04-03-2020 01:37 PM
بقلم : أ.د عبد الناصر هياجنة
الرياضةُ سلوكٌ إنساني قديم، وقد تطورت إدارة وممارسة النشاط الرياضي عبر العصور حتى أصبحت الرياضة صناعةً واحترافاً ومصدراً للبطولة والثروة، كما استأثرت الرياضة بالاهتمام الجماهيري الذي قلما يتأتى لنشاطٍ إنساني آخر. ومع هذا التطور، فرض القانونُ نفسه على الرياضة لتنظيم إدارتها وممارستها. وظهرت هيئاتٌ وطنيةٌ ودوليةٌ لتنظيم هذا النشاط الإنساني الجماهيري الخلاّق.
وفي هذا الإطار سعت الدول إلى الاهتمام بالرياضة وتشجيعها والاستثمار فيها؛ لما تحققه الرياضة من فوائد وعوائد على مختلف القطاعات والصُعد. وتُمثل دولة قطر حالةً متقدمة من الاهتمام بالرياضة كأحد عناصر القوة الناعمة للدولة؛ فخلال العقدين الماضيين أولت دولة قطر الرياضة عنايةً خاصةً وقدّمت لها كل دعمٍ ممكن، وحضرت ونظمّت العديد من الفعاليات الرياضية القارّية والدولية الكبرى فضلاً عن البطولات في الأطر الوطنية والخليجية والعربية. وتوّجت ذلك بحصولها على حق تنظيم واستضافة بطولة الإتحاد الدولي لكرة القدم "كأس العلم مونديال قطر 2022" وهي تسير بثباتٍ وتميز في تحضيراتها لتنظيم بطولةٍ عالميةٍ استثنائيةٍ هي الأولى التي تنظمها دولةٌ عربية متجاوزةً بذلك العديد من التحديات.
ودولة قطر إذ تقدم نفسها كعاصمةٍ للرياضة في المنطقة والعالم تولي اهتماماً متزايداً بالقانون الرياضي، حيث سنّت قانون تنظيم الأندية الرياضية، والعديد من المراسيم واللوائح التي تنسجم مع المبادئ الحاكمة والمعايير الدولية المعتبرة في مجال إدارة وممارسة النشاط الرياضي. كما بادرت – في خطوةٍ غير مسبوقةٍ – إلى تخصيص يومٍ وطني للرياضة كيوم عطلةٍ رسميةٍ بالمفهوم القانوني والحقوقي للعطلة الرسمية، على أن يُخصص اليوم الرياضي الوطني لتنظيم العديد من الفعاليات والنشاطات الرياضية المختلفة على المستوى الوطني بدعمٍ وإشرافٍ من مؤسسات الدولة والقطاع الخاص. وبالإضافة إلى اللجنة الأولمبية القطرية والعديد من الاتحادات الرياضية النوعية، والنوادي والهيئات المعنية بالشأن الرياضي، ونظراً لخصوصية الرياضة والمنازعات المرتبطة بها فقد بادرت دولة قطر إلى تأسيس مؤسسة قطر للتحكيم الرياضي كمؤسسةٍ خاصةٍ ذاتِ نفعٍ عام للنظر في مختلف المنازعات الرياضية والمرتبطة بالرياضة. وهي بذلك تخطو خطوةً متقدمةً نحو تعزيز منظومة القانون الرياضي.
ولتأهيل المتخصصين في مجال القانون الرياضي؛ تطرح كلية القانون في جامعة قطر مقرراً لتدريس القانون الرياضي لطلبة البكالوريوس، وهي في صدد تقديم برنامج أكاديمي متخصص في القانون الرياضي على مستوى الدراسات العليا. هذا فضلاً عن قيام الأكاديمية الأولمبية القطرية بطرح برنامج الماجستير في القانون الرياضي استجابةً للطلب المتزايد على دراسة هذا التخصص الجديد المتطور. هذه المبادرات جعلت من الرياضة والقانون الرياضي في دولة قطر أقرب إلى الحالة الوطنية التي تزداد عمقاً وتطوراً، ما يتطلب أن يتعهد المتخصصون والمهتمون في مؤسسات التشريع والقرار المنظومةَ الرياضية على مستوى التشريع والإدارة بالدراسة والتقييم والتطوير المستمر.