16-03-2020 09:04 AM
بقلم : هبة احمد الحجاج
في يوما ما من صباحات الأيام الصيفية الجميلة ، أيقظتني نسمات الهواء العليل وكأنها تداعب وجهي وتغني وتنددن بأغنية قهوة الصباح " فيروز" نسم علينا الهوا من مفرق الوادي يا هوا دخل الهوا خدني على بلادي يا هوا يا هوا يللي طاير بالهوا في منتورة طاقة وصورةخدني لعندن يا هوا
يااااااه كم هو شعورا جميل وخلاب وكان هوا يرد الروح إلى الجسد .
إستيقظت وأنا في قمة الفرح وتفاؤل هذا اليوم يوم جميل وقد يكون يوم سعدي ، أشعلت الراديو وإذ أسمع فيروز تغني " شايف البحر شو كبير كبر البحر بحبك " ، شعرت وكأن فيروز تخاطبني وتريد مني أن أذهب للبحر ، تساءلت في نفسي ، " ما قصة فيروز وأغانيها معي " وضحكت ، قررت أن أذهب إلى البحر ، ف أنا أشعر بأن الطقس جميل وممتع وأنا أحتاج إلى بعض الراحة ، فأخذت أقنع نفسي ، وألقيت على نفسي بعض التساؤلات ، هل تعلم ما هو البحر ، ما الذي ستشعر به عندما تذهب هناك ، والكثير والكثير من التساؤلات فأخذت أجيب عن جميع هذه الأسئلة وأتغزل به وكأن البحر محبوبتي الجميلة ،
"البحر هو ذالك الأفق الواسع الذي يأخذك إلى عالم آخر تجد فيه ذكرياتك الجميلة، التي تعطيك الراحة النفسية والسعادة المترامية مع أمواجه الساحرة، ولا ننسَ أن البحر هو مؤلف من قطرات وأن في كل قطرة كل ما في البحر من معانٍ. والذي ننتظر غروب الشمس لنرى ذلك الشعاع الهزيل الذي يودعه.. وتلك القوارب التي تودع يوماً مضى من حياتنا "
وأخيرا قررت أن أذهب إلى البحر وذهبت، عندما وصلت رأيت الصياد يصطاد وكان يغني بالصوت مرتفع وكان يريد أن يسمع العالم بإسره صوته " عندك بحرية (يا ريس
(سمر وشرقية (يا ريس
(والبحر كويس (يا ريس
(وصل لي حبيبي (يا ريس
(ريحة أراضينا (يا ريس
(عم بتنادينا (يا ريس
(ريحة أراضينا (يا ريس
(عم بتنادينا (يا ريس
(إمشي وطير بينا (يا ريس
(من مينا لمينا (يا ريس
جلست بجانبه ولم أشعره بنفسي ، وأخذ يصطاد ويصطاد وينظر الي وكأنه يسألني " هائم أم مهموم"
أشحت بوجهي عنه مبتسم له ، وأخدت أنظر إلى البحر بعمق وكبر ، " ياللهي كلما زاد كبر البحر زاد عمقه ، وأسراره وخباياه وحكايا الناس، يااااااه كم شخص وقف هنا وأخبر البحر بأسراره ، كم قصة رويت لك أيها البحر ، كم دمعة خبأتها فيك ، والكثير الكثير من الآلام والأفراح
تحتضن بداخلك كالأم التي تحتضن أبناءها لكي تحميهم من الخطر .
وأنا غارق أتأمل البحر وأمواجه التي تتراطم على اليابسة وإذ أسمع صوت يقول لي "ما أجمل أن تكون مثل البحر لا أحد يعرف أسرارك" وقد كان الصياد ، نظرت له وقلت " بالتأكيد ثم قلت له ممازحا " لا تصطاد في الماء العكر"
شعرت وأنني أقدم النصيحة كما نصحني قد تكون مهما بالنسبة له من ناحية رزقه .
نظر الي وقال أتعلم معنى هذا المثل " هذا المثل (الإصطياد في الماء العَكِر)، أي تعكير الأجواء المائية لتخرج الأسماك للبحث عن الأوكسجين، فيتم صيدها، وتُطلق أيضا على مَن يصطاد الفرص المتعكِّرة، للوصول إلى وجهة نظره، وتدعيم رأيه ضد الآخرين.
قلت له أتقصد يا عمي الصياد " أن هناك الكثير ممن يجيدون الإصطياد في الماء العكر ، ويتقنون إثارة المشاكل المختلفة بمنتهى الصفاقة تلكم العقول الضيقة المنغلقة والرؤى المحدودة الذين يعمدون إلى التربص بالآخرين والإيقاع بهم في مأزق حرجة قاسية يصعب الخروج منها وذلك ليس إلا لإشباع غريزة الحقد والكراهية التي تتحكم بنفوسهم المريضة ومشاعرهم المشبعة بحب الأذى وغير ذلك .
فنظر إليه وكانت عيناه تملئان التمني وقال" ليتنا يا بني نتخلى عن عادة القدح والذم والغير وقذفهم من الإتهامات والأكاذيب الملفقة الباطلة ، ليت المفسدين الحاقدين يستيقظون من سباتهم وتصحوا إنسانيتهم ليلقوا بكل ما تكترث بهم صدروهم من المشاعر الإنسانية "
هناك من يصيد الأدباء بالجهل وهناك من يصيد المحترم بالتشويش عليه، كالشخص محترم ، أديب، خلوق ، مشهور، ... إلخ، يتحدث مع بعض الجهلة ، ويقول " أنت لا تفهم ، يقاطعه الجاهل ويصرخ بالفم المليان " اسمعوا إشهدوا هذا الذي كذا وكذا ، شتمني، وعندما نجلس معه ونعيب عليه ونقول له " ما الذي حصل ، كيف شتمته؟! ، تكون إجابته " لم يجعلني أكمل الموضوع قاطعني ، كنت أود أن ن أقول أنت لا تفهم علي ماأريد.
ما الذي يحدث بك أيها الواقع أنت لم تعرف أن تتعامل إلا بالسوء ظنك مع أناس أبرياء .
ذكرتني يا عمي الصياد بالقول الشاعر" ا تـصطـاد في المياة العكـرة خٌـبثا ً
فأنا لـست صيد سهل به تنعم ...
عـد لـرشـدك وعقـلك وادعـي صفاءاً
رغم أن الصفاء لا يسكن جوهر يُــرمم ..
"لنكن كالشمس التي تمشي في مستقر لها لا يوقفها إلا خالقها فمهما كثرت التعثرات لنعلم أنها المزيد من الحطب يحترق، والمتصيدون بالماء العكر نهايتهم الإحتراق بشعلة غيرتهم ونواياهم السيئة .
فنظر العم الصياد وقال أليسوا هم جاهلون ، قلت " بلى
قال " أتعلم ما هو العلاج ، قالت يا ليت ، قال قال تعالى ( وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)
صدق الله العظيم