08-03-2020 09:56 AM
بقلم : أ.د عبد الناصر هياجنة
يقول الخبر " أدى سقوط مروحة داخل غرفة صفیة في أحد مدارس أم صیحون بلواء البترا، إلى كسر في جمجمة الطالب عبد سالم البدول في الصف السادس الأساسي، خلال دوام یوم أمس الثلاثاء. هذا وتم اسعاف الطفل إلى مستشفى الملكة رانیا العبد الله واجراء الاسعافات الأولیة اللازمة، ومن ّ ثم تم تحویله إلى مستشفى الأمیر ھاشم في العقبة، بعد أن تبین وجود كسر في الجمجمة. وأوضح مدیر مستشفى الملكة رانیا الدكتور محمد النوافلة، أنه تم وبعد الكشف الفوري على الطفل التنسیق مع استشاري في مستشفى الأمیر ھاشم في العقبة، حیث تبین حاجة الطفل لإجراء عملیة جراحیة، خشیة حدوث مضاعفات طبیة. وأجرى الطفل عملیة في مستشفى الأمیر ھاشم ظھر أمس، وتتم متابعة حالته الصحیة من قبل الكوادر الطبیة في المستشفى. ودفعت ھذه الحادثة المئات من سكان أم صیحون وأولياء الأمور، للمطالبة بتحسین واقع البنیة التحتیة في مدارس المنطقة"
لا أريد التعليق على أشياء كثيرة مثيرة في الخبر متعلقة بخطورة الحادث ومكان وزمان وقوعه، والمؤسسات الطبية وأماكنها وأسمائها والمستوى المتوقع لتجهيزاتها وخدماتها، لكني سأتوقف فقط عند الجانب القانوني فيه لعلَّ الرسالة تصل إلى أهل الاختصاص من مسؤولين ووزراء ونوّاب ومحامين وقضاة وأهالي ومهتمين وهم كُثرٌ في الأردن العزيز. فسقوط مروحة في غرفة صفيّة في مدرسة حكوميّة ليس حدثاً عادياً من وجهة نظر قانونية، بالتأكيد أن للحادث تفسيرات طبيعية وعلمية وإنشائية وميتافيزيقية، وأخرى أيضاً واقعية تتعلق بعدالة تقديم الخدمات كماً ونوعاً ومستويات التنمية. ولكنه في القانون حادث يستدعي نصوص الدستور والقانون المدني وقانون العقوبات وقانون محاكمة الوزراء وربما غيرها الكثير من القوانين والأنظمة والتعليمات والقرارات ذات الصلة! فالمروحة شيء، وللشيء حارس، والحارس تابع له متبوعٌ مؤتمنٌ على جماجم الناس!
لا ينبغي أن ينتهي الحادث واقعياً وقانونياً فقط بعبارة "... ودفعت ھذه الحادثة المئات من سكان أم صیحون وأولياء الأمور، للمطالبة بتحسین واقع البنیة التحتیة في مدارس المنطقة"! فهذا حسن، ولكن مثل هذا الحادث يُذكرنا ببعض النصوص القانونية وأبرزها في هذه الومضة نص المادة 43 من الدستور الأردني الذي يقرر أن: "على رئيس الوزراء والوزراء قبل مباشرتهم أعمالهم أن يقسموا أمام الملك اليمين التالية: "أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للملك وأن أحافظ على الدستور وأن أخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكولة إليّ بأمانة" وكذلك المادة 271 من القانون المدني الأردني التي تقضي بــأن "لا تخل المسؤولية المدنية بالمسؤولية الجنائية متى توفرت شرائطها ولا أثر العقوبة الجزائية في تحديد نطاق المسؤولية المدنية وتقدير الضمان". وكذلك المادة 290/1 من نفس القانون والتي تقرر بأن "الضرر الذي يحدثه للغير انهيار البناء كله أو بعضه يضمنه مالك البناء أو المتولي عليه إلا إذا ثبت عدم تعديه أو تقصيره". كما تقرر المادة 291 أن: "كل من كان تحت تصرفه أشياء تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها أو آلات ميكانيكية يكون ضامناً لما تحدثه هذه الأشياء من ضرر إلا ما لا يمكن التحرز منه". ومن المفيد الإشارة إلى المادة 8 من قانون محاكمة الوزراء رقم 35 لسنة 1952 التي تنص على أن: "الوزراء مسؤولون مدنياً وفق احكام القانون المدني". هذا فضلاً عن نصوصٍ كثيرة يعرفها أهل الاختصاص في قانون العقوبات أبرزها ما يتعلق بجريمة الإيذاء.
هذا التذكير ضروريٌّ الإشارة إليه وتفعيله حتى يشتبك القانون بالواقع اشتباكاً منتجاً يرفع من سوية الحياة ويضع الأمور في نصابها الصحيح والعادل. قبل الختام يلزم تقديم اعتذار للطالب عبد سالم البدول عما وقع له ولزملائه في غرفة الدرس عما كانوا شهوداً عليه وضحايا محتملين له، مع الدعاء له بالشفاء العاجل، ولهم بغرفة صفيّة مروحتها آمنة.