أن التغيير الجوهري الذي حدث على إطار الممارسات المهنية لمهنة التدقيق الداخلي وخصوصاً المبادئ الجديدة التي تم إضافتها والمتمثلة بأن يكون التدقيق الداخلي ذو بصيرة وذو نظرة مستقبلية ويدعم تطوير المؤسسة لها دور كبير في لعب التدقيق الداخلي دور المرشد الذي يقدم النصح للمؤسسة بطريقة تضمن بقائها واستمراريتها. ولتحقيق هذه المبادئ لابد للتدقيق الداخلي أن يدرك الصورة الكاملة لبيئة المؤسسة الداخلية والخارجية ومساعدتها على التطور والاستمرارية. وفي النهاية، أنهي مقالي بالحكمة القائلة “العلم يُؤتى ولا يأتي” فلنساهم كمدققين داخليين على تطوير مؤسساتنا ونوصي بقياس مستوى نضج التعلم المؤسسي لها.








طباعة
  • المشاهدات: 2400
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم