09-03-2020 10:11 AM
بقلم : أ.د.تقي الدين الصمادي
المفهوم المعاصر للعمل الجماعي هو العمل المؤسسي وهى مجموعة من المنظومات الرئيسية التي تديرها مؤسسه اكاديميه ما ضمن انظمه وتعليمات خاصة ضمن دائرة متكاملة الخصوصية يدير سياساتها ما يسمى مجلس أمناء الجامعات، وقد تكون تلك المؤسسات من التي يعوَّل عليها في الاصلاح والتعديل والتغير لانشاء أجيال الحاضر والمستقبل، ومنبع الأمل. ورجالات المستقبل سواء كانت تلك المؤسسات حكومية أو غير حكومية. ومع ذلك فكثير من قادة وأفراد ومجالس تلك المؤسسات لا يسعفون أنفسهم بالتعرف على أسس ومبادئ إدارة المؤسسات، والطرق الميسرة الكفيلة التي تجعلها قادرة على تحقيق أهدافها وتطلعاتها وَفْقَ ما هو مأمول لتحقيق الغايه المنشودة منها لذلك يلجأ أكثر مؤسسي تلك المؤسسات إلى تقليد أقرانهم في إدارتهم للأمور، وربما اجتهدوا من خلال الخبرة والواقع العملي والعمل بمبدأ التجربة والخطأ، حتى تمضي السنين وقد قطعوا شوطاً هائلاً أُهدِر خلاله كثير من الموارد، مقابل نتائج ضعيفة وربما تكون مخيبة للآمال.
وتتحول مفهوم المؤسسية من مؤسسات حميدة الى غير حميدة. بل الى مزارع شخصيه شيطانيه لجلب المكاسب بلا معاير او قيم تذكر ..حيث تنتشر فيها خلايا سرطانيه هجوميه. تتكاثر بشكل بطانة فاسده همها الوحيد المكاسب الشخصية واحتواء خلاياهم المريضة.
لهذا السبب أوجد ما يسمى بمجالس الأمناء لإدارة هذه المؤسسات ووضع ضوابط ومعايير ضمن سياسات التعليم العالي تكون مسؤوله مباشره عن متابعتها ووضع الاستراتيجيات الخاصه بارتقائها وتقدمها من فتح تخصصات جديده واستحداث خطط دراسيه ومتابعه أداء رئيس تلك المؤسسه ومجالس العمداء وغيره وذلك من خلال تشكيل لجان خاصه مثل اللجنه الاكاديميه والماليه والفنيه وغيره للعمل بروح الفريق مع المؤسسه وكوادرها الاكاديميه وليس الغرض من إنشائها عقد الاجتماعات فقط للتسلية وهدر الوقت ابتغاء حوافز ماليه أو مصالح شخصيه.. فالموفَّق من مؤسساتنا قليل بينما كثير منها تعاني من مشكلات جسيمة ومعوقات كبيرة. ففي الاونه الاخيره تجد الإهمال الكثير وعدم المبالاة لتلك المجالس.. بعدم المتابعه أو الاكتفاء بما يمليه عليهم رئيس الجامعه او أصحاب رأس المال ولو كانت على حساب المؤسسات... ومن تلك المخالفات الجسيمه التي قد تتعرض لها :
1) إغلاق وتجميد تخصصات للجامعه وتجميد القبول دون الرجوع أو التأكد من صدق الملف المقدم أو بحثه في المجلس والانصياع والاكتفاء بتقارير شفويه وهميه قدمت لهم او لمسائل شخصيه مما يؤثر على تخريخ الطلبه ومخرجات التعليم
2) تشكيل مجالس هامه كمجلس عمداء للجامعه دون التقيد بالحد الأدنى من المعاير والأسس التي تم اختيار وتنسيب العمداء.. كتعين استاذ مساعد أو مشارك مثلا عميد في حين وجود رتب أخرى قادره على الاداره أكثر...او تكليف قائم باعمال عميد لعدة سنوات دون التأكد من قبل مجالس الأمناء أو الاطلاع على بدائل أخرى وتقارير الأداء لمنافع عائليه تطغي على الصالح العام بادارة المؤسسه .
3) إنهاء عمداء قبل إنهاء مدتهم القانونيه وعدم تقديم ايه وثائق أو مبررات لدى الاداره بإنهاء عملهم كعمداء أو استبدالهم دون التقيد او الاتزام بالحد الادنى من الروح الاكاديمية.
4) اهمال الملفات الهامة في الجامعات من قبل مجالس الأمناء كملف الابتعاث للجامعات.. ما هى الأسس التي قامت بها المؤسسات للابتعاث وحاجة الكليات والمعاير التي تم على أساسها الابتعاث وتكليف المؤسسة تلك المبالغ الباهظة لمتابعه الملف لابعاد ايه مخالفه تذكر.
5) عدم متابعه الملف المالي الخاص بالبحث العلمي والمؤتمرات وهى اساس عمل أعضاء الهيئه التدريسية في الجامعات وحقوقهم منها. بل الاكتفاء بتقارير شفويه شكليه تمرر من خلال تلك المجالس.
6) الاعتماد على توزيع المناصب والهبات من قبل أصحاب رأس المال بترتيب مسبق دون التقيد بايه معاير أو ضوابط وتتمرر عبر مجالس الأمناء للتأكد من صحتها أو متابعه أدائها لاحقا.
7) عدم وضع معاير وأسس عن اختيار رؤساء الجامعات ونوابها من قبل المجلس وتماشيا مع قرارات مجلس التعليم العالي بالاختيار والتقيم والمتابعه وعدم متابعه التقارير الماليه وسياسه الجامعه بما يخص سلم الرواتب والعلاوات السفريات وغيرها من المخالفات المالية .
إجراءات شكليه تتم بطرق مبسطه وغير ممنهجه لا ترتقي إلى مستوى العمل الأكاديمي أو الإداري مع تغيب وزاره التعليم العالي ومجالسها وعدم متابعه مندوبيها في تلك المجالس.
حيث تقوم الحاكمية المؤسسية على عدة مبادئ أساسية أهمها الفصل بين مسؤوليات الإدارة بالإضافة إلى ضرورة وجود هياكل تنظيمية عامة تتوزع فيها المسؤوليات والصلاحيات بتحديد ووضوح تامّين ووجود أطر فعالة للرقابة بشكل واضح، كما تقتضي معاملة كافة الجميع بعدالة وشفافية .تمكنهم من تقييم وضعية المؤسسة، وأن يتوفر مستوى مناسب من المؤهلات العلمية والعملية والنزاهة والامانة في الادارة والجهات ذات العلاقه وتطبيق السياسات المقررة منها بهدف ضمان الحفاظ على المؤسسة وديمومتها باعتماد حدود واضحة للمسؤولية والمساءلة وإلزام جميع المستويات الادارية في المؤسسة، وأن يتأكد من أن الهيكل التنظيمي يعكس بوضوح خطوط المسؤولية والسلطة بحيث يشمل عدة مستويات رقابية، للعمل بشكل يتفق مع السياسات والإجراءات التي اعتمدها المؤسسة ، واعتماد ضوابط رقابية مناسبة فمؤسساتنا هي الدرع الواقي الذي طالما ميزنا بين الدول الإقليمية والمحلية، لذا لا بد ان تكون عملية تربوية هادفة تأخذ في اعتبارها كل العوامل المكونة للموقف التعليمي بحيث يتعاون من خلالها عضو هيئه التدريس والطالب والادارة لتحقيق اهدافه وغاياته المرجوه .فليس الضعف في الخطط والبرامج وليس العلاج في الخطط الاستراتيجيه وانما في الاجراءات التنفيدية وكيفيه المتابعه والتقيم لتحديد نقاض الضعف والقوه وادارة ناجحه قادرة على التغير .ففشل تلبية معايير الاعتماد يعني فشل الجامعات في تحقيق مستوى مقبول من التعليم والتدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع. تعثرالجامعات في الحصول على الاعتماد والتصنيف يعني سوء التخطيط في منح شهادة التخرج لطلابها، ويعني انها اضاعت مستقبل الطلاب لانعدام الثقة بما تمنحه الجامعات لطلابها من معرفة وعلم.
فالبحث عن الحدود الدنيا لاعتماديه التخصصات أو استحداث تخصصات جديده في تعين أعضاء هيئه تدريس أو تحهيزات وابعاد مفهوم استقطاب الكفاءات والبحث عن ما هو جديد ومتميز للحداثه والنمو .
متى ستخضع الجامعات لمعايير اعتماد رسمي ورصين على أساسه يتحدد مستقبلها اما الاستمرار في منح شهادات محترمة او ان تكف عن الضحك على ذقون الطلبة والوطن؟ متى نرى تغييرا جذريا في الادارة الاكاديمية لتحقيق الحد الأدنى من مفهوم الحاكميه المؤسسيه، وفي تركيب وتنظيم الكليات والاقسام، وفي محتوى وطرق تعليم المناهج، وفي فلسفة البرامج والسياسات المطبقه في الجامعات ، بدلا من مجرد تبديل اداراتها وتسلط متنفذيها ؟ متى يتم مراجعة وتقييم الجامعات والسير بها إلى بر الأمان في وطننا الغالي والعزيز؟! متى ستدرك وزاره التعليم العالي بسياساتها المخفقه واستراتيجياتها العقيمه التي ظهرت جليا محليا واقليميا؟
فأنه لمن القوه والعظمة أن يكون الأمر بيد من يدركه لا بيد من يملكه وانه لمن الضعف والاستهانة أن يكون الأمر بيد من يملكه لا بيد من يدركه .