29-03-2020 03:36 PM
بقلم : أحلام الخصبة
مُدَّت أَشِعَّةِ الشَّمْسِ خُيوطِها الذَّهَبِيَّة لتداعب الواحات وَالْقُرَى وَالْأَزِقَّة الْمُتَشَعِّبَة بِحَرَارَتِهَا الَّتِي لَن تَصِل حَدّ الالْتِهَاب بَل الدِّفْء الَّذِي يرنو إلَيْهِ أَهْلُ الْقَرْيَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ مِنْ الْعَامِّ ل يَخْرُجُوا نُزْهَة برفقة عائلاتهم للأراضي الَّتِي ترتدي وشاحها الْأَخْضَر بسهولها الَّتِي تتدفق مِنْهَا الْمِيَاه الْعَذْبَة وَالسَّمَاء المنمقة بِأَلْوان الْبَهْجَة الَّتِي تَعُمُّ فِي أَرْجَاءِ البِلادِ كُلّ رَبِيع . . !
وَالْأَطْفَال الَّذِين تَبْرُق اساريرهم مِن عُمْق البِشر لِاسْتِقْبَال الرَّبِيع بملابسهم المهلهلة وَكَأَنَّهُم للتو خَرَجُوا مِنْ كُهوفٌ مُظْلِمَة بِسَبَب بُرُود الشِّتَاء القارص فَكُلَّمَا همّوا لِلْخُرُوج مَع أَعْقَابِهِم لِلَّعِب تقابلهم أُمَّهَاتُهُم بِوُجُوه مكفهرة وَيَتَكَلَّمُونَ فِي حَنَق لِئَلَّا يُصِيبَ احداهم مَرَض ألْحَمَه وَالزُّكَام الْمَعْدِي فيرددون الْمُوَافَقَةُ فِي وُجُوم مِنْ قُلُوبِهِمْ الَّتِي تَسَلَّل إلَيْهَا الجَأْش . . !
تَهُبّ نسائم الْأَصِيل الطَّلْق فِي الباحات وَالطُّرُق فَلَا حَاجَةَ لِجَلْبِ الْمِنْدِيل لشطف حُبَيْبَاتٌ الْعَرَقُ مِنْ جَبِينِ السَّعَادَة الَّذِي يَشِي بحفلة النُّورُ عَلَى شواطئ الْقَرْيَةِ الَّتِي تحتضن الْيَابِسَةِ فِي آذَار مِنْ كُلِّ سَنَةٍ . . نَمَاء الرَّبِيع أُسْدِلَ السِّتارُ عَن عواصف الْبَرْد الَّتِي تَهَاجَم الْأَرْض لتقصف الْأَشْجَار وتغبر الْقَرْيَة بحبيبات الرِّمَال والأتربة وَتُلْبَس الْأَرْض كَنْزَة الْوَحْل ، وَالْبَرَد الَّذِي يُمِيت الْعِظَام، فَهَذَا مَا يُثِير القَلَق مِنْ الشِّتَاءِ ، فَلَا أَضْمَر عَلَيْكُم بِأَنَّه أيضاً فَصْلٌ الْعَطَاء ف لَوْلَا الشِّتَاءِ لِمَا رَأَيْنَا الطُّرُق تَرْقُص بِطَرَب عَلَى إيقَاعِ السُّرُور فَاتِحَة ذِرَاعَيْهَا لتحتضن الرَّبِيع بحنو مشيحه بفكرها فِي اِقْتِضَابٌ لخرائط الْإِنْس الَّتِي تَنْتَظِرُهَا عَلَى نَاصِيَةِ الْأَمَل ، وفتاة النُّورِ الَّتِي تَقِفُ عَلَى الْجِبَالِ المطرزة بالوشاح الْوَرْدِيّ وَالْأَخْضَر ، منشغلة بَلِي خصلاتها المتعرجة وَتَضَع أَكَالِيل الْيَاسَمِين عَلَيْهَا ، بِثَوْبِهَا النرجسي بشياكة مِنْ خُيُوطِ التَّفَاؤُل . . !
قَرَعْت أَبْوَاب الشِّوَاء طبولها فِي بَسَاتِينَ الطَّهَارَة ل يَمْتَزِج بأكسجين السَّعَادَةِ عَلَى مَتْنِ سَمَاء الرِّيف ، رَوَائِح شَهِيَّة تَبَرِّي الْوَصَب بمسكنات الشَّغَف لتلتهم الطَّعَام بمعدة الِاشْتِيَاق ورذاذ التَّرْحِيب، أَمْضَت العائلات جَلّ يَوْمِهَا عَلَى شواطئ الْقَرْيَة وبالبساتين الْخُضْرَة ، لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ شيئاً سَمْجٌ لحجب رَغْبَتُهُم بالمكوث ، بَل سيأتون بَيْنَ الفِينَةِ وَالْأُخْرَى للاستجمام بالمناظر الْخَلَّابَة لترسم اِبْتِسَامَةٌ الْفَرَح عَلَى الشِّفَاه وبواعث الطُّمَأْنِينَة الَّتِي تتسلل إلَى الْقَلْبِ خِلْسَة . . !
دَقَّت سَاعَة الْمَسَاء عَلَى عَجَّل ، وَأَرْخَى اللَّيْل سدوله عَلَى الْقَرْيَةِ الحالمة ، تأزّرت السَّمَاء بالزي الْمُزَيِّن بالبدر فِي كَبِدِهَا وَالنُّجُوم الَّتِي تُضِيء الْأَفْئِدَة بِنُور الوِئَام ، فِي لَيْلَةٍ صَافِيَة يحوّم عَلَى الْمَكَانِ فاعية قَهْوَة تَشَيُّء بِتَفَكُّر الْعَبْد باللوحة الفَنِّيَّة الَّتِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ ليسبح لِلَّهِ فِي الْعَشِيّ وَالْإِبْكَار .