17-03-2020 11:09 AM
بقلم : د. مدين جمال المحاسنة
تمر مملكتنا الحبيبة بظرف استثنائي وهو وباء فيروس كورونا وللاسف نجد اغلب المواطنين لا يلتزمون بالارشادات التي تقدمها السلطات لهم لا بل تجد تهاونا غير مبرر مع هذا الفيروس الذي تحاول دول كبرى مقاومته بشتى الوسائل والطرق.
ولذلك قد تحتاج الدولة بان تقوم بتفعيل تطبيق قانون الدفاع وهذا الامر بين مؤيد ومعارض فالمؤيد يرى الاستهتار الشديد من قبل بعض المواطنين مما يهدد حياة وسلامة الاخرين والمعارضون يرون ان في تطبيق هذا القانون انتهاك لحقوق وحريات المواطنين وهنا يثار التساؤل هل سلطات الادارة واعمالها اثناء تطبيق قانون الدفاع غير خاضعة لرقابة القضاء؟.
أود أن اشير بأن الاساس الدستوري لقانون الدفاع هو نص المادة 124 من الدستور الاردني والتي تنص على (اذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ فيصدر قانون باسم قانون الدفاع تعطى بموجبه الصلاحية الى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والاجراءات الضرورية بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتامين الدفاع عن الوطن ويكون قانون الدفاع نافذ المفعول عندما يعلن عن ذلك بارادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء)
وبناء على ذلك صدر قانون الدفاع لسنة 1992 والذي يتضمن في المادة الرابعة منه على (لرئيس الوزراء ممارسة الصلاحيات التالية ...وهنا نلاحظ أن النص اعطى رئيس الوزراء استعمال اي من هذه الصلاحيات الممنوحة له بموجب قانون الدفاع وليس جميعها وهذا حسب الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد وهنا الوباء الذي تمر به (فيروس كورونا )يستوجب بعض الامور التي يجب ان تطبق في قانون الدفاع مثل وضع قيود على حرية الاشخاص في الاجتماع والاقامة والتنقل والتأجيل بالوفاء بالالتزامات والديون المستحقة أو اخلاء بعض المناطق أو عزلها او منع التجول بها وبرأي المتواضع هذه النصوص التي نحتاجها من قانون الدفاع وفي ظل هذا الظرف.
ان قرار الادارة (السلطة التنفيذية ) باللجوء لتطبيق قانون الدفاع هو قرار لا يخضع لرقابة القضاء الاداري وهذا ما اكدته احكام المحكمة الادارية (العدل العليا سابقا) حيث اشارت في حكمها رقم 43 لعام 1952 (بان لرئيس الوزراء مطلق الخيار في تقدير الاحوال والظروف التي تتطلب القيام بالافعال المنصوص عليها في انظمة الدفاع لتأمين السلامة العامة أو الدفاع عن المملكة وليس من حق محكمة العدل العليا أن تتعرض لهذا التقدير)ومن خلال هذا الحكم ان قرار اللجوء لتطبيق قانون الدفاع لا يخضع لرقابة القضاء الاداري كون عمل من اعمال السيادة وهذا يخالف موقف القضاء الفرنسي الذي يخضع قرار الادارة باللجوء الى تطبيق الاحكام العرفية لرقابته كونه قرار اداري.
أما الرقابة على الاعمال التي تقوم بها الادارة اثناء تطبيق قانون الدفاع ذهبت المحكمة الادارية (العدل العليا سابقا) الى خضوع اعمال الادارة والتي تقوم بها اثناء الظرف الاستثنائي لرقابتها وهذا دليل على أن مبدأ المشروعية لا يختفي في ظل الظروف الاستثنائية وانما يتوسع لحماية الدولة وافرادها وهذا ما اشارت اليه المحكمة الادارية (العدل العليا سابقا) حيث جاء في قرار رقم 168/1985 (ان الفقه والقضاء استقرا على ان اعمال السيادة هي تلك الاعمال التي تصدر عن الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة ادارية تباشرها بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم علاقاتها بالسلطات العامة الاخرى .....أما القرارات التي تصدر عنها تطبيقا للقوانين والانظمة وتعليمات الادارة العرفية وتقييدا للمصالح الجارية للجمهور فهو عمل اداري وليس من اعمال السيادة وبالتالي يجوز الطعن بهذه القرارات أمام محكمة العدل العليا) بناء على ما تقدم فان الادارة عندما تقوم باعمالها في حال تطبيق قانون الدفاع لا تكون خارجة عن الرقابة القضائية بل يجوز لكل متضرر اللجوء للقضاء الحامي الاول للحقوق والحريات وهذا يبعث على عدم الخوف من تطبيق قانون الدفاع وخاصة انه سوف يكون لمدة محددة لمواجهة ظرف خطير يهدد حياة الافراد فلا مبرر لهذا الخوف.
وتجب الاشارة الى ان قانون الدفاع اجاز في المادةالتاسعة منه أنه لكل من كلف باي عمل او اداء اي خدمة او تقديم اي مال ولكل من تم الاستيلاء على ماله او وضع اليد عليه او نقله او اتلافه ولكل من اتخذ بحقه اي اجراء بموجب هذا القانون او اي امر او تكليف صادر بمقتضاه الحق بالتعويض ولرئيس الوزراء ان يحدد مقدار التعويض وان يقرر تاديته عن اي مال او عمل او اجراء خلال مدة لا تتجاوز ستين يوماً من تقديم الطلب بالتعويض على ان يكون للمتضرر في حال عدم موافقته على القيمة المقررة للتعويض الحق باقامة الدعوى لدى المحكمة المختصة للمطالبة بالتعويض العادل المترتب له وفقاً لاحكام القوانين النافذة المفعول، واذا لم يرى المتضرر ان التعويض المقدم غير عادل لحه الحق باللجوء للقضاء للمطالبة بالتعويض المناسب.
وفي النهاية ان تفعيل تطبيق قانون الدفاع وبرأي المتواضع وسيلة فاعلة لمواجهة هذا الظرف الاستثنائي ولمواجهة بعض السلوكيات السلبية التي تمارس والتي قد تؤدي الى سرعة انتشار الفيروس بشكل كبير ولن يكون هناك استعمال سلبي لهذا القانون كونه لأي متضرر من اي تجاوز من قبل الادارة عند تطبيق هذا القانون الحق باللجوء للقضاء . .