17-03-2020 12:03 PM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
الناس على هذه البصيرة لعبوا في الطبيعة والبيئة التي أرسى الله فيها سبحانه وتعالى معادلات وتوازنات ومقادير موزونة بدقة عالية, ثم جعل الله سبحانه وتعالى في هذه الطبيعة الشمس لتعقم, والشتاء ليغسل, والرياح لتكنس, والارض لتدفن.., هذا اللعب من قبل الناس في عناصر الطبيعة والبيئة جعل الناس يتلقوا كثير من الامراض والاوبئة في قادم الايام, قال تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون).
أعلن رئيس جامعة اليرموك زيدان كفافي يوم الأحد الموافق 15/3/ 2020م تشكيل لجنة لدراسة إمكانية إيجاد لقاح وقائي لفيروس كورونا, وطالب كفافي اللجنة بتزويده بكافة التوصيات فوراً ووضع تحت إمرتها كافة إمكانية الجامعة, وقد تألفت اللجنة المشكلة من وسام شحادة رئيساً, وعضوية كل من: ميرفت الصوص, زين العابدين عبد لله, وليد المومني, سهم غرايبة, علاء الجبالي, خالد القاعود, ..مع حفظ الألقاب لكل منهما, فكل واحد من هؤلاء يشكل بحد ذاته قامة وقيمة عالية في نظر الجميع.
المفارقة الغريبة ان العالم كله يتطلع اليوم قبل الغد الى أطباء الولايات المتحدة الامريكية فقط في ايجاد علاج لفيروس كورونا, وكأن العالم كله لا يوجد فيه اطباء إِلَّا الولايات المتحدة الامريكية, مع اننا هنا لا ننكر قدرة أطباء الولايات المتحدة الامريكية والامكانات المتاحة لهم في التوصل الى كثير من اللقاحات والعلاجات لكثير من الامراض والاوبئة المنتشرة في العقود الماضية, إِلَّا ان جميع القارات في هذا العالم فيها ايضا أطباء ربما يكونوا على درجة من الابداع والمهارة والتي لا تقل عن درجة الابداع والمهارة للأطباء في الولايات المتحدة الامريكية.
مجرد تشكيل اللجنة التي اوعز لها رئيس جامعة اليرموك الدكتور زيدان كفافي لدراسة إمكانية إيجاد لقاح وقائي لفيروس كورونا, ثم الطلب منها تزويده بكافة التوصيات فوراً, ثم وضع كافة إمكانية الجامعة تحت إمرتها, فان الامر يستحق ان نتوقف عنده جميعا وان نوجه تحية احترام وتقدير لشخص الدكتور زيدان كفافي ولكافة فريق اللجنة ممثلة برئيسها وجميع أعضاءها الكرام.
بكل صراحة كل جامعة وكل معهد وكل مركز طبي في هذا العالم معني بدراسة إمكانية إيجاد لقاح وقائي لفيروس كورونا, وعلى هذه المؤسسات الطبية في جميع انحاء العالم ان تفتح ابواب مختبراتها الطبية امام الاطباء فيها وان تضع بين ايديهم كافة الامكانات وكافة التسهيلات المتاحة لكي يحققوا انجازات طبية متقدمة لمكافحة فيروس كورونا ولمكافحة جميع الامراض والاوبئة التي ينتظرها العالم اليوم او التي قد تأتي في قادم الايام, وكما نعلم ان إماطة الاذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان, فان إماطة فيروس كورونا عن الطريق شعبة كبيرة من شعب الإيمان كون هذا الفيروس اذى, وقد يصل إماطة هذا الفيروس الى الصدقة الجارية والله اعلم.
انا كغيري افهم ان الطبيب الناجح ليس فقط معالج من خلال السماعات التي يضعها على رقبته, والطبيب الناجح ليس فقط محاضر من خلال لبس المريول الابيض ومسك الطباشير, انا افهم ان الطبيب الناجح هو ايضا من يجلس لساعات وساعات في المختبرات الطبية يتفحص العينات.. ويجّرب العقاقير.. ويعيد التجارب والنتائج.. ليتوصل الى نتائج طبية هامة, وأفهم ايضا ان الطبيب الناجح هو ايضا من يضيف لبنة جديدة للصرح الطبي, كيف لا وكلما تقدمت البشرية واخذت شيء من الحداثة والمعاصرة والتطور كلما غزتنا وهاجمتنا امراض وأوبئة جديدة لا يعرف عقباها إِلَّا الله سبحانه وتعالى.
ثم ينبغي في هذا السياق ان نفكر جدّيا في قادم الايام في بناء مستشفيات ومراكز خاصة بالحجر الصحي, لان وضع الاشخاص المحجور عليهم صحّيا في ضوء فيروس كورونا وغيرها من الفيروسات في مستشفيات عامة قد يخالف متطلبات الحجر الصحي, فالحجر الصحي يتطلب خدمات طبية من اطباء وتمريض ورعاية ومرافق صحية وأكل وشرب معين ربما يختلف عما هو عليه في المستشفيات العامة, واكثر من ذلك يتطلب (فرق رصد طبية) خاصة بالحجر الصحي من اجل جمع ورصد البيانات من مثل: مع من جلس المريض, ومع من تحدث, ومع من تعامل..الى غير ذلك من جمع ورصد بيانات طبية خاصة بالحجر الصحي نحتاج اليها للحد من انتشار المرض او الوباء.
لأطباء جامعة اليرموك كل التوفيق, وعلينا ان نشجعهم وان نأخذ بأيديهم وعلينا ان نتركهم يعملوا دون همز ولمز, ومن يقلل من اهمية ابحاثهم فهو احمق وتافه ومعيق للعمل بمعنى الكلمة, قال الشاعر العربي ابو الطيب المتنبي (لكل داء دواء يستطبّ به إلا الحماقة أعيت من يداويها)، وحماقة اليوم هي جلد الذات والتقليل من اهمية ابحاث الاطباء, ومن علامات الحماقة التي أعيت من يداويها، الحديث هذه الأيام عن ظهور(الرويبضيين) المعيقين للعمل بيننا, ..عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة.
علينا ان نحترم ابحاث ودراسات اطباءنا اصحاب الاختصاص في جامعاتنا الحكومية والخاصة, وان نترك التافهين من امتنا الذين يتكلمون عن فيروس كورونا وهم غير مدركين وغير متعلمين دبلوم كحد اعلى بعد الثانوية العامة وغير متخصصين في الطب وغير مثقفين به وبغيره من العلوم.., حيث جاء وصفهم بـالحماقة (الرويبضيين), وعلينا الالتزام جميعا بجميع التعليمات والارشادات الصادرة عن الاطباء المختصين وعن وزارة الصحة, فتجاهل أي فرد لأي تعليمات او اية ارشادات صادرة عن وزارة الصحة حول فيروس كورونا المستجد خطأ قاتل.
نعم, لكل داء دواء يستطبّ به إلا (الحماقة) أعيت من يداويها..