09-03-2020 03:06 PM
بقلم : الدكتور مهند صالح الطراونة
إستقر الفقه الدستوري على أن قرار حل البرلمان في الأنظمة البرلمانية يتمثل بصورتين أساسيتين فإما أن يكون حلا ملكيا او حلا وزاريا، والمقصود بالحل الملكي هو الحل الذي يمارسه الملك عن طريق إرادة ملكية يوقعها رئيس الوزراء وهذا ما نص عليه الدستور الأاردني وفقا لنص المادة (40) من الدستور، وأما الحل الوزاري هو الحل الذي تمارسه الحكومة لتحكيم الناخبين في النزاع الذي يقع بينهما وبين المجلس ويرفع الطلب بشأنه لرئيس الدولة وتكون الحكومة مسؤولة عن هذا الحل
هذا ويقيم النظام البرلماني منظمومة متكاملة من التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية عن طريق ما تملكه كل منها من وسائل التأثير في عمل السلطة الأخرى ولعل من أبرز هذه الوسائل هو حق السلطة التشريعية في تقرير المسؤولية الوزارية وحق السلطة التنفيذية في حل البرلمان من اجل معرفة رأي الشعب والاحتكام إليه ومن هنا تكمن أهمية حق الحل كوسيلة من وسائل الديمقراطية البرلمانية.
ومن الجدير بالذكر هنا أن الأعمال السياسية للحكومة هي المجال الحيوي والطبيعي لنظرية أعمال السيادة التي تخرج عن نطاق الرقابة القضائية، فأعمال السيادة هي التي تصدر عن الحكومة بصفتها سلطة حكم لا سلطة إدارة فتباشر السلطة هذه السلطة لتنظيم علاقتها بالسلطات العامة الأخرى، والتي تتمتع بحصانة ضد رقابة القضاء بجميع صورها ومظاهرها، وإن معيار التفرقة بين أعمال السيادة وبين الأعمال الإدارية أساسه طبيعة العمل ذاته وأعمال السيادة تباشرها الحكومة في نطاق وظيفتها السياسية وأعمال الإدارة تقوم بها في حدود وظيفتها الإدارية وإذا كان من الصعوبة بمكان جمع حصر أعمال السيادة في نظرية محددة وأن القضاء هو الذي يسبغ على العمل المطروح عليه الوصف القانوني وما إذا كان يعتبر من أعمال السيادة إلا أنه من المؤكد أن حل البرلمان يعتبر عملا سياسيا لا قرارا إداريا لأنه يتعلق بأمر يتصل بممارسة سلطة الحكم.
ومن حسن الطالع الإشارة هنا ونحن بصدد الحديث عن الإرادة الملكية الإشارة إلى أحد الآراء الفقهية التي طالعتنا فيها الصحف الإلكترونية قبل أيام حول التكييف القانوني للإرادة الملكية بأنها قرارات إدارية رفيعة المستوى وعليه فإنها في محصلة الأمر تقبل الطعن بالإلغاء إذا إقترنت في قاعدة التوقيع المجاور أي أقترنت في توقيع الوزير المختص ورئيس الوزراء والملك وفي الحقيقة أن هذا الراي قد جانب الصواب -مع خالص تقديرنا لصاحبه _ وذلك لأن الفقه الإداري لم يعرف تصنيفا للقرارات الإدارية يسمى بالقرارات الإداري رفيعة الشأن وقرارات إدارية غير رفيعة الشأن، ثم إن القرارات الملكية التي تقترن بقاعدة التوقيع المجاور قد نعتبر أعمال سيادة و أعمال السيادة تخرج عن نطاق الرقابة القضائية وفقا لنص المادة (9د) من قانون القضاء الإداري التي نصت على (لا تختص المحكمة الإدارية بالنظر في الطلبات أو الطعون المتعلقة في أعمال السيادة، وذلك لأن أعمال السيادة تقتضي طبيعتها ألا تكون محلا للتقاضي تحقيقا لاعتبارات سياسية هي اتصالها بنظام الدولة السياسي اتصالا وثيقا من أجل الحفاظ على كيان الدولة ورعاية مصالحها العليا.
وأخيرا يتضح الفرق الجلي هنا بين قرار الحل وبين الإجراءات والشروط التي يجب توافرها في القرار ليصبح من أعمال السيادة للتوصل إلى أنه يمكن البحث في الإجراءات والشروط التي يجب توافرها في القرار وإخضاعها للرقابة القضائية لا محل لذلك لأن شروط وإجراءات العمل السياسي هي جزء من تكوينه وركن من طبيعته فلا يمكن عزلها عنه ولا إخضاعها للرقابة القضائية إذا كان القرار الإداري ذاته غير خاضع لها بصفته عملا سياسيا فطالما أن حل مجلس النواب هو عمل سيادي لا يخضع للرقابة القضائية فإن شروطه واسبابه لا تخضع لهذه الرقابة.
tarawneh.mohannad@yahoo.com