24-03-2020 02:31 PM
بقلم : الدكتور محمد علي صالح الرحاحله
rahahlehm@yahoo.com
لا جدال اننا في الاردن والعالم نواجه حربا شرشة مع الكورونا فهي حرب بمفهوم الحرب ولكن ليست حربا نظامية بل هي حرب كما هي حرب العصابات فنحن لا نعرف في اي مكان او زمان يظهر هذا العدو الشرش فيهاجم الانسان اغلى ما نملك، ومع انه فيروس غير مميت اذا ان نسبة الوفيات من اجمالي المصابين حوالى 4% وان هذه النسبة من الحالات المغلقة اي من مجموع الوفيات والمتعافين حوالي 12% الا ان سرعة الانتشار في دول كثيرة خصوصا الاوروبية منها فقدت السيطرة على الفايروس ومع ذلك نجد دول كما في الصين سيطرت على الفايروس وكانت نسبة الشفاء فيها تصل الى 90% من الاصابات و95% من الحالات المغلقة بعض الدول التي لم يحدث بها اي اصابات جديدة هذا اليوم حسب احصائيات ((worldometers.info وفي اطار هذه الحرب فقد اتخذت الحكومة سلسلة من الاجراءات التي من شانها محاصرة الفايروس والقضاء عليه واعلان الاردن كدولة نظيفة من الفايروس.
ومع هذه الاجراءات فلنعلم جميعا ان ليس كل الاردنيين موظفين حكوميين لهم رواتب شهرية مضمونة لا بل ان هنالك طبقة وشريحة كبيرة من الاردنيين الذين يحصلون على قولتهم اليومي يوما بيوم كما هو في حال العمال وسائقي سيارات الاجرة والباصات وغيرها من وسائل النقل وصغار الباعة والمهنيين سواء اكانوا مالكين لمصالحهم او عاملين فيها وكذلك المزراعيين ومربي الثروة الحيوانية وبالتالي فانهم لن ولا يمكنهم الحصول على المواد الغذائية والاساسية سواء اكانت موجودة في الاسواق او دليفري، لا بل ان بعضهم يعتقد ان الدلفيري نوع من الوجبات الغذائية. اذا لا يتوفر لديها المال لشراء المياشر فكيف تقدر على دفع اجرة الدلفيري. وهذه الطبقة عند عدم عملها فانها بلاشك تفقد مصدر رزقها من ناحية ومن ناحية اخرى لا يوجد لديها مدخرات في البنوك لا بل عليها التزامات كثبرة مثل ايجارات المساكن التي يسكونوها والمحلات التجارية اوالقروض وغيرها من الالتزامات. كما ان هنالك فئات من المجتمع الاردني تسكن في اماكن بعيدة في الشيعاب الوديان مع اغنامها لا ولن يمكن لدلفيري ان يصل اليها او حتى يعرفها.
ان المجتمع القوي هو المجتمع المتكامل الذي يسعى بذمتهم ادناهم هو القادر على مواجهة الصعاب و الانتصار عليها لذا فمن الواجب علينا النظر لهذه الطبقة والشريحة وعلى الحكومة تحديدا ان تاخذ بعين الاعتبار ان تتخذ اجراءات وباوامر دفاع المحافظة عليها وعدم تحويلها الى طبقة مسحوقة اكثر مما هي مسحوقة سلسلة من الاجراءات و ان تكون في مركز القرارات الحكومية، فهذه الطبقة اهم طبقة في المجتمع الاردني وهي في امس الحاجة الى ان تنظر اليها الحكومة وتاخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات، وهنا اقتراح ما يلي:
اولا: ان يصرف الضمان الاجتماعي لمن هم ضمن مضلته من خلال التامين الاختياري او في المؤسسات الفردية او الصغيرة بدل تعطل عن الفترة التي يمنع فيها التجول لان التعطيل هو خارج عن ارادتهم وارادة المشغلين لهم خاصة ان المؤسسات الصغيرة ليس لها ايرادات خلال هذه الفترة لتغطية رواتب من يعمل لديها نظرا لتوقف اعمالها.
ثانيا: ان يصار الى انشاء صندوق تكافل خاص يتم التبرع له من قبل المؤسسات الكبيرة وتحت بند المسؤولية الاجتماعية وتحويل نسبة معينة من عائدات ضريبة الدخل و المبيعات لتعويض من هم لا يقعون تحت مضلة الضمان الاجتماعي عن فترة التعطل وبمقدار الحد الادنى من الاجور المعمول به حاليا.
ثالثا: ان تتعاون البنوك و الصندوق وغيرها من المؤسسات الاقراضية بمنع قرض بدون فائدة يسدد على عدة اشهر بحيث لا يتجاوز القرض ثلاثماية دينار او حسب فترة التعطل وضمن شروط معينة تحددها الحكومة.
رابعا: على الرغم من ان البنك المركزي الاردني، سمح للبنوك بإعادة هيكلة قروض الأفراد والشركات ولاسيما المتوسطة والصغيرة المتأثرة بتداعيات السلبية لفيروس كوفيد 19. الا انه وفي العادة فان البنوك لا تستجيب لقرارات البنك المركزي في مثل هذه الحالات وعند طلبه تاجيل او اعادة هيكلة القروض او انها تتقاضي مبالغ من المقترض لاجراء ذلك. واعتقد ان بنك واحد استجاب وارسل لعملائه رسالة يقول فيها انه قرر تاجيل الاقساط لمدة ثلاث اشهر استجابة لقرار البنك المركزي المشار اليه اعلاه, وعليه يجب ان يكون هذا القرار الزاميا لكافة البنوك العاملة في الاردن بتاجيل كافة القروض لمدة ثلاث اشهر على الاقل.
خامسا: ان تمنح شركات الانترنت جميع الطلبة في الاردن وفي كافة المراحل الدراسية حزم انترنت مجانية لغايات الدخول الى التعليم عن بعد وطيلة فترة التعطل او انها لا تخصم فترات استعمال الانترنت لغايات الدروس من رصيد الانترنت.
سادسا: وفي نفس السياق السابق وانطلاقا من مسؤوليتها الاجتماعية فانه يجب على شركات الاتصالات عدم فصل الخطوط الهاتفية مهما كانت الاسباب وتمديد فترة صلاحية تلقي الاتصالات وارسالها نظرا لاهمية عنصر الاتصال في هذه الفترة.
سابعا: ان تقوم القوات المسلحة والاجهزة الامنية بتوصيل المواد الغذائية الى الاشخاص اللذين يقطنون في اماكن بعيدة في الوديان اومناطق البادية خاصة مربي المواشي او اللذين يعشون في المزارع المتباعدة.
واخيرا اننا في الاردن قد عبرنا ازمات وحروب كثيرة واننا ذاك المجتمع المتعاون المتكاتف نستمد تعاطفنا وتكاتفنا من قيادتنا الهاشمية التي تسهر على الشعب واعتقد ان الحكومة تضع نصب عينيها الطبقة المهمشة والاكثر تضررا من حربنا مع الكورونا حمى الله الاردن.