08-03-2020 09:49 AM
بقلم : المحامي علاء مصلح الكايد
لسنا بحاجة إلى مؤامرة خارجية كي تخترق ثوابتنا ، فتلك الأجهزة في أيدينا تقوم بالواجب على نحو يكفل طاقة سلبيّة تملأ الأجواء .
إشاعة ونصف يوميّاً هو معدّل ما ينتج فضائنا الإلكترونيّ ، وتتطوّر الحالة في بعض الأحيان إلى إماتة أحدهم أو وضعه في غرفة الإنعاش ، وسبق ذلك من أنواع الإشاعة ما لا يعقل ولا يقبله منطق فنالت الأعراض ودخلت البيوت وإستباحة كلّ محرّم .
إنّ منسوب الحرّيّة مرتفع وربما لم يعد له من سقف ، وهذا ما يضعنا أمام تحدٍّ يقوم على الحدّ من الفوضى الإلكترونيّة الفتّاكة دون مساس بأسقف الحرّيّات ، وخير الحلول أوسطها وهو الإلتزام بالقانون .
وكما يقال " النار من مستصغر الشرر " فالأوزان النسبية للإشاعة مختلفة ، منها ما يؤثر في الإقتصاد أو الأمن أو السياسة وتصب جميعها في المحصلة لتمسّ الثّقة العامة وتهدرها .
وقد كتبت سابقاً عن نظرية الفوضى والتي تسمّى كذلك بنظرية الفراشة ، فلا شكّ بأن لكلّ فعلٍ ردّ فعل يعود بالنفع أو الضرّ في مكان ما ، وما من داعٍ أن تسكننا الروح السلبيّة فيكبر في أنفسنا الإحباط والإنهزام ليس من جرّاء واقع قد وقع بل كرة ثلجٍ راكمتها إشاعات لا أساس لها من الصّحة ولا وجه لها من الحقيقة .
أقول هذا لأنّ الطّرق المستمرّ على جسمٍ يضعفه وبالتالي يهلكه ، وفي هذه الوسيلة الإلكترونية التي بين أيدينا سلاح ذو حدّين ، حدٌّ جارحٌ قاطع وآخر ملهمٌ بديعٌ ساطع .
لقد وصل الفضاء الإلكترونيّ إلى مرحلة لا ضوابط لها ، وقد كتبت في هذا الأمر مرّات ومرّات ، بين النصيحة لشرعنة وقوننة إستخدام هذه الوسائل وتطوير المنظومة الرسميّة للإعلام ومنها منصة حقك تعرف والإيجاز الأسبوعيّ للحكومة وقد أسمهت تلكم الأدوات ببعض من التحسين على ذلك المستوى وإن كانت دون الطموح حتى اللحظة ، لكنها فعلت شيئاً بلا شكّ .
الآن ، تلزمنا نقطة نظام نعيد فيها الفضاء إلى قواعده المنطقية على هدي القاعدة القانونية " لا إفراط ولا تفريط " فالحقّ الدستوريّ بالتعبير مصونٌ ومقدّسٌ طالما أنّه إيجابيّ الأثر وشرعيّ المنشأ والهدف ، وبغير ذلك سنصل إلى رأيٍ عامٍّ متكسّرٍ مهزومٍ لا روح فيه .