24-02-2020 08:59 AM
بقلم : الدكتور مهند صالح الطراونة
يعتمد النظام الأردني في قواعده على النظام البرلماني وبالذات على قواعد النظام البرلماني المهد وهو النظام البريطاني الذي يعتبر المصدر التاريخي لهذا النظام في جميع دول العالم، حيث رسخ هذا النظام أن رئيس الدولة غير مسؤول سياسياً عن أفعاله وأقواله ، وان المسؤولية السياسية يتلقاها بدلا منه رئيس الوزراء والوزير المختص ، وبالنسبة للنظام البرلماني الأردني نجده يعتمد على ذات الحقائق مع وجود مجلس نواب منتخب وحكومة مسؤولة أمام هذا المجلس ، وحتى تتحقق منظومة التعاون والتوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية منح الدستور الأردني مجلس النواب حق حجب الثقة عن الحكومة في حين منح الحكومة حق حل مجلس النواب.
ومن حسن الطالع هنا الإشارة إلى حقيقة دستورية قد تكون حديث الساعة المهم في هذه الأوقات وهي حل مجلس النواب قبل نهاية مدته الدستورية بل أن هناك الكثير من الأوساط الشعبية تعبر عن عدم رضاها لعمل السلطتين التنفيذية والتشريعية وترغب بحل الحكومة ومجلس النواب ، وفي الحقيقة أن قرار حل مجلس النواب وفقا لقواعد الدستور الأردني يتمثل في صورة نمطية واحدة مهما كانت أسباب هذا الحل ومهما كانت دوافعه وغاياته وهي الإرادة الملكية الموقع عليها من قبل رئيس الوزراء والوزير المختص ويكون توقيع جلالة الملك فوق هذين التوقيعين وذلك وفقا لنص المادة( 343 و 40) من الدستور الأردني.
ويتلخص التساؤل المركزي حول المنطق الدستوري لحقيقة حل مجلس النواب وخاصة أن السلطة التنفيذية قد درجت منذ فترة غير قليلة على حل المجلس قبل انتهاء مدته الدستورية والتي شكلت عادة دستورية لا يمكن أن اعتبرها عرفا دستوريا لمخالفتها للدستور حيث أن حل المجلس قبل إنتهاء مدته إستثناء من القاعدة التي تقتضي بدوامة أربعة سنوات شمسية.
وعند الإطلاع على نص المادة (731 ) من الدستور الأردني نجد أنها تنص على ( إذا حل مجلس النواب فيجب إجراء انتخاب عام بحيث يجتمع المجلس الجديد في دورة عادية بعد تاريخ الحل بأربعة أشهر على الأكثر ) وهذا ما يجعل الكثيرين يقول أن حل المجلس قبل مدته انتهاء مدته مشروع وفي الحقيقة إننا نتفق على ذلك نسبيا لأن هذه المادة جعلت من حل المجلس إستثناء من القاعدة الأصل وهي إكمال مدته الدستوري وفقا لمقتضى نص المادة ( 681) من الدستور الأردني.
وبناء عليه يتبين أن الدستور الأردني قد عالج مسألة حل مجلس النواب ضمن خطتين مرسومتين وفقا لأحكامه أحدهما يتم في نهاية مدة المجلس القائم وخلال الشهور الأربعة السابقة على إنتهاء هذه المدة، والثاني خلال الشهور الأربعة اللاحقة على الحل.
أما عن السيناريو الدستوري الأول لحل مجلس النواب فنجده واضحا في نص المادة (682) من الدستور الأردني حيث نصت أنه (يجب إجراء الإنتخاب خلال الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس (أي الأربع سنوات شمسية) فإذا لم يكن الإنتخاب قد تم عند إنتهاء مدة المجلس أو تأخر بسبب من الأسباب يبقى المجلس قائماً حتى يتم إنتخاب المجلس الجديد)، وعليه يفهم من النص السابق أن الدستور الأردني يفترض حالة تجري فيها الانتخابات أثناء قيام المجلس ويبقى هذا المجلس موجود إلا عند إنتخاب مجلس جديد . ونرى أنه إذا كان التوجه لدى السلطة التنفيذية حل مجلس النواب القائم من أجل إجراء الانتخابات للمجلس الجديد فإن هذا الإجراء يجانب الدستور ويخالف القاعدة العامة التي نصت عليها المادة (68) من الدستور .
وأما السيناريو الدستوري الثاني لحل المجلس هو إجراء انتخابات خلال الأربعة شهور اللاحقة على حل المجلس وفقا لنص المادة (731 ) من الدستور بحيث نصت ( إذا لم تتم الانتخابات خلال الشهور الأربعة اللاحقة على الحل يستعيد المجلس كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد ) ، وهنا نجد أن الدستور الأردني يفترض حالة يكون مجلس النواب قد تم حله قبل إنتهاء مدته ويقع لزاما إجراء الإنتخبات خلال الشهور الأربعة اللاحقة على الحل وإلا عاد المجلس الذي تم حله وكأنه لم يحدث.
وأخيرا يتبين في ضوء النصوص الدستورية السابقة أن الدستور الأردني منح السلطة التنفيذية حق الحل ضمن شروط وقيود معينه لأن الحل إستثناء والإستثناء لا يجوز التوسع فيه وأنا مع عدم الحل ومع الإلتزام بأحكام الدستور نصا وروحا ، وبصرف النظر عن أية رغبات سياسية سببها عدم الرضا الشعبي عن أداء الحكومة والبرلمان تتنادي بحل المجلس هل يضمن هؤلاء تغييرا ملموسا في الآداء والسياسات للمجلس المنتظر؟ هل إنتهينا من تعديل قانون الإنتخاب وأصبحت البيئة القانونية والسياسية والإجتماعية مهيئة للأحزاب الأردنية لخوض غمار الانتخابات وتشكيل كتل وحكومات برلمانية من رحم المجلس؟ بإعتقادي أن خطة التنمية الديمقراطية والسياسية في هذا المجال مازالت على الرصيف إن لن نكون امام برلمانات تشكل بناء على أحزاء او على الأقل كتل برلمانية تمتلك برامج وتمتلك عرى التغيير في الرقابة والتشريع.
tarawneh.mohannad@yahoo.com