06-04-2020 01:22 PM
بقلم : د. سعود فلاح الحربي
لعل من المفيد ابتداءً، ان نفرق بين حالتين من حالات الدفاع اشارت اليهما المادتين 124، 125 من الدستور، فالحالة الاولى توقف القوانين العادية ويكون قانون الدفاع المفعّل في مكان الصدارة على كافة القوانين العادية باستثناء الدستور، اما الحالة الثانية الواردة في المادة 125 وهي حالة اعلان الاحكام العرفية وهي اشد وطئاً من الحالة الاولى تعطل فيها كافة القوانين بما فيها الدستور، وتدار الدولة اثناءها بتعليمات الاحكام العرفية التي تصدر من جانب الملك.
لا يخفى على احد ضراوة وباء كورونا والاثار السلبية التي سيرتبها لا سيما الاقتصادية منها، وفي مواجهة ذلك يملك الملك خيارات دستورية لا سيما فيما يخص العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفذية من جانب، والحياة السياسية والاقتصادية من جانب اخر. وسنتناول تلك الخيارات ولعل اولاها ما نواكبه الان من تفعيل لقانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 اما باقي الخيارات التي يملكها الملك فهي على النحو الاتي:
الخيار الاول: قبل الحديث عن الخيار الاول لا بد ان نشير الى انه ومن المعلوم ان مجلس النواب تنتهي ولايته التشريعية في 20 9 2020، وهذا يعني اجراء الانتخابات النيابية قبل اربعة اشهر من هذا التاريخ حسب ما اشارت اليه المادة 68 بند 2 من الدستور، وبذلك يكون الخيار الاول هو امتناع الملك عن اصدار امره باجراء انتخابات نيابية بسبب الظرف الصحي الطارئ، وهذا مؤداه الى ان يبقى مجلس النواب الحالي قائماً الى ان يتم انتخاب مجلس جديد حسب ما اشار اليه البند ذاته من المادة ذاتها من الدستور.
الخيار الثاني: دعوة الملك لاجراء انتخابات نيابية قبل 20 9 2020 باربعة اشهر، بحسب ما اورده البند 1 من المادة 34 من الدستور، وهذا برأيي مستبعد في ظل الظروف التي يفرضها وباء كرونا.
الخيار الثالث: تمديد مجلس النواب لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سنتين وهذا الخيار برأيي مرجح اذا ما تمت السيطرة على تفشي الوباء من قبل الحكومة. مادة 68/1 من الدستور.
الخيار الرابع: حل مجلس النواب الا ان لهذا الخيار اثر مؤقت، اذ يجب ان تجرى الانتخابات بعد اربعة اشهر من تاريخ الحل، وهذا ممكن ان اراد صاحب القرار دفع السلطة التشريعية مؤقتا لا سيما في ظل ارتكاب بعض افرادها خروقات لقانون الدفاع، لكن الظرف الصحي كما اشرنا سابقاً يفرض عدم وجود اي اجتماع موسع في القريب المنظور، وهذا ايضا مرهون بارادة صاحب القرار، فاذا تكشف له عدم امكانية اجراء الانتخابات فانه لا يتخذ مثل هذا القرار خصوصا في ظل وجود تفاهمات مع السلطة التشريعية بافساح المجال للسلطة التنفيذية بمواصلة عملها بمكافحة الوباء، وفي حال عدم اجراء الانتخاب خلال الاربعة شهور من تاريخ الحل وهذا متوقع، يجتمع المجلس القديم ويستعيد كامل سلطاته الدستورية كأن الحل لم يكن (مادة 73 من الدستور) ومن نتائج هذا الخيار استقالة الحكومة خلال اسبوع من تاريخ الحل ولا يجوز تكليف رئيسها للحكومة التي تليها. (ماده 74/ 2 من الدستور).
الخيار الخامس: اعلان الاحكام العرفية : (المادة 125 من الدستور) وهذه الحالة يتم اللجوء اليها في حال عدم كفاية الاجراءات والتدابير المتخذة في ظل قانون الدفاع، وهنا يوقف العمل بالمنظومة القانونية العادية بما فيها الدستور، وتحدد التعليمات التي يصدرها الملك الاليات والاشخاص الذين سينفذون ويديرون الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكافة مناحي الحياة في الدولة، مع ملاحظة ان المسؤولية القانونية للاشخاص القائمين على التنفيذ تبقى قائمة وليسو بمنأى عنها.
وختاماً نقول، ان كل هذا الخيارات قائمة، بحسب ما تفرضه شراسة الوباء. حمى الله الاردن وحفظ قيادته على طاعته، وحمى الله الشعب والارض والعرض وسائر بلاد العالمين.
د. سعود فلاح الحربي
استاذ القانون الاداري والدستوري المساعد