29-03-2020 03:35 PM
بقلم : ريم مطارنة
مما لا شك فيه اننا قد دخلنا المرحلة الثانية لإنتشار مرض كورونا المستجد ونقف على أعتاب المرحلة الثالثة التي ستقررها فحوص مختبرات الأوبئة الأردنية في الأيام القليلة القادمة.
لقد شهد الأردن ومنذ بداية تعامله مع أزمة كورونا العديد من الإرباكات التي كان مصدرها آلية تنفيذ القرارات الرشيدة وسلوك المستهلك الأردني. فمنذ حظر التجول، شهدنا سلوكيات المخالطة القسرية التي أجبر عليها الكثير من المواطنين نتيجة استخفاف الشريحة الأخرى أثناء تواجدهم في مختلف مراكز التسوق والتي كانت ابرز مشاهدها في المخابز. ومن جهة أخرى، تأخرت فرق تقصي الأوبئة في محافظة اربد عن فحص المخالطين لعرس اربد مما أتاح فرص لا بأس فيها في انتشار المرض. وبالنظر لمعدل انتشار المرض المرجح بحسب الدراسات الصينية فان شخص مصاب قادر على نقل العدوى لما يقل عن 120 شخص في اليوم الواحد في حال عدم وجود ضوابط لتقييد حركته بينما يتوقع على الأقل ان ينقله الى 10 في حال التزم الحجر المنزلي. وعليه وبحساب تقريبي لمتوقع الإصابات في اربد جراء العرس فحسب يتوقع ان ينتشر المرض لما يفوق 6250 شخص. وقس على ذلك بؤر الإصابات الأخرى التي لا تزال قيد الدراسة والفحص والعزل. وبأقل تقدير يتوقع ان يتضاعف عدد المصابين الى 735 في الأسبوعين القادمين سينجم عنه على أقل تقدير 7 وفيات بحسب اقل تقدير لمعامل الوفيات المسجل عالمياً وهو 1%.
وبالإشارة الى ما سبق يتوقع ان تدخل المملكة في المرحلة الثالثة في الأسبوع الأول من شهر ابريل وعندها ستقف المملكة امام سيناريويهن متوقعين:
السيناريو الأول:
أن تتسارع عجلة انتشار المرض في حال وجود إصابات لم يتسنى للمنظومة الصحية حصرها مما سيفاجئ الطواقم الطبية بأعداد لم يتوقع أن يتم رصدها والتعامل معها. وهو السيناريو الأرجح اذ ان آليات فحص المخالطين تعتمد بحسب كوادر الصحة على الإبلاغ الذاتي عند ارتفاع حرارة المريض فحسب. الأمر الذي سيغيب عن المشهد عددا من المصابين وخصوصا الشباب الذين قاوموا المرض ونقلوه دونما ان يجرى عليهم أي اجراء طبي يذكر. وفي حال غياب تطبيقات فاعلة تحصر وتفرز المشتبه بهم مثل تلك التي استخدمتها كل من الصين وكوريا فان النتيجة تعني ارتفاع وتيرة الانتشار لتطال على الأقل 9375 شخص في حال تمت إجراءات تقييد الحركة على حالها. وهذا يعني ان الحكومة ستضطر الى توفير ما لا يقل عن 1875 سرير لذوي الحالات الحرجة والصعبة. هذا ويتوقع ان يسيطر الهلع على المواطن الأردني وأن يستشعر الخطر الحقيقي مما سيدفعه الى الالتزام الأعمق بالحجر المنزلي خصوصا وان المملكة في هذا الوضع ستشهد ما لا يقل عن 1300 حالة وفاة بحسب التوزيع العمري للمملكة وباعتماد اقل معدل للوفيات المعتمد في منظمة الصحة العالمية.
استراتيجيات للتغلب على هذه المرحلة وتقليل معدل الخطر:
1. تفعيل برامج محوسبة تعمل على الجوالات ونشر ثقافة الإبلاغ الذاتي خصوصا للمخالطين الذين تأكدوا من إيجابية مخالطيهم حيث يجري الفرز الالي عبر وضع علامات محددة ترفع أهمية الحالة وتمييزها عن الاخرين الذين يقومون بالابلاغ لاشتباههم باعراض المرض.
2. تخصيص مستشفيات بحسب كل محافظة تقدم خدماتها للسليمين لمنع اختلاط الطواقم الطبية التي لربما قد تكون حاملة للمرض كما حدث في حالة الممرضة.
3. تكثيف برامج الاستقصاء الطبي وتوسيع شريحة الفحص المبكر خصوصا للمناطق التي تم فرزها على انها بؤر للمرض.
4. فتح مراكز الكترونية لجمع المتطوعين من الأطباء وممن يعمل في المجال الطبي او التمريضي وبناء قاعدة بيانات جاهزة لاستخدامها في حال تصاعدت وتيرة الازمة.
5. ترك منافذ التسويق والحصول على السلع الأساسية مفتوحة 24 ساعة ومنع وجود بؤر اكتظاظ لدى مناطق عدة.
6. عزل مناطق متعددة ضمن نفس المحافظة كاجراء استباقي لمنع تفاقم انتشار المرض مثل عزل عمان الغربية عن الجنوبية وقس عليه في مناطق أخرى نظرا لاختلاف درجة وعي وإلتزام المواطن بالحجر المنزلي.
وفي حال التزام الحكومة بتقييد الحركة وتفعيل حزمها الحالية فيتوقع بحلول أيار انتهاء الأزمة بأقل الخسائر البشرية والمادية على حد سواء.
السيناريو الثاني:
السيناريو الثاني وهو الأسوأ في حال رفعت بعض ضوابط تقييد الحركة وتحرير الأعمال التجارية والمصانع للتقليل من أثر الركود الاقتصادي. وفي حال غياب الإبلاغ عن المرضى المخالطين وغياب اليات تفعيل السلامة العامة بين شرائح المجتمع المختلفة وتعقيم المملكة على نحو ممنهج ومستدام. يتوقع ان ينتشر المرض على أقل تقدير الى 40 الف إصابة من بينهم 8 الاف إصابة تصارع لأجل الحياة و 800 وفاة متوقع حدوثها خلال شهر نيسان واوائل شهر أيار.
ومن الجدير بالذكر ان الحكومة كان لها دور رئيس في احتواء المرض لغاية اليوم هذا ولازالت تبذل جهود حثيثة واستباقية لا يمكن للمواطن الأردني ان يقف امامها الا وقفة الاجلال والاحترام وما يتبقى على المواطن الأردني هو تفعيل اسمى معاني المشاركة المجتمعية والمواطنة الصالحة. إن أي دعم حكومي واي منظومة صحية لا يمكن لها العمل بنجاح دون أن يضمن افراد مجتمعها المحلي التزامهم الحقيقي بتوصياتها التي تبثها على نحو واسع ومتواصل. خطورة الازمة الحالية يفرض علينا أن نكون على قدر عالي من المسؤولية، وحمى الله ديارك يا أردن.