03-03-2020 09:13 AM
سرايا - موسى العجارمة و أيمن العمري - لم يكن على البال او على الخاطر أن تتحول الأحلام إلى كوابيس وتصبح الطموحات كالسراب، ونفضل العودة إلى الماضي بدلاً من الحاضر الأليم الذي كشف لنا مفاجأت ليس بوسعنا تحملها لا من قريب ولا من بعيد.
بلقيس بني هاني فتاة أحببت الحياة وحلمت أن تعيش بسلام، تفأجات بخبايا الدنيا التي لم تكن بحجم حيلتها، اضطرت مواجهة أصعب مرضًا في العالم وأن تقف صامدة لآخر يوماً في حياتها، متأملة الشفاء التام والراحة القريبة بعدما انهك المرض جسدها.
وبين حلم "المهندسة" وبين الحياة، أصرّ مرضها على إلزامها الفراش وحرمانها من إتمام حلم الهندسة، إلا أنها ما زالت تقاوم و ما زالت تحلم باتمام مسيرتها، رغم كل آلامها و أوجاعها، وحرقة القلب والقهر في نفس أبويها، وما زالت ترقد بلقيس اليوم على سرير الشفاء في مركز الحسين للسرطان، جسدها يقاوم تارة ويرجع تارّة أخرى، إلا أن روحها لا تكسره كل أمراض الدنيا، فما زالت ابتسامتها وضحكاتها لا تفارق كل من أحبها.
* والدها يروي لـ"سرايا" ما جرى
هاشم بني هاني والد المريضة بلقيس، قال في حوار مع سرايا والحرقة تملئ قلبه: "حالة ابنتي الصحية اليوم من سيء إلى أسوأ، بلقيس تقضي أيام مرضها على المسكنات والمضادات فقط، مع فقدان قدرتها على التكلم والسمع والبصر"، مشيراً إلى أن تشخيص حالتها الصحية كان من البداية خاطئ؛ كونه لم يتم تحديد طبيعة الورم الذي تم اكتشافه، موكداً انه لو عاد به الزمن لم يجرِ لها العملية التي آلت لهذه النتائج الصعبة.
وبعد إجراء بلقيس عمليه جراحية لإزالة الفك السفلي خضعت لـ(35) جلسة شعاعية لمنطقة الوجه في مركز الحسين للسرطان؛ ما أدى لاحتراق الوجه وتشوهه بالكامل وفتق جرح العملية الجراحية التي اجريت لها، وذوبان اذنها الشمال وخسارة (30) كليو من وزنها. وفق ما أكده والد بلقيس.
* بلقيس حاضرة في وجدان الأردنيين
بلقيس منذ أن اكتشفت إصابتها بسرطان في وجهها حتى سكنت قلوب كل الاردنيين، فقد أحبها ودعا لها من عرفها ومن لم يعرفها، وقف معها كل الاردنيين في محنتها، ورغم أن مرضها ألزمها المستشفى وبدأ ينال من جسدها شيئاً فشيئاً، إلا أن بلقيس ما زالت تطمئن الاردنيين عبر "الفيسبوك" انها لازالت بخير وستبقى تحارب مرضها لآخر لحظة، وكتاباتها تبعث الأمل في نفوس متابعيها، وكأنها تعيش حياتها بشكل طبيعي وكأن شيئاً لم يكن!!.
رحلة بلقيس بدأت مع السرطان عندما اشتكت من سنها السفلي الذي ألمها كثيراً قبل حوالي عام، مما أضطرت الذهاب إلى المركز الصحي القريب من منزلها إلا أنها لم تجد العلاج المناسب، وقال والدها إن بلقيس عندما دخلت مستشفى أيدون العسكري لإيجاد حل لمشكلة سنها لم تتوقع بتاتاً أن مرض السرطان هو سبب الرئيسي بمعاناتها.
" خليها على الله" بهذه العبارة اختتم هاشم بني هاني حواره مع سرايا، مع امنياته بالشفاء العاجل والقريب لابنتها المهندسة بلقيس.
* مركز الحسين للسرطان يُجيب
الدكتور منذر حورات مساعد مدير عام مركز الحسين للسرطان والمفوض بالحديث عن حالة بلقيس بني هاني، قال في حوار مع سرايا، إن بلقيس راجعت مركز الحسين منذ (8) أشهر، حيث كان هناك مشكلة بالتشخيص، فقد شخصت بلقيس على أنها تعاني من ورم بالفك ليس ورم سرطاني، إلا أن المركز نفى ذلك وأكد أن ما تعانيه بلقيس ورماً سرطانياً واضحاً، اذ بوشرت خطة العلاج التي كان جزءً منها هو العلاج الكيماوي الذي رفض أهلها السير فيه.
و أضاف أن قرار اللجنة الطبية المؤلف من مجموعة كبيرة من الاستشاريين بمجال العلاج، وخلصوا إلى ان الدراسات العالمية تشير إلى أن العلاج في مثل هذه الاورام سيكون بطيئاً، وهو ما أدخل الأهل في حالة من الإحباط وجعلهم يظنون بأن هناك تقصيراً من المركز في ملف علاجها.
وفي ظل الزخم الاعلامي الذي تناول قضية بلقيس، أكد الحورات أن المركز تواصل مع المركز البريطاني لعلاج أمراض "الساركوما"، الذي أقر أن الخطة التي وضعها مركز الحسين للسرطان سليمة وصحيحة، كما تواصلوا مع (MD Anderson) و مجموعة مستشفيات اخرى، وجميعهم أكدوا ان خطة العلاج التي وضعها مركز الحسين صحيحة وسليمة.
وأشار إلى أن ذوي بلقيس بني هاني لم يقتنعوا بتلك الاجراءات التي تم اتخاذها آنذاك، فلجؤوا الى وزارة الصحة ليشكلوا لجنة من الخبراء وعملوا على زيارتها، وقرروا أن ما قام به المركز يعد إجراءًا سليماً وانه تم العمل وفق البروتوكولات العالمية مع مثل تلك الحالات.
كما تم تشكيل لجنة من الأطباء المرموقين في القطاع الخاص، و أقروا بأن جميع الإجراءات سليمة، و أصر ذووها على احضار مجموعة من الأطباء في الخارج الذين أقروا أيضاً بسلامة الاجراءات.
وأشار الحورات إلى أن المركز بدأ بعدها بخطة العلاج الثانية، وبدأ المرض يتفاقم أكثر فأكثر، مؤكداً انهم اجتمعوا مع ذوي بلقيس و أبلغوهم ان طبيعة مرضها لم يستجيب للعلاج، وعدم الاستجابة تعني أن المرض سيتفاقم، منوهاً ان هذا المرض يعد من الأنواع التي تصيب أنسجة الوجه، وهو ما كان وراء حدوث تشوهات في وجهها، وجزء من الفك، وبالتالي انتقل الى منطقة الحنجرة.
ومع كل تلك الإجراءات أكد الحورات ان المركز لم يرفض اي جهة تحكيمية يختارها الأهل في العالم، ممن قد يتوفر لديهم علاج ، مبدياً تفهمه تجاه أهل المريضة وشعورهم بقشة أمل في علاج ابنتهم، التي خلقت حالة من التعاطف العام معها، حتى في نفوس جميع أطباء مستشفى الحسين للسرطان.
* إرادة بلقيس باقية وحاضرة
ستبقى إرادة بلقيس وابتسامتها رفقية أبدية معها طيلة المرض، كونها على يقين تام أن ما يحدث معها مجرد ابتلاء من الله عز وجل، وقادرة على تجاوزه بالمستقبل القريب، وطلبها الوحيد من محبيها ان يدعوا لها بالشفاء العاجل.