18-03-2020 02:24 PM
بقلم : أحلام الخصبة
فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْأَوَّل مِنْ دِيسَمْبِر وَبَعْد ضَبْط مُنَبِّه الرَّحْمَة اسْتَيْقَظَت بِكُلّ وَجَفّ مَنْ حَلِمَ مُرَوِّع بَات يُحْبَس انفاسي لطالما بُذِلَت قُصَارَى توهجي كَي الْتَقَطَهَا مِن مُتَن أُكْسِجِين الْفَرَح الْمُتَطَايِر فِي سَمَاءِ الْوُدّ ، أَخَذَت يَدَاي تَرْتَعِش مِنْ وَهَلْ الْمَنْظَر ف لَم اعْتَدّ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الرُّؤْيَةُ مِنْ قِبَلِ ، أَطْفَال جِيَاعٌ فِي صَحارِي الشِّتَاء القارص ، وَنِسَاءٌ تَنْسِل مِنْ صُوفٍ الخِرَاف مطرزات شَتْوِيَّة لِتَدْفِئَة عِظَامَهُم ، و يحركون الْمَاء بحليب الْمَاعِز مِن عابرٌ كَرِيمٌ ، لَا يَمْلِكُونَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ ، يهتفون بِعِبَارَات الْحَمْدِ حَتَّى تَكَادَ تَرَى سعابيلهم مِن عُمْق الرَّجَاء تتدفق مِن مجارى أَفْوَاهِهِم بعبرات منهمرة عَلَى وجوهم النحيلة ، قَدْ سَرَقَ الْفَقْر جَلّ سعادتهم مِن جيوبهم المنمقة بِطِرَاز الْأَمَل الْمَحْرُوق ، أَجْسَادُهُم ك غُصُون الْأَشْجَار الْجَافَّة، وبَقَايَا جُلُودُهُم مُلْتَصِقَة بعظامهم هَذَا مَا يُوحِي بِكُلّ لُغَات الحُزْنُ عَن جُوعَهُم الْمُتَمَرِّد عَلَى بُطُونِهِم. إنْ حَلَّ فِي أَرْضِهِمْ زَرَع قلموه وطهوه عَلَى نَارٍ الصَّبْر وَقَدَّمُوه بِإِطْبَاق الْقَنَاعَة وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ ف عَزّة أَنْفُسِهِم أَبْلَغُ مِنْ أَنَّ يَمُدُّوا أَيْدِيهِم لِمَالِكِيّ الْكُنُوز الدُّفَيْنَة فِي أَرَاضِي الطَّمَع ، يقطنون فالخيام ممزقة الْأَطْرَاف ف تَرَى مِيَاه الْأَمْطَار تَسْقُطُ عَلَى رُؤوسِهِمْ بصخب حَزِينٌ ، وَأَنِين قُلُوبِهِم تُسْمَعَ مِنْ ذُبول ملامحهم المطموسة بِحِبْر السُعار ، شَعُوب جِيَاعٌ عَلَى بُقْعَة أَرْض مَنْسِيِّهِ فِي صحارى الْوَهْن ، الْفَقْر أَشْبَه بِـ جَمْرَةَ فِي أَيْدِي الرَّاجِين سَعَادَة وعزُ كَبَاقِي الاُناسَ ، لَم أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَمَالَك قِطْعَةِ اللَّحْمِ فِي أَيْسَر صَدْرِي أَصْبَحْت نِيرَان الشَّجَن تَشْتَعِل وَكَأَنَّهَا حَفْلَةٌ شِوَاء أَنَا مِمَّنْ يُفَتَّت كَلِمَات الرَّحْمَة لتطعم طُيُور الْحَيَارَى فِي بَحْثِهِمْ عَنْ مَدْلُولَات السَّعَادَة ف كَيْف لِي أَنْ أَرَى بعينيّ البريئات ك هَذِه التراجيديا حَتَّى، الْمَحَارِيب تَرَاهَا تَبْكِي وَهِي جَامِدَة ، تَمَنَّيْت فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ البائسة أَن عَيْنَاي لَم تغفو وَجَلَسَت اُحاكي السَّمَاءِ فِي لَيَالِي دِيسَمْبِر الْمَاطِرَة عَنْ سَبَبِ بُكَائِهَا ، أما عَنْ نَفْسِي فتآكلت مَتَانَة قَلْبِي الْقَوِيَّة وَتَرَنَّم الْحُزْنَ عَلَى إيقَاعِ أَيَّامِي ، تِلْك لَيْلَتَي الْمَاضِيَةَ مِنْ ذَلِكَ حِلْمِي الْخَائِب شَعَرْت بِضَوْء فِي سُوَيْدَاءِ قَلْبِي يَعْزِم أَنْ يَنْفُذَ ويتهاوى بِي إلَى شيئاً مِنْ عَدَمِ طُمَأْنِينَةِ . . ماسرني هَذَا وَلَكِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَعِشْ ذَلِكَ وَاقِعًا ف لَكُم جَلّ الدُّعَاء الْمُصَفَّى بِطِيبَة الْوُدّ، لَكُم اللَّه . . فُقَرَاءَ فِي شِتَاءٍ دِيسَمْبِر .