08-03-2020 09:54 AM
بقلم : أحمد محمود سعيد
قد تكون الأمة العربيّة اعلنت إفلاسها القومي والوطني والعروبي منذ ان رسم الغير حدودا مصطنعة وقادة وحكاما وشيوخا لشعوبها منذ اكثر من مائة عام وبات الحاكم أغلى من الأرض والقومية لمن يقدِّم افضل عرض ولا يمكننا القول ان الحال افضل من غيره في جميع انحاء المقهورة العربية ولنأخذ مثالا ثلاث مناطق اولها فلسطين المحتلة بقدسيتها وليبيا بمساحتها وتاريخها وسوريا بانقلاباتها وتلك الدول الثلاث لا تختلف كثيرا عن بقية اامناطق العربيّة وانما تنتظر دورها والعياذ بالله .
فبعد ان يعبر العرب خلف زعماؤهم نفق القرن مطئطئين رؤوسهم خوفا من ان ترتطم بسقف النفق لابسين الأكفان البيضاء حريصين ان لا تلمسها جوانب النفق بالرغم من سماعهم فتاة تصرخ من الأقصى وإمرأة تستنجد بصلاح الدين وطاعن في السن يناجي ربّه من الصخرة التي صعد منها نبي الله ورسوله عليه الصلاة والسلام الى السموات العلى واجتمع بانبياء الله في تلك الرحلة النبوية المباركة .
لا شك ان تلك القطعة المباركة من الأرض لم تكن مباركة إعتباطا او بدون مغزى أو لصفات معينة في طبيعة الأرض او سكانها على مرِّ السنين وإنما لصفات اوجدها الخالق فيها وجعل الكثير من الأنبياء والأديان والمقدسات منها وبارك فيها .
فكانت الحروب الصليية طمعا فيها وغزتها واستولت عليها لعشرات السنين وكانت الدولة العثمانية المسلمة احتلتها ومكثت فيها مئات السنين والآن جاء دور اليهود فقاموا بالاستيلاء عليها بمعاونة زعماء امريكيون وأوروبيّون وقِلّة من العرب وذلك لقلّة عدد اليهود في العالم الذين لا يشكلون 4% من العرب واقل من 1,% من المسلمين .
والشعب اليهودي الذي جاء شريدا ومطرودا من الشعوب الأوروبية لسوء اعماله بينهم فقد حطّ زعمائه رحالهم بعدحسابات وإحتمالات متعددة ان السبيل الأسلم لهم هو فلسطين متبجحين بمقولة كاذبة ان فلسطين ارض بلا شعب وان اليهود شعب بلا ارض مزيِّفين التاريخ وبدؤوا بنسج تاريخ مضلِّل للعالم اجمع بدءا من مؤتمراتهم الصهيونية ومرورا بتأسيس منظمة الأمم المتحدة خلفا لعصبة الأمم مستفيدين من الحربين العالميتين الأولى والثانية محافظين على الإمتيازات التي كسبوها من حيث المال والعلم وزرع الفتنة والإنقسام في الدول الأوروبيّة وثم تقسيم المناطق العربية الى دول وشعوبا تتحارب من اجل المحافظة على مكاسبها الضيِّقة مقابل تفتيت إمكاناتها الكبيرة لإستبعاد اي تفكير بالوحدة والإتحاد بين شعوبها وإمكاناتهم الواسعة وقدسيتها ومقدساتها الدينية حتى عملت على تفريقها وتشتيت إمكاناتها ومواردها ومحاولة ما امكن التباعد بينها وبين مختلف الدول الإسلامية الأخرى ونجحت في ذلك وقد تكون بلغت مخططاتها أوجها وقاربت على تحقيق نتائجها وقيام دولتها اليهودية حسب رغبة حاخاماتها وحسب تخطيط حكمائها والسياسيون الأوائل لنشأتها,وهكذا أضاع العرب بجهلهم وتناحرهم وأنانيّة حكّامهم أرض لا تقدّر خصوبتها وموقعها الجغرافي وميزاتها واماكنها المقدّسة لكل الأديان وتشرّد سكان تلك الأرض قي بلدان وصقاع مختلفة بحثا عن الرزق والأمان فلم يستطع الفلسطينيون من تحصيل جزء صغير لتأسيس دولتهم المستقلة .
وليبيا البلد الذي عاش شعبه بنضال سنين طويلة لطرد المستعمر من ارضه وسقط الكثير من الشهداء في الدفاع عنه وعاش الشعب الليبي سنوات من الفقر والحرمان بعد تحرره من الإستعمار وحتى خلال حكم القذافي له بالرغم من إمتلاك ثروات طبيعية له ولكن كان الربيع العربي وبالا حيث طمع فيه دولا مختلفة مثل تركيا وايطاليا وروسيا وامريكا وغيرها مما عانى وما يزال يعاني من إوار الحرب حتى الآن واشتعلت حرب بين اطراف عديدة لتأخذ كل منها نصيب على حساب الشعب الليبي ومقتل الكثبر من مواطنيه وما زالت الحرب دائرة ويتساقط القتلى تحت نظر ومشاهدة الأمم المتحدة وممثليها بهدف تقسيم ليبيا ليأخذ كل نصيبه فالدولة غير موحدة وتتجه نحو التقسيم وحدودها غير مؤمّنه وشواطئها غير آمنة في وجه
المهاجرين الذين يخوضون اهوال البحر الأبيض المتوسط الذي يلتهم الكثير من الأ.برياء هربا من جحيم العيش في اوطانهم واصبحوا غير آبهين بمن يحكمهم فهم يريدون ارض دولتهم بلا حروب ولا اطماع من الدول الأخرى وباتت ليبيا ممرا يسلكه الكثير من الأفارقة قاصدين اوروبا كمأوى لهم هربا من الفقر .
واما سوريا التي لا زالت تكابد النزاع والحروب بتدخل دول عديدة اهمها تركيا وروسيا وامريكا وايران وغيرها من دول عربية وكل تلك الدول لاتريد الخير لسوريا او لأهلها الطيبين الذين تشرد منهم الملايين هروبا من جحيم الحرب وتشتتوا في دول العالم وخاصة في اوروبا والدول العربية المجاورة لسوريا وقد بدء الربيع السوري في 2011 ولم ينتهي بعد بل إزداد لهيبا حتى كاد ينذر بحرب عالمية بعد تورُّط دول كبرى ودول جوار بشكل مباشر لتحقيق اكبر قدر من المكاسب لها مهما لحق بمصائب للشعب السوري بمختلف اطيافه وقومياته للوطن السوري بمختلف حدوده وثرواته وللجيش السوري وعتاده وإمكاناته وللشعب السوري بمختلف ثقافاته وتاريخه وحضاراته وإنجازاته .
وقد بدأت الدول الطامعة بنهش العالم العربي لتيسير عمل إسرائيل في الإستيلاء على العالم العربي بعد تدميره إقتصاديا وعسكريا وثقافيا كل ذلك ليلتهم الأراضي الفلسطينية بالكامل ويشرِّد شعبها ويجهِّل ابنائها ويشتِّتهم في البلدان المختلفة واعتقد الصهاينة وواعوانهم زعماء امريكا انهم بدأوا بتنفيذ خطتهم مسمّينها صفقة القرن للإسرائيليّين وكانت صفعة الزمن لزعماء العرب اجمعين ولشعوبهم المسكينة وثرواتهم الظاهرة والدفينة واموالهم المسلوبة والرهينة ليكون العالم بعد تسليم فلسطين بالكامل لليهود لقمة سائغة في فم الدول الكبرى وصاحبة المصالح المشبوهة في بلادنا .
وهكذا نرى ان امريكا وإسرائيل يرسمون ويخططون لمستقبل بلادنا وشعوبنا بينما نرى تركيا والدول الأوروبية يخططون لتقسيم ليبيا ووضعها النهائي بينما نرى ان بوتين روسيا واردوغان تركيا يخططان لوضع سوريا من خلال إتفاقهما على الوضع في أدلب والحدود الشمالية بين سوريا وتركيا وكأن الشعب السوري وجيشها ليس لهما قرار لحماية وطنهم وتلك هي نماذج لوضعنا العربي بعد أن إستبيحت أراضيه وتشرّد ابنائه في صقاع العالم واصبح عدد اللاجئين داخل اوطانهم وخارجها بالملايين وعدد الجوعى والمحرومين والفقراء عشرات الملايين واصبح العالم العربي في تراجع وتقهقروشبابه محبط واطفاله بانتظار مستقبل باهت ومظلم يعتريه القلق ويعيش في وساوس وأرق .
وهكذا نستطيع ان نقرّ بإفلاس العرب وأصبحوا في مهب الريح التي تعصف بجميع الدول العربية بحكامها وشعوبها ولم يبقى لنا غير الدعاء لله والإستنجاد حيث لا حول لنا ولا قوّة غير رحمة رب العالمين .
اللهم إحفظ بلدنا وابعد عنه كل مكروه واحمي شعبنا وجيشنا ومليكنا وكللهم بالنصر.
احمد محمود سعيد
عمّان - الأردن
8/3/2020