29-02-2020 02:03 PM
سرايا - "موت مبارك سبب لي حزنًا بالغًا"، هكذا استهل إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الصهيوني، مقالاً له بصحيفة "معاريف" العبرية، قال فيه: "يجدر بنا الانحناء تقديرًا وامتنانًا لزعيم كان صديقًا للكيان".
وأضاف: "أحد أكثر الصور التي حفرت بذاكرتي الشخصية هي صورة حسني مبارك وهو قابع في القفص ليحاكم على اتهامات مزعومة، لكن وفاته سببت لي حزنا شديدا للغاية، لقد عرفته لأول مرة خلال مفاوضات أجريتها مع الوزيرين السابقين بطرس غالي ورشيد محمد رشيد، الأمر الذي انتهى بتوقيع اتفاقية (الكويز) للتجارة والتعاون بيننا".
وتابع: "كانت صفقة ثلاثية برعاية الولايات المتحدة، وأتاحت فرصة لمصر للتصدير واسع النطاق كما سمحت لها بفتح المصانع التي وفرت فرص العمل لمئات الآلاف من المواطنين، وفي المقابل استفاد الكيان من الاتفاقية، لأن جميع الصادرات المصرية للولايات المتحدة كانت ملتزمة بإدخال ما لا يقل عن 11 ٪ من مدخلات ومكونات الصناعة الإسرائيلية".
وأشار إلى أن "الاتفاق التجاري ساعدني على فتح قناة اتصال مباشرة مع مبارك، عندما أصبحت لاحقًا رئيسا للوزراء، وكانت لدي علاقات شخصية وثيقة معه، ولم يكن يمر أسبوع إلا ونتحادث هاتفيًا، وعلاوة على ذلك سافرت عدة مرات لمقابلته، غالبًا في شرم الشيخ وأحيانًا في العاصمة القاهرة، لقد اعتبر مبارك علاقات السلام مع تل أبيب عنصرًا أساسيًا في ضمان الاستقرار الداخلي لبلاده".
وأوضح: "لذلك كان مبارك حساساً بشكل خاص فيما يتعلق بالعلاقات السياسية والأمنية بين البلدين، في وقت تعد فيه الجارة الجنوبية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 100 مليون نسمة، بلداً فقيراً غالبية مواطنيها من المسلمين المتدينين المعادين للكيان".
وقال أولمرت: "مبارك عاش في توتر مستمر بين رغبته في تعزيز العلاقات مع الشركاء الغربيين، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، وبين محاولته مهادنة الإخوان المسلمين المتطرفين، لقد أخبرني مرارًا وتكرارًا في محادثات شخصية أن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن يسعى لتحقيق الديمقراطية في مصر وينتقد سلوكه تجاه جماعة الإخوان المسلمين، قال لي مبارك تعليقًا على هذا (ألا يرى بوش ما فعلته الديمقراطية في قطاع غزة؟)".
وواصل أولمرت في مقاله: "لقد أصر بوش على أن تشارك حماس في الانتخابات الفلسطينية، وانظروا ماذا حدث في النهاية، هل تتمتع غزة بالديمقراطية الآن؟ هل هذا ما كان يريد بوش أن يحدث في مصر أيضًا؟".
وأضاف "ثورة التحرير وإسقاط مبارك كانت فترة صعبة بالنسبة للكيان، الحديث يدور عن قائد حافظ على علاقات سلام معنا لأكثر من 30 عاما، حتى لو اضطر إلى اتخاذ إجراءات بدت غير مناسبة، والسؤال الذي كان يطرح نفسه دائمًا: لماذا لم ير مبارك طوال الثلاثة عقود تلك أنه من المناسب القيام بزيارات إلى الكيان، لم يزرنا إلا مرة واحدة قصيرة في بداية ولايته وزيارة ثانية لبضع ساعات للمشاركة بجنازة رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين".
وواصل: "مبارك الذي استخدم القبضة الحديدية في بلاده ضد أي محاولة لإلحاق الضرر بالعلاقات مع الكيان، لم يتجرأ على استفزاز المعارضة الرافضة للتطبيع بشكل كامل، كان يقيم نوعا من التوازن بين هذا وذاك، أما خليفته السيسي فقام بتغيير الأسلوب مطيحاً بجماعة الإخوان المسلمين بشكل جذري؛ معيدًا النظام إلى أيدي أكثر مسؤولية واعتدالاً على الصعيد الديني، مواصلاً أيضًا التعاون مع الكيان، ورغم أن السيسي يستحق جائزة على هذا التعاون إلا أنه تعلم ذلك من الرئيس الأسبق مبارك".
وختم أولمرت: "يمكن للحكومة الصهيونية الحالية بقيادة نتنياهو، والتي تمارس الفوضى والاستفزاز المستمر، يمكنها أن تتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها للعلاقات مع الأردن ومصر، وذلك إذا فشلت في كبح سلوكها بالمناطق الفلسطينية وواصلت رغبتها في ضم أراضي الضفة الغربية من جانب واحد، على حكومة نتنياهو ألا تدمر علاقاتنا بالأردن ومصر، ولابد من الحفاظ على استقرار صلاتنا مع جيراننا".