24-03-2020 01:55 PM
بقلم : هبة احمد الحجاج
في ليلةٍ وضحاها ، انقلبَ كلُ شيء رأسًا على عقب ، قد تتسألون كيف ؟! ولماذا ؟! متى حصل ذلك ؟! قد تجوب في أذهانكم الكثير الكثير من التساؤلات وقد يكون أهمها ، وضحِ لنا أكثر ؟!
حسنًا سأروي لكم القصة .
كنا نستيقظُ كل يوم والحمد الله بصحةٍ وعافيةٍ ، للذهابِ إلى عَملنا اليومي الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا التي لا تكتمل إلا به، ولا أُخفِيكم كنّا نتضجرُ من هذا الروتين، وبعضنا أطلق عليه " الروتينُ القَاتل " ، كُنا نَخرجُ من بُيوتِنا ونَستمتعُ بالطقسِ سوءًا كان ماطرًا أم مشمسًا، وأيضًا لا أخفيكم أن هُنالِك أشخاص " كانوا يَتَذمرون أيضًا من أحوالِ الطقس، مثلاً " الطقسُ الماطرُ لا أُحِبه لأنهُ يُبَلِلُني ، والطقس المشمسُ أيضاً لا أحبه أشعر بأن الشمسَ تقفُ أعلى رأسي" .
كان الطفلُ الصغيرُ الذي يركبُ بجانبِ أبيهِ في السيارة ، يَتَذمرُ ويقولُ في نفسهِ "من الذي اخترع المدرسة ، ياااه كم أنه شخصٌ يُحِبُ أن يُتعب نفسه ، وأبيه على جانبه الآخر يتذمرُ ويتضجرُ يَشّتكي من ازدحامِ الشوراع " أكُلَ يومٍ يجبُ أن أعيش هذه الظاهرة؟ يا لها من ظاهرةٍ مشؤومة ".
كنا نذهبُ إلى المقاهي والمطاعم كي نرفهَ عن أنفسنا من " الروتين القاتل" وعندما يَسألُنا الآخرين، حدثني عن آخر أخبارك؟ " أخباري على حالها لا جديد يذكرُ ولا قديمٌ يعاد، بنطلع من الصبح على هالشغل وبنرجع نتغدى وبنسهر وبعدين بنحط راسنا وبنام " وهكذا مع ضحكةٍ سخيفة .
وفجأةً من دون إنذار ، دقَ ناقوسُ الكورونا ، وكأنها غيمةٌ سوداء خيمت على البلده، لا بل ليس على البلده بل العالم بأسره .
قد تسألني ما هو الكورونا؟ ولماذا وصفتيها بالغيمة السوداء؟
" مرض فيروس كورونا (كوفيد-19) هو مرض معدٍ يسببه فيروس جديد لم يُكتشف في البشر من قبل.
ويُسبب الفيروس مرض الجهاز التنفسي (مثل الأنفلونزا) المصحوب بأعراض مثل السعال والحمى، كما يسبب الالتهاب الرئوي في الحالات الأشد وخامة. ويمكنكَ حمايةُ نفسك بالمواظبةِ على غسل اليدين وتحاشي لمس الوجه".
والآن ننتقل إلى السؤالِ الآخر ، كيف أنها غيمةٌ سوداء،
بسببِ هذا الفيروسِ اللعين ،انقلبت حياتُنا رأساً على عقب منذ انتشار كورونا (كوفيد-19) حول العالم.
أدى إلى إغلاق المطارات، والخطوط الجوية، والسكك الحديدية تُقطع، والمدارس والجامعات تُقفل أبوابها، والشركات تَوقفت ... إلخ.
فَرضت بعضُ الدول حظرَ التجول الإجباري، وأصبحنا حبيسي المنازل، لحماية أنفسنا والمجتمع، والعالم رفعَ الشعار ولوح فيه في الأفقِ عاليًا " خليك بالبيت لتكن في مأمن من غدر الكورونا " .
قد تتَساءل ، مالذي حصل بكم ؟ كيف ذلك ؟!
في الآية الكريمة يقول الله عز وجل " وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18)"
هنا يُنبهنا الله عز وجل إلى كثرة نعمه علينا، وإحسانه إلينا، يتجاوز عنكم ، ولو طالبكم بشكر جميع نعمه لعجزتم عن القيام بذلك ، ولو أمركم به لضعفتم وتركتم ، ولو عذبكم لعذبكم وهو غير ظالم لكم ، ولكنه غفورٌ رحيم ، يغفرُ الكثير ، ويجازي على اليسير.
كان الازدحامُ المروري اليومي نعمة ونحن نتضجر منه، والآن نقول " عد أيها الازدحام ولن نشتكي ازدحامك" .
كان عملنا المعتاد الذي دائما ما نطلق عليه " الروتين القاتل" نعمة يحسدنا عليها الكثير ، طالب المدرسة يبكي على مدرسته ويتأسف على تذمره ويقول : الذي اخترع المدرسة " أفضلُ إنسان في العالم" .
وقد تُقاطعنا متسائلاً : حسنًا حسنًا ، كيف تقضوا أوقاتكم في الحجر المنزلي؟
نتبعُ سنةَ رسولنا الكريم ، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال قلتُ يا رسول الله ما النجاة؟ قال صلى الله عليه وسلم (أمسـك عليكَ لسانكَ وليَســعْـكَ بَـيـتـُـك وابـكِ على خطــيـئـتـكَ) رواه أبو عيسى الترمذي في سننه وقال هذا حديث حسن.
وشرح الحديث : أي: كُفَّ لِسانَك واحْبِسْه واحْفَظْه عن قولِ كلِّ شرٍّ، ولا تَنطِقْ إلَّا بخيرٍ، لِيَكُنْ في بيتِك سَعَتُك والْزَمْ بيتَك لِتَعبُدَ اللهَ في الخَلَواتِ، واشتَغِلْ بطاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، واعتَزِلْ في بَيتِك عن الفِتَنِ، واندَمْ على ما ارتكَبتَ مِن ذنوبٍ، وابكِ بكاءً حقيقيًّا؛ تصديقًا لتوبتِك وإنابتِك، ثمَّ اشتَغِلْ بإصلاحِ نفسِك وتَهذيبِها.
وفي الحديثِ: بيانُ أسبابِ النَّجاةِ والفلاحِ في الدُّنيا والآخرةِ.
ومكافحة جميع الأوبئة والأمراض.
وها قد أتى رمضان ولم يتبقى سوى أسابيع معدودة ، وتُنير فوانيسُ شهر رمضان ظلمة الكورونا .
ويُصبح مرض الكورونا قصة يتحاكى بها العالم لأحفادهم .
وتذكروا قول رسول الله صلى عليه وسلم
صحيح مسلم عن أبي موسى، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا بعث أحدًا من أصحابه في بعض أمره، قال: «بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا».